د.أسامة السعيد
د.أسامة السعيد


خارج النص

أردوغان.. الأعور

د. أسامة السعيد

الإثنين، 13 يناير 2020 - 08:41 م

أخطر أنواع المطامع هى تلك التى تستند إلى التاريخ، فآلاف المسلمين فى البلقان دفعوا من دمائهم ثمن أطماع الصرب المصبوغة بالتاريخ، وأوروبا تعرضت لأفدح عمليات التدمير والتخريب خلال الحربين العالميتين لتصفية حسابات التاريخ، والهند وباكستان لا تعرفان حتى الآن سلاما مستقرا لأنهما لم تستطيعا نسيان التاريخ، ولبنان يعيش فوق برميل بارود دائم لأن  فصائله وطوائفه لا يمكنها إلى اليوم الاتفاق على وضع كتاب للتاريخ.
ومن يفتح صفحات التاريخ يمكن أن يجد بينها الكثير من الذرائع لتبرير أطماعه، وهكذا يفعل «بهلول اسطنبول» إردوغان، عندما يحاول أن يدارى أطماعه التوسعية على حساب الأراضى والدماء العربية بالحديث عن التاريخ، وآخرها تبريره لتدخله الاستعمارى فى ليبيا بالإشارة إلى أنها كانت ولاية عثمانية وأن لتركيا حقوقا تاريخية فى تلك الولاية!
وهذا مثال واضح وفاضح على القراءة المختلة للتاريخ من جانب سلطان أعور لا يرى إلا بعين أطماعه، ولا ينظر إلا من زاوية مصالحه، وإذا كان ذلك «السلطان الأعور» يريد تصحيح أخطاء التاريخ، فعليه أن يحرر فلسطين التى كانت تحت السيادة العثمانية عندما فرض عليها البريطانيون الانتداب ليسهلوا بعد ذلك اغتصابها من جانب الصهاينة، أليس ذلك أولى وأحق، أم أن السلطان الأعور يدرك جيدا أن إغضاب أصدقائه الإسرائيليين سيكون ثمنه فادحا، وأن غروره وعنجهيته لن تنفعه فى تلك المواجهة؟!
وإذا أراد «السلطان الأعور» مزيدا من التقليب فى صفحات التاريخ، فليعترف بالمذابح التى ارتكبها أجداده بحق الأرمن، وليعد لهم الأراضى والممتلكات التى سرقها العثمانيون وبخاصة فى الأناضول الشرقي، وهى الأراضى التى كانت تابعة لجورجيا واستولى عليها الأتراك فى عشرينيات القرن الماضى قبل أن تتفكك خلافتهم.
الحقيقة أن كتاب التاريخ العثمانى والتركى فى المنطقة كتاب أسود حافل بالجرائم والأخطاء، وها هو السلطان الأعور يضيف إليه المزيد من الخطايا، مرة بأطماعه، ومرات بإحيائه للماضى البغيض.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة