علاء عبدالوهاب
علاء عبدالوهاب


يوميات الأخبار

سباحة فى نهر العمر

علاء عبدالوهاب

الثلاثاء، 14 يناير 2020 - 07:37 م

 

لن يكون ٢٠٢٠ أفضل أو أسوأ بالتمنى أو غياب التفاؤل، وإنما بالعزم والتصميم، وقبول التحدى، والمخاطرة المحسوبة، يصدق ذلك على الأفراد، كما الشعوب.

فجر أول يناير ٢٠٢٠:
يتدفق العمر- تماماً- كالنهر.
ورغم جاذبية بعض الأعوام مثل ٢٠٢٠، فإن التكوين الرقمى اللطيف لايعني- بذاته- أن ثمة تغيرا ايجابيا- بالضرورة- أو سلبياً  كما لانود، سوف يأتى بين طيات العام الجديد!
الدقائق، والساعات، والأيام شأنها كقطرات، ثم دفقات، وموجات تشكل حياة النهر، وحيادية المياه تشبه حياد الزمن، فنحن من يستخدم المياه، ونحن من نوظف أيام العمر.
الأفراد كالشعوب، فهناك من يستثمر الوقت بما يجعله ينتقل للأفضل، وآخر يهدره وربما لايدرك  أنه يسئ، لأثمن ما يملك، تماما كالفارق بين شعبين منّ الله على كليهما بأنهار وينابيع، فهذا شعب لايدع نقطة مياه تمضى دون أن يوجهها بما يفيد، وشعب آخر تمر أمواج النهر لتصب فى بحر أوجاج، ولاتعود أبداً، فلا أحد يستحم فى نفس النهر مرتين إلا واهم!
الدقيقة التى تمضى لاتعود، والندم عليها لايفيد، بالعكس فإنه يجلب التعاسة، وحتى لانقع فى دائرتها، على المرء أن يتعلم كيف يدير الوقت لإنجاز ما يطمح لإنجازه، ويتطلع لبلوغه، فالحلم وحده لايكفى، دون تحديد طريق واضح لتحقيقه، ولاسبيل لذلك إلا باكتساب معارف ومهارات دونها يكون الانسان أسير دائرة مفرغة حتى ينفد رصيده من السنين!
من ينجح يُثمن عامه بالمثمر، ومن يفشل لعيب أو علة فيه يتهم الزمن بالقسوة، أو بسوء الحظ، بينما يصنع الإنسان حظه بيده وعقله وعرقه ومثابرته وإصراره وإرادته، ومن يخلو قاموسه منها يعود دائماً صفر اليدين.
لن يكون ٢٠٢٠ أفضل أو أسوأ بالتمنى أو غياب التفاؤل، وإنما بالعزم والتصميم، وقبول التحدى، والمخاطرة المحسوبة. يصدق ذلك على الأفراد، كما الشعوب، بعيداً عن انصراف أنظار كثيرين إلى جاذبية الأرقام الصفرية أو التطير من نهاية عقد، وبداية آخر.
فى حساب كل منا - والأعمار بيد الخالق وحده - ٣٦٥ يوماً يتم إضافتها إلى رصيده ببنك العمر، ولابد أن ينفض المرء الاحساس الذى يسيطر على العديدين بأنه لايملك الوقت الكافى لإنجاز ما يريد، ربما لايعرف -بالأساس- ماذا يريد، ويكتفى بالجرى فى المحل أو التحرك للخلف، ثم يعيب الزمن والعيب فيه!
لعل أهم ما تبدأ به عامك الجديد ألا تكتفى بالاعتقاد أن لديك وقتاً لإنجاز ما تريد فقط، ولكن بامتلاك أولويات وآليات محددة للإنجاز.
آفة الجهل المحترف!
الاربعاء ٨ يناير:
فى هدوء رحل د.فؤاد عبدالمنعم رياض، أحد أعلام مصر - والعالم- فى القانون الدولى، لكن لم يسلم العالم الجليل من آفة الإعلام غير المحترف، مرتين!
الأولى عندما غاب خبر رحيله عن كل المنصات تقريباً، والثانية فيما تصور كاتب الخبر الوحيد أنه أبرز ما  فى الـ«C.V» الخاص بالدكتور رياض، نسبته للشهيد العظيم الفريق عبدالمنعم رياض، باعتباره نجله!
قيمة د.رياض، وقامة الفريق رياض لاتحتملان أداء الهواة فى المهنة فهل نلوم زلات العامة؟!
ثمة جهل عميق لف سيرة رجلين عظيمان، فإذا كانت المعلومة لم تسعف المحرر، فأين الاحتكام للمنطق؟
الفارق بين عمر «الرياضين» أقل من عشرة أعوام، فهل يكفى ذلك لأن يكون الرابط بينما علاقة أبوة وبنوة؟
لا أحد راجع أو دقق المعلومة، وهذه المرحلة فى الإعلام ضرورية عند أى حديث عن «الإعلام المحترف»، ويمكن مد الخط أميالاً لرصد خطايا بلاحصر على المستوى المعلوماتى، قد يسئ فى أحوال كثيرة لأشخاص، ويشوه أحداثاً، ويدعو لفقد مصداقية الوسيلة الإعلامية و..و...
القضية ليست د.رياض والفريق رياض، فأى الرجلين يشرفهما أن ينتسب أحدهما للآخر، ولكن بحق، لا عن جهل.
يحضرنى مثال يزيد المرء حزناً، ففى الاختبار الشفهى، والمقابلة الشخصية لاختيار الأفضل من بين المتقدمين لشغل وظائف فى مؤسسات مهمة، عندما تسأل اللجنة المتقدم عن من هو عبدالمنعم رياض؟ يكون الرد - للأسف الشديد- أنه صاحب التمثال فى الميدان الذى تشغله محطة للباصات العامة بوسط القاهرة!
ثم يأتى الجهل المحترف ليعمق إهانة التاريخ ورموزه!
لو أن وظيفة المدقق المعلوماتى مازالت مدرجة بهياكل أى منظومة إعلامية أو صحفية، ما كان لهذا الخطأ المأساوى أن يقع، إذ يكفى أن يستدعى المدقق فى ثوان السيرة الشخصية للفريق رياض ليعلم إنه كان راهباً فى محراب العسكرية المصرية، وإنه ولد فى اكتوبر ١٩١٩، أى أن عمره الآن مائة عام، ولايمكن أن ينجب ابناً فى الثانية والتسعين من عمره.
رحم الله الرجلين، وغفر لمن أساء بجهله لهما، ويبقى أن الفريق رياض كان أحد أساطير العسكرية المصرية المعاصرة، وأن د. رياض كان من اساطين القانون عامة، والقانون الدولى عالمياً على وجه الخصوص.
حلم المليار شجرة
السبت ٤ يناير:
أعشق كل أخضر.
يمثل لى ما هو أكثر من مجرد لون ينشر الطمأنينة فى المحيط، أو يبعث الراحة للعين، أو يبث الأمل فى النفس.
أحب الأخضر فى جميع أحوالى، روحاتى وغدواتى، فى حلى وترحالى، للزرع، لاسيما الأشجار حظوة عندى، فالنظر إليها - بحد ذاته - متعة لا تعدلها متعة.
................................
هذا الصباح قرأت خبراً عن تخطيط علماء كنديين لزراعة مليار شجرة فى بلدهم، باستخدام طائرة «درون».. لا أخفيكم سراً إن قلت إن الخبر أثار غيرتى بلاحدود!
المفارقة أنه أسعدنى -أيضاً- محو السمعة السيئة للطائرة المسيرة التى تخطف الأرواح، ثمة جديد، إنها تنشئ حياة.
قلت لنفسي: لماذا لا نحلم فى بر مصر حلم المليار شجرة؟ لماذا لا نستعين بـ «الدرون» لنشر اللون الأخضر فى طول الوطن وعرضه؟
هناك استأنسوا تقنية كانت للدمار، وأصبح لها القدرة على تحديد أفضل مناطق لزراعة الأشجار، والمثير للإعجاب أفصح عن إمكانية غرس مائة الف شجرة فى اليوم!
إتباع هذا الأسلوب المبتكر اثبت أنه اسرع عشرات مرات، وأقل كلفة بنسبة الخمس من الأسلوب المعتاد، ثم إن زراعة الاشجار الاسرع والأرخص - من غيرها- لامتصاص ثانى اكسد الكربون الذى يخنقنا اينما تنفسنا فى ظل معدلات تلوث متصاعدة.
«الدرون» مدهشة، إذ تقوم بكل المهام من الألف إلى الياء، تغرس الشتلات، وتمد الأشجار بالأسمدة والمواد المغذية، وتراقب عملية النمو، انها تستطيع - أيضاً- أن تصنع الحياة.
أتصور أن تتحمس وزارتا البيئة والتنمية المحلية، وعدد من المحافظين الذين يشاركوننى حب اللون الأخضر، ويسعون لمناخ نقى، إلى الاستفادة من الفكرة سريعاً.
حلم المليار شجرة يمكن تحقيقه لو توافرت «إرادة خضراء» لدى من يهمهم الأمر فى المحروسة.
 خدمة العملاء «فى الباى باى»!
مساء الأحد ١٢ يناير:
مع التجاوز، يمكن القبول باعتذار الرسالة المسجلة فى الكثير من المؤسسات عن عدم رد ممثلى خدمة العملاء، لكن عندما يتعلق الأمر بصحة الناس، أو بدقة بحياتهم فإن أى مبرر أو عذر لايستطيع عاقل قبوله.
بعض المستشفيات، وعلى مدار الساعة، وأىا كانت طبيعة الخدمة التى تطلب التواصل معها، يقرع أذنك هذا الرد:
«جميع ممثلى خدمة العملاء مشغولون.. برجاء الانتظار»!
وليس عليك إلا أن تنتظر بلا طائل، أو أمل فى رد.
جرب الاتصال أى عدد من المرات سيكون من حظك ونصيبك الرد الممل ذاته، وقد يكون الثمن حياة عزيز لديك.
يستوى فى ذلك، الطوارئ، العيادات الخارجية، معمل التحاليل، الأشعة،....،....، اضغط ماشئت من أرقام لن تجد سوى نفس الرسالة! راهن على أى تغيير على مدى ساعات اليوم، لن تصادف إلا الخسارة.
المثير أن بداية الرسالة: الشكر، ثم اشارة إلى ان جميع المكالمات قد تكون مسجلة، وهنا مربط الفرس.
ألم يجرب أى مسئول أن يقوم بدور المتصل؟
ألم تكشف المكالمات المسجلة، ولو بأسلوب العينة العشوائية، أن الرد عزيز، وأن الأصل فى الخدمة عدم الرد؟
إلى متى تظل خدمة العملاء «فى الباى باي»، وقد يكون الثمن حياة من يحاول الاستغاثة بأقرب مستشفى، فلايجد إلا الصدود غير الجميل؟!
ومضات
> ماذا يفيد إذا اكتشف الانسان أن الحياة تستحق أن يعيشها لحظة النهاية؟
> من يجيد الحديث عن العواطف، قد يصعب عليه بثها، أو الإحساس بها!
> فى العلاقة المحترمة لابد أن يسبق التجاوب، تفهم.
> أهم من الإحساس بالمسئولية، السعى لإتقانها.
> الفرصة الأخيرة قد لاتكون كذلك، ربما تلد فُرصاً غير متوقعة!
> الموت الصاخب يمنح الراحل عمراً إضافياً!
> لعل استراحة المحارب، لا تكون نهاية مطاف أو ختام رحلة.
> جدران الصمت تحجب الحقيقة أحياناً، لكن لاتمنع ظهورها للأبد.
> السعادة الحقة فرصة تُغتنم، لامنحة تهبط من حيث لاتدري.
> تهكم الأصدقاء لايختلف فى جوهره عن سخرية الخصوم!
> إحتلال الهوية أخطر من إنتهاك الأرض.
> القدرة على صناعة الفارق تتوج صاحبها بغير تاج!
> المبالغة فى تعظيم الذات، يفضح القزم الساكن فى الأعماق!
> هناك من لا يجيد نظم الشعر، لكنه يقطع مشواره كقصيدة طويلة.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة