مصر.. تخرج من كبوة «الربيـع الزائف»
مصر.. تخرج من كبوة «الربيـع الزائف»


ملف خاص| مصر.. تخرج من كبوة «الربيـع الزائف»

محمد قنديل- ياسمين سامي- أميرة شعبان- أسامة السعيد

الأربعاء، 22 يناير 2020 - 05:18 ص

 

- مشروعات تنموية عملاقة.. وتطور مذهل فى الاقتصاد


- إنجازات غير مسبوقة.. وأرقام قياسية فى معدلات النمو


- الاستقرار والتماسك الاجتماعى.. طوق النجاة


- العملية الشاملة «سيناء 2018» كلمة السر فى تطهير أرض الكنانة من الجماعات التكفيرية

- مصر تستعيد ريادتها الإقليمية والدولية


- «أم الدنيا».. ملاذ الباحثين عن الأمان

 

رغم أن ما يسمى بـ«الربيع العربى» قد اندلعت شرارته فى تونس، إلا ان وصول الثورات إلى مصر كان هو التحول الأكبر الذى منح تلك التغيرات أثرها فى المنطقة، فقد كانت مصر هى الهدف الأهم لمشروع إعادة تشكيل المنطقة العربية، والثمرة الأكبر التى أراد مخططو مشروع التقسيم الجديد التهامها، لكن حماية الله ورعايته لأرض الكنانة حالت دون انزلاق مصر إلى مستنقع الفوضى الذى سقطت فيه دول عديدة ابتليت بثورات «الربيع الزائف»، كما جاء صمود المصريين والدور البطولى للجيش المصرى ومساندته ثورة المصريين فى 30 يونيو 2013 ليعيد الأمور إلى نصابها، وليصحح الأمور ويوقف تمدد مشروع «التمكين الإخواني» فى المنطقة، وينقذ مصر من السقوط فى براثن الفتن الطائفية وحكم الميليشيات والتدهور الإقتصادي.


وكما غيرت إرادة المصريين التاريخ مرات عديدة، فقد استطاع المصريون أن يحولوا المحنة إلى منحة، ورغم الخسائر الكبيرة التى تكبدتها مصر اقتصادىا وأمنيا منذ 2011، إلا أنه ومع تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى لرئاسة البلاد فى 2014، بدأت مصر صفحة جديدة لتصحيح الأوضاع الاقتصادية والسياسية، وانطلق مشروع واعد للنمو وبناء مشروعات قومية عملاقة، تمهد الطريق أمام انطلاق مصر للمستقبل.
وإذا كان الاقتصاد هو حجر الزاوية فى مشروع البناء والتنمية، إلا أن تعزيز قيم الدولة المصرية ومؤسساتها المختلفة، وتحقيق الاستقرار الأمنى والاجتماعي، وترسيخ قيم المواطنة، وتجديد الخطاب الدينى وتطوير علاقات مصر الإقليمية والدولية احتلت الأولوية فى المشروع الوطنى لإعادة بناء مصر الجديدة.


السطور التالية محاولة لقراءة ما حققته مصر، والجهود التى أسهمت فى إنقاذ مصر من مصير مجهول، والخروج من كبوة ما يسمى بـ»الربيع العربى».

من نفق مظلم إلى مستقبل مشرق

تظل مصر هى الدولة الصامدة فى وجه التحديات والصعوبات التى ضربت المنطقة، من ثورات ما يسمى بالربيع العربي، بل اخذت تمضى قدماً نحو طريق التنمية بالمشروعات القومية العملاقة التى نالت اشادة العالم اجمع، واحدثت طفرة فى الاقتصاد الذى كان على وشك الانهيار.


قبل ثورة 30 يونيو تحديداً كان الاقتصاد يمر بحالة من التفكك، فقد صدر تقرير من أكبر وكالتين للتصنيفات الائتمانية وهما «ستاندرد آند بورز»، و»فيتش»، يفيد بأن مصر وصلت إلى مرحلة اقتصادية صعبة للغاية ولن تستطيع أن تسدد الديون الخارجية، وأنه على الدولة أن تعلن إفلاسها بشكل رسمي، بسبب الظروف الكارثية للاقتصاد آنذاك، ولكن نفس الوكالتين منذ فترة قصيرة أكدتا فى تقرير أن الوضع الاقتصادى فى مصر وصل إلى مرحلة متطورة وسط توقعات بمستقبل مشرق للاقتصاد المصرى فى ظل خطة الدولة للتنمية.


وبالعودة إلى ثورة يناير 2011، فقد تسببت الأحداث السياسية والأمنية، فى ضياع نحو 60 مليار دولار دخلا من الاستثمار والسياحة، كما ارتفعت معدلات البطالة لـ13.5%، وتعطل نحو 2 مليون مصرى عن العمل نتيجة غلق المصانع وتوقف السياحة.


ولكن بعد أن بدأت الدولة فى تنفيذ خطة التنمية والاصلاح الاقتصادى بعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى الحكم، اخذ الاقتصاد فى التعافى وتحقيق ارقام قياسية، فقد وصل معدل النمو الاقتصادى الآن إلى 5،6%،بعد أن كان يبلغ 2% فقط فى 2012.. كما تشير توقعات صندوق النقد الدولى بشأن آفاق الاقتصاد العالمى إلى وصول معدلات النمو للاقتصاد المصرى إلى 5،9 % خلال العام الجارى 2020.


كما ارتفع الاحتياطى النقدى الأجنبي، ليسجل رقما تاريخيا ليسجل 44.9 مليار دولار بنهاية أغسطس 2019، وتراجع عجز الموازنة العامة للدولة لـ 8.2%.


جذب الاستثمارات
وساهم فى هذا النمو الاقتصادى والتنمية اقامة عدد كبير من المشروعات الوطنية العملاقة، ففى 6 أغسطس عام 2015 افتتح الرئيس السيسى مشروع قناة السويس الجديدة والذى يأتى فى مقدمة المشروعات التى أثبتت قدرة المصريين على انجاز مشروع ضخم فى وقت قياسي وبتمويل وطنى خالص.. وهذا المشروع كان له أثر ايجابى كبير فيما يتعلق بزيادة عدد السفن، وتقليل ساعات الانتظار، وغيرها من المميزات، ليس هذا فحسب بل يكمن دور هذا المشروع الضخم فى تنشيط الحركة الاقتصادية عبر سلسلة من المشروعات ذات الصلة بالقناة الجديدة مثل تطوير نحو ستة موانئ استراتيجية هى: شرق التفريعة وبورسعيد والعريش والطور والسخنة والأدبية، فضلاً عن جذب الاستثمارات.


وأطلق الرئيس فى 30 ديسمبر 2015 إشارة البدء للمرحلة الأولى من المشروع القومى لاستصلاح وزراعة مليون ونصف المليون فدان الذى يأتى ضمن خطة شاملة لاستصلاح أربعة ملايين فدان، ويهدف هذا المشروع العملاق لتحقيق تنمية زراعية صناعية متكاملة، فضلاً عن تقليل الفجوة بين العرض والطلب من المواد الغذائية، ومن ثم تقليل الاستيراد من الخارج.. ويسهم هذا المشروع فى زيادة المساحة المأهولة بالسكان فى مصر من 6% إلى 10 %، وزيادة الرقعة الزراعية من 8 ملايين فدان إلى 9.5 مليون فدان بنسبة زيادة 20٪.


الطاقة الإنتاجية
واستمراراً للانجازات والمشروعات العملاقة، تأتى محطة الضبعة النووية، بمحافظة مرسى مطروح، والذى يتضمن إنشاء 4 مفاعلات نووية من الجيل الثالث المطور الذى يتميز بارتفاع معدلات الأمان، وانخفاض التكاليف والعمر الافتراضى الكبير الذى يصل إلى أكثر مـن 60 عاما، وتصل الطاقة الإنتاجية للمفاعل الواحد 1200 ميجاوات بإجمالى 4800 ميجاوات، وسـيتم تشغيلها طبقا لضمانات ومعايـير أمان صارمة على صعيدى البيئة والأمان النووى.. ذلك المشروع الذى تحقق بفضل الإجراءات الإيجابية والخطوات الجادة التى قام بها الرئيس من خلال التعاون المصرى الروسى فى هذا الإطار.


ومن المشروعات الهامة أيضاً العاصمة الإدارية الجديدة، التى يتم انشاؤها لتكون عاصمة عالمية وبؤرة النشاط الاقتصادي، ويعد هذا المشروع أحد أكثر مشروعات التطوير العقارى طموحاً.. كما تم افتتاح أول محطة طاقة شمسية بقدرة 50 ميجا وات بمنطقة بنبان بمحافظة أسوان، التى تعد أكبر تجمع لمحطات الطاقة الشمسية على مستوى العالم، والذى من المفترض أن يضم الموقع 40 محطة شمسية لتوليد الكهرباء، تبلغ قدرة كل محطة 50 ميجا وات.. المحطة مقامة على مساحة 250 فدانا، بتكلفة مالية تقدر بمليار جنيه، وتبلغ حجم الألواح الشمسية المستخدمة فىها نحو 200 ألف لوحة شمسية تنتج 50 ميجا وات من الطاقة النظيفة، التى تتمكن من إنارة 70 ألف منزل.


خطوة محورية
ولتطوير وتنمية سيناء تم افتتاح مشروعات عملاقة تربط سيناء بالدلتا، وتضم حوالى 12 مشروعاً تنمويًا، من ضمنها أنفاق قناة السويس، ومدينة الإسماعيلية الجديدة، وكوبرى سرابيوم العائم بالإسماعيلية، ومحطة مياه الشرب الكبرى بالإسماعيلية الجديدة، وكورنيش بحيرة الصيادين الجديد، والممشى السياحى على البحيرة وسوق الأسماك المتطور الجديد، وكوبرى الشهيد أحمد عمر شبراوى بمنطقة الشط بالسويس، ومشروع المحاور المرورية، بتكلفة 800 مليار جنيه.. وتعد مشروعات سيناء خطوة محورية تساهم فى تسهيل حركة البضائع وربطها بين شرق وغرب مدن القناة عن طريق الأنفاق مما يساعد فى جذب اهتمام المستثمرين لسيناء.


وكان للوجه القبلى نصيب فى مشروعات التطوير والتنمية، ففى 14 مايو 2017 وخلال زيارة للرئيس السيسى فى محافظة قنا، تم افتتاح عدد من المشروعات، منها استصلاح 43 ألف فدان بصحراء منطقة المراشدة بالمحافظة، والانتهاء من أعمال البنية التحتية لـ21 الف فدان بمنطقة الفرافرة فى إطار مشروع استصلاح المليون ونصف المليون فدان، فضلا عن افتتاح عدد من الشون والصوامع الحديثة لتخزين الحبوب والغلال، إضافة إلى افتتاح مشروعات تنموية وخدمية أخرى مثل كوبرى طهطا بسوهاج وكوبرى الكباش 2 بالأقصر وكوبرى نجع حمادى ومحور «جرجا» بمحافظة سوهاج.


ومن ضمن الانجازات الهامة فى طريق التنمية مشروع محور روض الفرج الذى يعد أحد أهم المشروعات القومية فى مجال المحاور الإستراتيجية، ويتكون المحور من اتجاهين عبارة عن 6 حارات مرورية وعرضه 64.5 متر، وهو ما جعله أكبر الطرق عرضاً فى العالم.. ويعتبر المحور شريانا جديدا يربط شرق القاهرة بغربها، ويصل العاصمة بالمحافظات المختلفة وصولاً إلى محافظة مطروح.


الانجازات الكبيرة
وتواصلت الانجازات الكبيرة فى 26 نوفمبر الماضي، حيث تم إطلاق منظومة التأمين الصحى الشامل رسمياً من مدينة بورسعيد، بالإضافة إلى افتتاح عدد من المشروعات بنطاق محافظتى بورسعيد وشمال سيناء، مثل أنفاق بورسعيد، ومحور 30 يونيو، ومستشفى النصر التخصصى للأطفال ضمن منظومة التأمين الصحى الشامل، ومبنى المركز اللوجيستى بجمارك بورسعيد الذى يمثل المدينة الرقمية لبورسعيد، ومصنعين للأسماك وزيت الطعام.


مشروع قومى عملاق آخر افتتح فى 3 ديسمبر من العام الماضي، مدينة دمياط للأثاث التى تعد أكبر وأول مدينة متخصصة فى صناعة الأثاث، بتكلفة إنشاء وصلت إلى 207 مليارات جنيه و925 مليون جنيه للمرافق.


ومن المشروعات الضخمة فى مجال الثروة الحيوانية، يأتى مجمع الإنتاج الحيوانى المتكامل فى محافظة الفيوم، والذى يهدف لتقليل الفجوة الغذائية فى البروتين الحيوانى والعمل على توفيره بالكميات والجودة والأسعار التى فى متناول المواطن، وتم افتتاح المجمع فى ديسمبر الماضى على مساحة 450 فداناً.. فضلاً عن المشروع القومى للصوب الزراعية لقاعدة محمد نجيب العسكرية، والذى يهدف إلى إنشاء مجتمعات زراعية متكاملة.

تجديد الخطاب الدينى ومواجهة الشائعات حصون فعالة لضرب «طيور الظلام»

ربما لا توجد عبارة متكررة فى كل أحاديث الرئيس عبد الفتاح السيسى ورسائله إلى الشعب المصرى أكثر من التأكيد على ضرورة وحدة المصريين وتماسكهم فى مواجهة التحديات، فهذا التماسك هو الحصن الأقوى لمواجهة كل محاولات النيل من صمود الدولة المصرية، وصمام الأمان الحقيقى فى مواجهة أعتى الأزمات.


والحقيقة أن ذلك الإصرار من الرئيس على أن يؤكد فى كل المناسبات، وآخرها خلال تهنئته لجموع المصريين بعيد الميلاد المجيد خلال حضوره قداس العيد بكاتدرائية ميلاد المسيح بالعاصمة الإدارية الجديدة، على ضرورة تعزيز وحدة وتماسك المصريين، إنما يأتى نتيجة إدراك عميق لمجريات التاريخ والواقع، فالصراعات الداخلية والانقسامات تؤدى إلى نتائج أخطر بكثير مما يسعى إليه أعداء الوطن، بل إن تفكيك وحدة النسيج الوطنى وإشعال نار الصراعات والخلافات بين جموع المصريين، كانت دائما هى الهدف الأهم لكل خصوم الدولة المصرية وأعدائها، بداية من الاحتلال البريطاني، وصولا إلى جماعة «الإخوان» الإرهابية وأتباعها.


ورغم صعوبة التحديات التى عرفتها مصر على مدى السنوات التسع الأخيرة، إلا أن التفاف المصريين الوطنى حول قيم ومبادئ الدولة المصرية وإصرارهم على إنقاذ بلادهم من هاوية الفوضى كان هو طوق النجاة الذى مهد السبيل لثورة ٣٠ يونيو ٢٠١٣ لإنقاذ البلاد من براثن جماعة الإخوان الفاشية، ومشروعها الذى كان يعتمد على تمزيق وحدة المصريين وزرع الفتنة بين فئاتهم وطوائفهم الدينية والاجتماعية والسياسية والفكرية.


استعادة قوة الدولة
ومع قسوة الأزمات والتحديات التى واجهتها مصر منذ ٢٠١١، إلا أن الدولة المصرية سعت وبقوة وعبر العديد من الإجراءات والسياسات إلى تعزيز الاستقرار السياسى والتماسك الاجتماعى كسبيل حتمى لاستعادة قوة الدولة وإعادة بناء مصر الحديثة، وكانت بداية الإصلاح الحقيقى عقب ثورة ٣٠ يونيو، من خلال إعادة بناء مؤسسات الدولة الدستورية سواء بإصدار دستور جديد عام ٢٠١٤، وإجراء الانتخابات الرئاسية فى نفس العام، ثم إجراء الانتخابات البرلمانية، إضافة إلى احتواء نوازع الفوضى، من خلال مواجهة دعوات التظاهر والانفلات بأدوات القانون.


كما اهتمت الدولة المصرى بإعادة التأكيد - عمليا وليس من خلال الشعارات - على الثوابت الوطنية المتمثلة فى تعزيز قيم المواطنة والتسامح بين جموع المصريين، والتصدى لكل محاولات إشاعة الكراهية بين المصريين، وليس أدل على ذلك من حرص الرئيس السيسى على الحضور شخصيا إلى مقر الكاتدرائية القبطية لتقديم التهنئة لجموع المصريين مسيحيين ومسلمين بعيد الميلاد المجيد، وهو أول رئيس مصرى يحرص على هذا التقليد سنويا.


وإذا كانت قوى الفوضى والتطرف تراهن على استقطاب فئات الشباب كوقود مشتعل لإحراق الوطن بنار الفتنة وقذائف الإرهاب، فإن الدولة المصرية راهنت على اجتذاب الشباب كأداة للتعمير وطاقة هائلة للأمل وبناء المستقبل، واستطاعت الدولة المصرية الاستفادة من طاقات شبابها فى بناء المشروعات القومية الكبرى، كما وفرت لملايين الشباب فرص العمل والتأهيل العلمى والعملي، كما قدمت الدولة المصرية الكثير من المبادرات لتمكين الشباب المصرى فى مختلف مستويات إدارة الدولة، وفى مقدمة تلك المبادرات مؤتمرات الشباب الوطنية، والتى توسعت من كونها منصة فعالة للحوار بين الدولة وبين الشباب لتكون منصة عالمية فعالة من خلال المنتدى الدولى للشباب، الذى استضافته شرم الشيخ فى دورته الثالثة فى ديسمبر الماضي، بمشاركة أكثر من ٨ آلاف شخص من عشرات الدول، كما تم تقديم فرص المشاركة فى صناعة القرار للعديد من النماذج الشبابية الجادة سواء من خلال شغلهم مواقع نواب المحافظين والوزراء، أو باختيار نماذج واعدة منهم لتولى العديد من المواقع القيادية فى مؤسسات الدولة.


كما حظى ملف التماسك الاجتماعى باهتمام كبير من جانب القيادة السياسية، واحتلت قضية العدالة الاجتماعية وإعادة بناء المواطن المصرى أولوية واضحة فى رؤية الرئيس السيسي، وبخاصة خلال الفترة الرئاسية الثانية، والتى سعت لاستكمال نهج البناء والتنمية، ليس فقط من خلال تحديث قدرات المجتمع المادية وفى البنية التحتية لتوفير حياة كريمة للمواطنين، ولكن أيضا من خلال بناء الإنسان المصرى صحيا وعلميا وفكريا، فجاءت العديد من المبادرات المهمة والتى لا تزال جارية ويستفيد منها الملايين من جموع المصريين، مثل مبادرات حياة كريمة، وتكافل وكرامة، ونور حياة، والتى تستفيد منها الفئات الأقل قدرة على مواجهة تداعيات الإصلاح الاقتصادي، كما تم إطلاق أكبر مشروع لتطوير التعليم المصري، وتحديث أدواته، بحيث يشمل كل المراحل التعليمية، ولا يقتصر كما كانت العادة السابقة على الثانوية العامة.


المبادرات الرئاسية
وكان للصحة نصيب وافر من إجراءات إعادة بناء الإنسان المصري، فتم إقرار مشروع التأمين الصحى الاجتماعى الشامل، وبدأ التنفيذ فعليا فى عدد من المحافظات، إضافة إلى تنظيم العديد من المبادرات الرئاسية لتحسين الرعاية الصحية، مثل مبادرة ١٠٠ مليون صحة، وصحة المرأة، وإنهاء قوائم انتظار الجراحات بمستشفيات الدولة.


ووسط كل هذه الإجراءات لإعادة بناء قدرات الإنسان والمجتمع المصري، كانت مصر تواجه وبكل حسم خطر الإرهاب، ورغم الدور الحاسم للمواجهة العسكرية والأمنية، إلا أنه لم يتم الاقتصار على المواجهة الأمنية فقط، فقد كانت هناك العديد من الخطوات المهمة لتجديد الخطاب الديني، وحشد طاقات المجتمع للتصدى للإرهاب، ومواجهة الشائعات والأخبار الكاذبة، والتى باتت سلاحا واضحا ضد الدولة المصرية، كما تم التركيز كذلك على حرمان قوى الظلام من أية حاضنة شعبية يمكن أن تتسلل منها إلى عمق المجتمع المصري، والحفاظ على أعلى مستويات الدعم الشعبى لمؤسسات الدولة المصرية فى مواجهتها المصرية ضد قوى التطرف والإرهاب.


«الإرهاب».. يحتضر

كان الموقف الأمنى أحد أكبر التحديات التى واجهت مصر منذ 2011 وحتى الآن، وقد دفعت مصر من دماء أبنائها الكثير نتيجة محاولات التنظيمات الإرهابية وخفافيش الظلام استخدام العمليات الإجرامية وسيلة للنيل من استقرار مصر، إلا أن التضحيات البطولية لرجال الجيش والشرطة كانت حائط الصد الذى حال دون انزلاق مصر إلى حافة الهاوية، بل واستطاع خير أجناد الأرض أن يستعيدوا حالة الاستقرار والهدوء مجددا، باعتراف كل التقارير الدولية والأمنية، التى أجمعت على ان الإرهاب فى مصر فى طريقه إلى الزوال.


مئات من العمليات الإرهابية استهدفت أمن واستقرار البلاد طوال السنوات الماضية، واستوجبت تحركا كبيرا من الجهات المعنية بالدولة المصرية والتى تمكنت من إجبار الإرهاب على التراخى والتراجع، فوفقا لتقرير صادر عن الهيئة العامة للاستعلامات فقد شهد عام 2014 ما يقرب من 222 عملية إرهابية، قابلتها تحركات مختلفة استقرت منذ عامين على إطلاق «العملية الشاملة» أو «العملية سيناء 2018»، والتى نجحت خلال عام واحد فقط فى إخراج مصر من قائمة العشر دول الأولى فى الترتيب السنوى للدول الأكثر تأثرا بالإرهاب فى العالم.
فوفقا للنسخة السابعة من «مؤشر الإرهاب العالمى لعام 2019»،الصادر ديسمبر الماضى عن معهد الاقتصاد والسلام الذى يتخذ من مدينة سيدنى الأسترالية مقراً رئيسياً له، خرجت مصر خلال عام 2018 من قائمة العشر دول الأوائل تأثرا بالإرهاب بعدما كانت تحتل المرتبة التاسعة عام 2017.


معدل عالمى
أعلن مؤشر الإرهاب أن أجهزة الأمن المصرية «القوات المسلحة والشرطة» نجحت فى تحقيق أكبر معدل عالمى فى انحسار عدد ضحايا الحوادث والعمليات الإرهابية بنسبة وصلت إلى 90% خلال عام 2018 مقارنة بعام 2017.


وأرجعت نتائج المؤشر انخفاض معدلات الوفيات إلى الجهود الكبيرة للقوات المسلحة فى مواجهة الإرهاب فى سيناء، حيث انخفض نشاط العناصر التكفيرية، بشكل ملحوظ بعد العمليات الناجحة للجيش والشرطة ضد العناصر الإرهابية.


العملية سيناء
وأكد المؤشر أيضا أن عدد العمليات الإرهابية انخفض خلال عام واحد بنسبة 375.5%، فقد تهاوت عدد العمليات الإرهابية فى مصر من 169 عملية إرهابية عام 2017 إلى 45 عملية فقط فى 2018، نتيجة زيادة نشاط مكافحة التنظيمات الإرهابية فى سيناء، وتحديداً ضد العناصر التكفيرية.


كانت كلمة السر فى هذا النجاح هى «العملية الشاملة 2018» تلك الحملة العسكرية المصرية الشاملة التى استهدفت القضاء على الجماعات التكفيرية فى شمال سيناء بالكامل، فبدأت فى 9 فبراير 2018 فى شمال ووسط سيناء، ومناطق أخرى بدلتا مصر والظهير الصحراوى غرب وادى النيل بهدف إحكام السيطرة على المنافذ الخارجية.


ووفقا لتحليل صادر عن الهيئة العامة للاستعلامات فى ديسمبر 2018 فإن العملية الشاملة (سيناء 2018) أجبرت المجموعات الإرهابية على إحداث تغييرات رئيسية فى كيفية تنفيذ عملياتها الإرهابية وفى طبيعة أهدافها، وبدت عملياتها تنم عن ضعف ووهن شديدين.


فمن ناحية التنفيذ اضطرت هذه المجموعات الإرهابية فى عام 2017 إلى اللجوء للعمليات الانتحارية، مما يعطى مؤشراً على مدى النجاح الأمنى فى مواجهتهم مما دفع بهم للتضحية بأرواحهم فى سبيل عمليات تثبت فقط أنهم مازالوا موجودين، وفى عام 2018 عادت هذه التنظيمات فى عملياتها القليلة لاستخدام العبوات الناسفة ضعيفة التأثير والأثر، فضلاً عن فشلها فى تنفيذ عمليتين من العمليات الثمانى التى قامت بها فى 2018.


القيادات التنظيمية
تمكنت الدولة خلال السنوات الأخيرة من استهداف العديد من قيادات الصف الأول والثانى بتنظيم بيت المقدس «ولاية سيناء» الإرهابى منذ بدئها فى فبراير 2018، وكان أبرز نجاح لها فى هذا المجال القضاء على قائد التنظيم أبو أسامة المصرى والعديد من قيادات الصف الاول منهم خيرت سامى السبكى المسئول الادارى بتنظيم بيت المقدس، والإرهابى محمد جمال مسئول الهيئة الاعلامية للتنظيم، والإرهابى إسلام وئام مسئول جهاز الحسبة، بجانب العديد من العناصر الإرهابية بالتنظيم، وهو ما أثر بشكل مباشر على بنية التنظيم الارهابى من حيث الفاعلية والقدرة على تنفيذ عمليات ارهابية.


وتكللت تلك الجهود فى 28 مايو 2019 حين تسلمت القاهرة من قوات الجيش الليبى الإرهابى هشام على عشماوى مسعد إبراهيم، هو ضابط سابق بالجيش المصري، قام بتدبير عدد من الهجمات الإرهابية على أهداف أمنية ومؤسسات مصرية بما فى ذلك كمين الفرافرة عام 2014 واغتيال النائب العام هشام بركات عام 2015.


وفى نوفمبر الماضى قضت المحكمة العسكرية المصرية للجنايات بإعدامه شنقا، بعد إدانته فى القضية رقم 1 لسنة 2014 جنايات عسكرية المعروفة إعلاميا بقضية «الفرافرة».

 

«القاهرة تعود إلى ممارسة دورها القيادى.. والعودة لأفريقيا أكبر المكاسب»

العلاقات الخارجية المصرية تغيرت كثيرًا إلى أفضل وضع بعد 30 يونيو على الرغم انها مرت بفترة توتر كبيرة مع معظم الدول الكبرى وكذلك العربية والافريقية بعد 2011، حيث سعت الدولة المصرية إلى إعادة بناء سياستها الخارجية اعتمادا على مبادئ الندية والالتزام والاحــترام المتبادل وعدم التدخل فى الشئون الداخلية لها، وتحقيق مصالح الشعب المصرى من خلال إدارة علاقات مصر الدولية فى إطار الشراكة ودعم إرادة الشعوب ودعم الحلول السياسية السلمية للقضايا المتنازع عليها.


واتسمت السياسة المصرية خلال الحقبة الانتقالية بضرورة الاهتمام بقضية التعامل مع الارهاب والفكر المتطرف واعطائها اولوية قصوى وكذلك علاقتها المباشرة بالأزمات التى تمر بها بعض دول المنطقة مثل سوريا وليبيا، والقضايا الدولية متعددة الأطراف، وقضايا الاقتصاد و التعاون الدولى، وعلاقات مصر الخارجية على المستويين الثنائى والجماعي، خاصة بعد أن نجحت الجماعة الإرهابية فى قطع العلاقات الإستراتيجية مع سائر دول الخليج والارتماء فى أحضان قطر كأبرز داعم للإرهاب سياسيًا وتمويليًا.


وبالفعل بدأت مرحلة جنى الثمار بعد ثورة 30 يونيو نتيجة لمساعى مصر لتقوية المؤسسات الداخلية وتعاملها مع الشعب وكذلك فى صياغة السياسة الخارجية ودعم صانع القرار المصرى فى علاقاته الدولية، وكانت أول ثمار الحصاد للسياسة الخارجية التى بدأ تطبيقها فعليًا عقب تنصيب الرئيس عبد الفتاح السيسى، حصول مصر على مقعدٍ غير دائم فى مجلس الأمن خلال دورة (2016- 2017)، طبقًا لنظام التناوب على المقعد العربى بين الدول العربية من غرب أسيا وشمال إفريقيا، كما ترأست مصر لجنة مكافحة الإرهاب بالمجلس، وترأست القمة العربية، والجمع بين عضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى ورئاسة لجنة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية المعنية بتغير المناخ.


رئاسة الاتحاد الأفريقى
ارتكزت أولويات الرئاسة المصرية للاتحاد الافريقى على تحقيق التنمية الإقتصادية والإجتماعية، ومد جسور التواصل الثقافى والحضارى بين الشعوب الإفريقية، الإصلاح المؤسسى والمالى للإتحاد، تعزيز الآليات الإفريقية لإعادة الإعمار وتحقيق التنمية لمرحلة ما بعد النزاعات، حيث جاءت رئاسة مصر للإتحاد الإفريقى تتويجًا جديدًا للجهود المصرية وتوثيقا لعلاقاتها بالدول الإفريقية بشكل خاص ودول العالم بشكل عام، وانعكس ذلك بشكل قوى فى فتح آفاق لعلاقات جديدة ومتوازنة مع دول القارة، وتقديم الدعم والمساعدات على كافة الاصعدة للكثير من الدول التى انقطعت الصلات بها منذ سنوات عديدة وكذلك بعد فترة ضعفت فيها الروابط.


دعم الأشقاء العرب
منذ اندلاع أحداث الربيع العربى وعلى الرغم من قضاء مصر فترة عصيبة فلم تتوان عن دعم أشقائها العرب، خاصة بعد انقضاء حكم الإخوان فقد حرصت مصر على عودة العمل العربى المشترك كأساس لحل مشكلات المنطقة العربية، فى ظل تأكيدها على أن أمن الخليج جزء لا يتجزأ من أمنها القومى. ومن أبرز ما شاركت به مصر كجهود مشتركة مع الدول العربية «عاصفة الحزم» التى تم تنفيذها بناء على طلب من الرئيس اليمنى المعترف به عبد ربه منصور هادى.. كذلك دعم القضية الفلسطينية حيث انه ودائما ما يشدد الرئيس عبد الفتاح السيسى على أن مصر ستظل داعمة لأى جهد مخلص يضمن التوصل لحل عادل ودائم للقضية الفلسطينية، كما عملت على التوصل إلى السلام فى السودان بدون الإخلال بوحدة السودان كدولة.


حوار استراتيجى
بعد 30 يوينو زادت المساعدات الإضافية الأمريكية، كما بدأت المفاوضات الرسمية بشأن اتفاقية التجارة الحرة بين البلدين بعد تحقيق تقدم فى العلاقات التجارية فى إطار اتفاقية التجارة والاستثمار.


أما بالنسبة للعلاقات الروسية المصرية فقد شهدت طفرة هائلة بعد إهمالها لعدة سنوات، حيث تم إبرام عدد من الصفقات العسكرية التى بموجبها لم يقتصر الاعتماد المصرى على المساعدات العسكرية الأمريكية أو غيرها.. ومع بداية حكم الرئيس السيسى، بدأ تفعيل صيغة (2+2) من أجل تحقيق تنسيق عسكرى وسياسى كامل والتشاور المشترك فى التعامل مع السياسة الإستراتيجية للبلدين، بالإضافة لتوفير الدعم اللوجستى لكليهما، بخاصة أن مصر هى الدولة العربية الوحيدة حتى الآن التى تطبق روسيا معها هذه الصيغة فى دلالة على اهتمام روسيا بتعزيز علاقاتها مع مصر.


روابط متميزة بأوروبا
منذ ثورة 25 يناير عام 2011 مرت مصر مع اوروبا بحالة من القلق والفتور، ثم انتقلت إلى حالة من القبول مع مطلع 2014، ثم تطورت إلى شراكة كاملة وتعاون مثمر خلال الأعوام الثلاثة الأخيرة، وأصبحت مصر تتمتع بعلاقات متميزة مع دول الاتحاد الأوروبى وخاصة مع ألمانيا وفرنسا.


كما نجحت الدبلوماسية المصرية عقب ثورة 30 يونيو فى تعزيز التعاون والتنسيق بين مصر ودول القارة العجوز التى تعد الشريك الأول لمصر فى المجالات السياسية والاقتصادية.


كما عملت مصر على تعزيز التعاون والشراكة الاستراتيجية مع قبرص واليونان وخاصة فى المجال الاقتصادى، ونجحت مصر فى خلق آلية للمشاورات الثلاثية بين مصر وقبرص واليونان ما انعكس بشكل ايجابى على الاقتصاد المصرى، وخاصة التعاون فى مجالات التنقيب عن الغاز فى منطقة المتوسط.

 

«أم الدنيا»
غادروا بلادهم للبحث عن السلام والأمن حتى تحتضنهم مصر ليس كلاجئين ولكن كأم وكبلد ثان فروا إليه بعد اندلاع أحداث الربيع العربى وبعدما   بطشت بهم الحرب و مزق الاستقرار أطفال ونساء ونازحين من كل حدب وصوب قصدوا مصر التى على الرغم من آلامها الا أنها لم تتخل عن كل من اراد المساعدة منها حتى فى اصعب الاوقات.


ومنذ اللحظة الأولى، ورغم صعوبة الأوضاع الأمنية والاقتصادية فى مصر منذ 2011، إلا أن أم الدنيا قررت أن تحتضن هؤلاء اللاجئين وألا تقيم مخيمات إيواء مثلما فعلت دول أخرى مثل تركيا تتاجر بقضية اللاجئين وتستخدمهم ورقة للضغط السياسي، بل إن المصريين فتحوا بيوتهم ومدنهم لاستقبال الأشقاء من سوريا واليمن وليبيا بنفس الترحاب المعهود والذى استقبلوا به موجات سابقة من اللاجئين العراقيين والفلسطينيين، لتثبت مصر دوما أنها الملاذ الآمن لكل العرب.


ومنذ عام 2011 احتضنت مصر لاجئين من  56 دولة حول العالم.واحتل السوريون والسودانيون والإثيوبيون المرتبة الأولى من حيث العدد وذلك بحسب آخر إحصاء لمنظمة الأمم المتحدة، حيث استقبلت مصر مئات الآلاف من اللاجئين المسجلين على أرضها بخلاف ملايين من اللاجئين غير المسجلين الذين تقدم لهم مصر العديد من الخدمات الإنسانية دون المزايدة بهم والزج بهم فى صراعات سياسية إقليمية.


وأكد تقرير منشور على موقع المفوضية السامية للأمم المتحدة أن شهر يناير من عام 2018 شهد قدوم 1897 لاجئا جديدا إلى مصر من بينهم 416 سوريا، بالإضافة إلى قيام 2545 لاجئا جديدا بالتسجيل فى مصر من بينهم 722 سوريا.


كما كشفت المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فى آخر تقاريرها عن مصر، عن وجود 221 ألفا و675 لاجئا مسجلين على أراضيها، من بينهم 127 ألفا و414 سوريا، بما يوازى 57% من إجمالى اللاجئين على الأراضى المصرية، فيما يوجد 36  ألفا و195 لاجئا سودانيا على أرض مصر، و14 ألفا و564 لاجئا إثيوبيا، و12 ألفا و959 لاجئ من إريتريا و10 آلاف و518 لاجئا من جنوب السودان، بالإضافة إلى 20 ألف و25 لاجئا من 51 دولة أخرى، وذلك فى نهاية شهر يناير 2018.


بالاضافة الى ذلك فمنذ عام 2010 أطلقت مصر قانون مكافحة الإتجار فى البشر والهجرة غير الشرعية مع وجود مسؤولية للدولة فى درء مخاطر الهجرة غير الشرعية وكذلك للحماية من مخاطر الهجرة غير الشرعية سواء على المهاجر أو المجتمعات التى يهاجر منها أو إليها وكذلك للحد من انتقال الارهابيين وحاملى الأسلحة؛ لأنها مسألة قد تمثل خلطًا لدى بعض من المجتمع الدولي.


وعلى الرغم من تلقى مصر دعما يسيرا من أجل قضية اللاجئين مقارنة بالاعداد الكبيرة سواء من الشرعيين وغير الشرعيين الا أن هناك عددا كبيرا استطاع النجاح فى مصر وأصبح له شأن كبير حيث اشتهرت وراجت التجارة السورية على سبيل المثال وأصبح لهم بيزنس يقدر بمليارات الجنيهات.
 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة