جانب من المصالحة
جانب من المصالحة


راح ضحيته 17 شخصا.. نهاية صراع الـ«50 قرش» في قنا

أبو المعارف الحفناوي

الثلاثاء، 14 يناير 2020 - 08:21 ص

هنا فقدت الزوجة زوجها، والابن والده، والأسرة عائلها الوحيد، كر وفر بين العائلتين، تحوّلت القرية إلى خراب، وترك أفراد العائلتين القرية، وهربوا إلى الزراعات والقرى الأخرى، فرصاصات الثأر لم تعفو عن كبير ولا صغير أو حتى امرأة، فالنساء ترملت والأطفال أصبحوا يتامى، ومتهمين عاقبتهم المحكمة بالإعدام والمؤبد على ارتكاب جرائم القتل في هذه الخصومة.

قرابة 5 آلاف مواطن، كانوا يعيشون هنا في قرية كوم هتيم التابعة لمركز أبوتشت، شمالي قنا، في هدوء وأخوة كغيرها من قرى الصعيد، يود بعضهم بعضًا في المناسبات العامة والخاصة، حتى تحولت في ثانية بسبب خلافات على 50 قرًشًا إضافية في كارت شحن، إلى صراع استمر طويلًا حصد 17 ضحية في الخصومة الأشهر في قنا، بين عائلتي الطوايل والغنايم.

بدأت أحداث الخصومة في 2004، عندما حدثت مشادات كلامية بين أفراد من عائلتي "الطوايل والغنايم"، بقرية كوم هتيم بسبب لهو الأطفال وخلافات مادية عبارى عن خمسون قرشًا، إضافية في كارت شحن، راح ضحيتها قتيلًا بعد إصابته بشوم.

تدخلت لجنة المصالحات والقيادات الشعبية، في اقناع العائلتين بالصلح، وبالفعل بعد غضون عامين، انتهت الخصومة بالصلح بعد تقديم القودة لأهل المجني عليه.

عادت القرية لطبيعتها، وتعايش أبناء العائلتين مع بعضهم البعض، لمدة قاربت الـ 6 سنوات، إلا أن خلافات على أولوية ركوب سيارة أجرة، جدد ذلك الخصومة بين العائلتين، وبدأ سلسال الدم، بين العائلتين، حتى وصل 17 قتيلًا، منهم 6 في يوم واحد في 12 أغسطس 2016، وهو اليوم الذي وصفته الدوائر الأمنية والشعبية بـ " المشؤوم"، كما وصفت هذه الدوائر الوضع القائم بالقرية بـ"الكارثة".

حاول رجال لجان المصالحات والقيادات الأمنية والشعبية، التدخل لحل الأزمة، وبعد محاولات كثيرة كانت صعبة بسبب رفض العائلتين الصلح، كُللت هذه الجهود بالصلح، بين أفراد العائلتين، في صلح خيم عليه التواجد الأمني المكثف.

حضر مراسم الصلح ، اللواءان أشرف الداودي ،محافظ قنا ، وشريف عبد الحميد، مدير أمن قنا ، والدكتور عباس شومان، موفد مشيخة الأزهر ، وأعضاء مجلس النواب ، وعمد ومشايخ البلاد، و قرابة 7 آلاف مواطن من مختلف محافظات الصعيد.

ومن أبرز مشاهد انهاء الخصومة، عدم تقديم " القودة"، بعد اقناع الطرفين بالصلح، والتعهد أمام الجميع وترديد القسم، بعدم العودة إلى ما كانوا عليه في الماضي، وأن يتقبلوا العزاء في الضحايا.

وخلال الصلح تبادل طرفي الخصومة التصافح والعناق مرددين قسم العفو والصلح وإنهاء النزاع فيما بينهما وعدم العودة للخصومة مجددا وسط صيحات الحضور ابتهاجا بإتمام عملية الصلح وتراضي الطرفين وطي صفحة خلاف دام لسنوات بينهم مُعلنين بذلك انهاء أكبر خصومة ثأرية بمحافظة قنا خلال العقدين الماضيين .

وقال محافظ قنا، إن هذه الخصومة هي الأكبر في قنا، داعيًا كافة العائلات المتخاصمة الأخرى، بقبول الصلح بينهما، داعيًا  إلى ضرورة تكاتف جميع الجهود الشعبية والأمنية والتنفيذية لإنهاء الخصومات الثأرية بنهاية 2022 والحد من وقوع خلافات جديدة للمساهمة  في تنفيذ الخطط التنموية والخدمية التي وضعتها الدولة في كافة المجالات الاجتماعية والاقتصادية.

وقدم مدير أمن قنا شكره لأبناء العائلتين لنبذهم الخلافات وإتباعهم لتعاليم الدين الإسلامي السمحة التي تدعو إلى العفو والتسامح والصفح لتعم بين الناس المحبة ولينعموا بالعيش تحت مظلة الأمن والأمان كما قدم الشكر والتحية لكل من شارك في إنجاح هذا الصلح ، مضيفا أن مديرية أمن قنا هدفها الأول هو تحقيق امن المواطن القنائي وفى سبيل ذلك فإن المديرية تولى اهتماما كبيرا لملف الخصومات الثأرية وتعمل وفق خطة متكاملة بالتعاون مع المحافظة وأعضاء لجان المصالحات والقيادات الشعبية لإنهاء كافة الخلافات للوصول نحو قنا خالية من الخصومات الثأرية

وأكد وكيل الأزهر الشريف الأسبق أن الصلح  انتصار على وساوس الشيطان مقدما التحية للعائلتين على عودة الأمن والسلام والمحبة ونقل تحية فضيلة الإمام الأكبر فضيلة الشيخ أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، إلى العائلتين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة