د.ليلى الغلبان
د.ليلى الغلبان


يوميات الأخبار

عندما تزهر الحياة مرتين

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 19 يناير 2020 - 07:38 م

د.ليلى الغلبان

ان فاتك قطار إبداع العشرينيات فلا بأس. سيكون فى انتظارك القطار القادم عندما تبلغ الخمسين وما بعدها.

مارك زوكربيج، بابلو بيكاسو، بيتهوفن، آينشتاين، وغيرهم ممن أضاء مصباح الإبداع عقولهم وضربتهم تلك اللحظة الإبداعية الفارقة لتضرم النار فى سن صغيرة فى صدر شبابهم لتحيلهم إلى أيقونات خالدة يتجاوز وهج إبداعها الزمان والمكان لتغير حياتهم وحياة البشر جميعا، هل تود أن تكون مثلهم ولكن فاتتك الفرصة وتهاوت أوراق العمر لتستقر على رصيف الحياة تطويها الأقدار؟ لا داعى للقلق ولا تشكك فى قدراتك فسوف يطرق الإبداع بابك من الآن فصاعدا. هذا ما توصلت إليه دراسة أجريت مؤخرا فى جامعة أوهايو الأمريكية على الحاصلين على جوائز نوبل. وانتهت إلى أن الإبداع يصل ذروة الوهج مرتين الأولى فى العشرينيات من العمر والثانية فى الخمسينات وما بعدها.
فإن فاتك قطار إبداع العشرينيات فلا بأس. سيكون فى انتظارك القطار القادم عندما تبلغ الخمسين وما بعدها.
ولكن ما الإبداع؟
سؤال محير ولكن يمكن القول بأنه القدرة على التفكير خارج الصندوق وإنتاج أفكار وأعمال تتسم بالجدة والأصالة. وقد ولدنا جميعا مبدعين. وليس هناك حد زمنى ينتهى عنده الإبداع وسيظل هناك متسع من العمر تنطلق فيه آهات الإعجاب من أفكار متمردة قد تجود بها قرائحنا وتتفتق عنها أذهاننا فى أى وقت من الأوقات طالما كانت لدينا العزيمة والشغف بما نحب ومن نحب.
وفى لقاء مع أسطورة هوليوود داستن هوفمان والذى سطع اسمه فى سن كبيرة بعد مشوار طويل من التمثيل، قال إنه كان سيظل يمثل سواء أدركته الشهرة أم لم تدركه، كان سيستمر فى التمثيل لشغفه به دون اعتبارات أخرى، إذن أنه الشغف بما نحب.-
مهمة عاجلة
تنطلق الأخبار عبر وسائل التواصل الاجتماعى بأسرع من النار فى الهشيم، رسائل تحذر أهل البلدة فى الهند من عصابة تخطف الأطفال، يندفع الجميع بعقلية القطيع للبحث عن أولئك المجرمين، يلاحقون ثمانية منهم ويفتكون بهم، وبعد ذلك تصدر الشرطة بيانا أن المجنى عليهم أبرياء راحوا ضحية شائعة...
يتكرر الأمر فى إحدى مدن المكسيك وبذات السيناريو.. يلاحق المشتبه فيهما وتضرم النار فيهما أحياء أمام قسم الشرطة.. هاتان الواقعتان تؤكدان على خطورة الشائعات على السلام الاجتماعى والاقتصاد والأمن القومى. إننا بحاجة لنتعلم التحرى والتريث، والتفريق بين الرأى والمعلومة أو الحقيقة والتدقيق فى صحة الخبر ومعرفة مصدره وكيف صيغ الخبر ولماذا صيغ على هذا النحو بالتحديد؟ تلك هى الأسئلة الكبرى التى يجب أن نطرحها.
إن الإعلام بكافة أشكاله لا يهدف بالضرورة إلى إعلام الناس أو الترفيه عنهم فى المقام الأول وإنما إلى الربح المادى والمعنوى وبسط نفوذه وتأثيره. وهو يمتلكنا تماما.
ودعنى أسأل القارئ الكريم ما أول ما تفعله بمجرد أن تستيقظ؟ كم ساعة تقضيها فى تصفح المواقع والتجول بين المنصات والمنتديات ومتابعة الرسائل النصية القصيرة والبريد الإلكترونى الخاص بك؟ إننا نقضى طوال اليوم وقد وقعنا رهن الاعتقال أو الاختطاف من وسائل الإعلام المدججة بالأسلحة التأثيرية النافذة، طائعين مستمتعين ولا نستطع الفكاك إلا بجهد جهيد: فيديوهات، أفلام، ألعاب، موسيقى، إعلانات، الخ. نخرج خارج البيت فنجد فيضانا يغمرنا من الملصقات واللافتات، الشاشات المثبتة والمتحركة. وحتى إذا ما توقفنا فى إشارة مرور فنجد من يلقى بمواد إعلانية داخل سياراتنا. كيف يمكننا أن نميز بين الغث والثمين أمام سونامى الإعلام الذى يعصف بنا؟ كيف نحمى عقولنا من الوقوع فى براثن الكثير من الزيف والتضليل وعدم المصداقية؟ كيف يمكننا أن نربى بداخلنا القدرة على تحليل ونقد المحتوى الإعلامى والحصول على وجبة إعلامية صحية؟
يأتى المصريون فى المركز السادس عالميا فى متوسط عدد الساعات التى ينفقونها على وسائل التواصل الاجتماعى والتى تصل فى المتوسط إلى ثلاث ساعات وتسع دقائق يوميا، وفى المركز الرابع عشر فى الزيادة السنوية فى أعداد مستخدمى الفيسبوك كما تبين أن الرياضة والألعاب والأغانى والأفلام والترجمة وحالة الطقس تعد من أكثر الموضوعات بحثا على جوجل فى مصر. فيما أوردت بعض الصحف انعدام شهية المصريين فى استخدام بنك المعرفة المصرى.
ومع سونامى المعلومات والذى يتطلب حوالى 75000 سنة كى نفرغ من التعاطى مع المحتوى الإعلامى الآن، تمكن الإعلام من تغيير الرأى العام تجاه العديد من القضايا التى كانت من المحظورات وأصبح من المألوف أن نجد أصواتا لا تعبر عن التيار العام وقد منحها الإعلام بوقا ومساحة كى تروج لموضوعات خلافية أو ذات حساسية ثقافية واجتماعية خاصة. حيث تبنى الإعلام طريقة التفكيك البطيء وعلى جرعات صغيرة وبالتدريج للمحظورات الثقافية، وشيئا فشيئا يقل الرفض المجتمعى وتكتسب مزيدا من القبول والشيوع.
لقد بات من الضرورى أن تزود المجتمعات أبناءنا بالتربية أو التوعية الإعلامية اللازمة لتكوين مواطن واع وقادر على تحليل ونقد المحتوى الإعلامى وأصبح ذلك على قمة أولويات العديد من الدول، ففى الولايات المتحدة الأمريكية وكندا وغيرهما يقام سنويا أسبوع للتربية الإعلامية، كما تشرف اليونسكو على حدث مماثل، حيث يدعى كل فرد إلى الإدلاء بدلوه فى عملية التثقيف الإعلامى بغية خلق الوعى والعقلية النقدية لدى الجماهير فى التعاطى مع المحتوى الإعلامى ودمج التربية الإعلامية فى مناهج التعليم، فى كافة مراحله. وتشتمل هذه الفاعليات على العديد من الأنشطة من بينها عقد الندوات وورش العمل والتوعية داخل التجمعات السكنية وأماكن العمل والترفيه بمخاطر الزيف والتضليل والشائعات وآثارها الكارثية التى تودى بالأموال والأنفس، كما تتضمن تدريب الأطفال والشباب على إنتاج محتوى إعلامى يراعى القواعد المهنية والأخلاقية وغيرها الكثير من الفعاليات.
إن التثقيف الإعلامى للمجتمعات ولكل المراحل العمرية بات ضرورة ملحة، ولا يكاد يسلم من خطر الشائعات والتضليل أى شعب أو فئة فى العالم، ليتنا نحذو حذو هذه المجتمعات ونشرع فى إقامة بعض من هذه الفعاليات دوريا وعلى المستوى القومى.
مكان فى الطابور!
تفتق ذهن رجل أمريكى وزوجته عن فكرة للحصول على المال. فقد قررا المبيت بالليل والتخييم فى العراء ليلة البلاك فريداى، لا للتسوق والتزاحم كغيرهم ممن يقعون فى فخ البلاك فريداى السنوى طمعا فى الحصول على عروض وتنزيلات تخمد حمى الشراء المستعرة بداخلهم، والتى تفقدهم كل قدرة للتحكم بأنفسهم وتقتادهم إلى شراء أشياء قد لا يحتاجونها وبأسعار خادعة تحت تأثير ضجيج الآلة الدعائية، وإنما لحجز مكان فى الطوابير لمن لا يريد أن ينتظر، وذلك نظير خمسين دولارا.
الزوجان يمارسان هذا العمل لأول مرة ولكنها لن تكون الأخيرة فقد قررا الترويج لخدماتهما عن طريق وسائل التواصل الاجتماعى، وتجويدا للخدمة يرفض الزوجان الحصول أى مبالغ إذا لم يلق المكان المحجوز قبولا لدى العملاء!
الواقعة ليست جديدة فى مثل هذه المناسبات. وهناك شركات لهذا الغرض نظير خمسة عشر إلى عشرين دولارا.
كما أن هناك تطبيقات على الهاتف تهدف إلى مساعدة أولئك الذين ليس لديهم الوقت للوقوف فى الطوابير فى الوصول إلى من هو مستعد لحجز مكان لهم بمقابل مالى!
وقد نضيق ذرعا أحيانا بإيقاع الحياة اللاهث والتكنولوجيا الذكية التى تطاردنا فى كل مكان وماكينات الدعاية التى لا تهدأ وحيلها التى لا تتوقف، ولكن قد يكون وسط هذا الضجيج فرص عديدة وجديدة لأكل العيش كما لم تكن من قبل.. سبحان الرازق!
ما يقع إلا الشاطر
ظل يتواصل مع إيفانا وظل كل منهما يعبر عن مشاعره تجاه الآخر وبعد مرور شهرين، تبين له أنها روبوت روسى للدردشة ChaTbot إنه الأمريكى روبرت أبيشتين، وهو للمفارقة أحد الخبراء فى تطوير تلك البرامج التى بإمكانها محاكاة كلام البشر من حيث استخدام الصوت والوقفات والتنغيم وحتى العبارات المغرقة فى العامية. كان خبرا جديرا بأن يتصدر الأخبار على مدار أسبوع كامل. لقد استطاع الكمبيوتر أن يخدع هذا الخبير ويوهمه أنه إنسان. الأمر الذى حدا بجوجل أن تعلن عن اتخاذها إجراءات احترازية من شأنها ضمان ألا يقع ذلك فى المستقبل. وقالت الشركة إنه سيتم إخبار الشخص عمن يحادثه، أهو إنسان أم روبوت للدردشة!
برافو أنجلينا جولى
«المرأة القوية يشكلها رجال حولها»
هكذا قالت النجمة العالمية أنجلينا جولى تعليقا على دورها فى أحدث أفلامها، وأضافت أن السينما يجب ألا تصور الفتاة بنية جسدية كالرجل كى تبدو قوية أو أن المرأة بمقدورها الاستغناء عن الرجل وهزيمته، أو محاولة تقليده.
أضافت جولى أن تكون المرأة زوجة وأما هذا أمر جليل جدا ينم عن قوتها، فليس مطلوبا منها أن تعيش الحياة وتتصدى لرياحها وتواجه مخاطرها بنفس طريقة الرجل، بل ينبغى أن تؤدى مهامها على طريقتها الخاصة، محترمة طبيعتها النفسية والجسدية وما يعتريها، مما قد يراه البعض ضعفا فيها.
معًا إلى الأبد..
يمشى قطيع الفيلة معا فى سكينة ووقار... دفء الجماعة يسرى فى أوصال الجميع... يلتحم كل منهم بالآخر... ففى ذلك تكمن قوتهم وبقاؤهم... يلهو الصغير... وعند مسقط مائى تنزلق أقدامه... تحاول الأم إنقاذه.. تتشبث به ويتشبث بها.. الانحدار الشديد يجرفهما إلى أسفل.. يحاول فيل آخر فتنزلق أقدامه أيضا.. يندفع الباقى واحدا تلو الآخر ليستقروا فى قاع المجرى المائى ويلقى ستة منهم حتفهم. ويدخل الجميع فى نوبة حزن جماعى ذى طقوس مهيبة مدهشة. لا تتعجب عزيزى القارئ فعالم الحيوان حافل بتلك القصص وتلك الطقوس الاجتماعية الغنية الجديرة بالاحترام والتبجيل. ليتنا نتعلم منهم لتسود الرحمة والتضحية والإيثار مجتمعاتنا.
< رئيس قسم اللغة الإنجليزية بآداب كفر الشيخ

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة