إبراهيم عبد المجيد
إبراهيم عبد المجيد


مصر الجديدة :

معرض الكتاب

بوابة أخبار اليوم

السبت، 25 يناير 2020 - 05:35 م

فى العام الماضى حين تم نقل معرض الكتاب إلى أرض المعارض بمنطقة التجمع كان الخبر صاعقا على مريدى المعرض الذى كان فى منطقة العباسية. صار المعرض بعيدا جدا بحق لكن هكذا كان القرار. ذهبت إلى المعرض فى مكانه الجديد العام السابق، وكان الطريق طويلا علىّ لأن سكنى بعيد فى الجهة الأخرى من العالم، أى فى حدائق الأهرام، لكن ذلك لم يسبب لى أى ضيق فلن أذهب إلى المعرض كل يوم. هى مرة أو مرتين. وجدت تنظيما أفضل كثيرا جدا للمعرض، ولم يسئ إليه إلا تكرار التفتيش أمام بوابة كل قاعة بعد التفتيش الأول من باب الدخول. لقد ضايق ذلك كل الرواد وقتها وامتلأت به صفحات الميديا، فلا معنى لتفتيش بعد تفتيش بعد تفتيش وهكذا! ذهبت هذا العام ولن أحكى عن « توهانى «وأنا أقطع الطريق الدائرى ولا أجد فى طريقى أى إشارة إلى أرض المعارض، فهذه مشكلة من هم مثلى لا يقومون بتطبيق الجى بى إس. بل أحيانا أتلذذ بالمتاهة فلا شيء سأخسره غير قليل من البنزين، كما أنى دائما أخرج مبكرا استعدادا للمتاهة. ضايقنى فقط أنى وجدت إشارة إلى أرض المعارض على بعد عشرين مترا منها. قلت كما قال صلاح منصور فى فيلم الزوجة الثانية «هى حبكت». كانت شيئا مضحكا فى الحقيقة لأن أحدا لم يعد فى حاجة إليها. لا أعرف من يمكن أن يضع اللافتات فى الطريق، سواء من الدائرى أو من صلاح سالم، وإن كنت أرى أهمية ذلك فلابد أن معارض أخرى تقام خلال العام لغير الكتب. فوجئت هذا العام بأنه لا تفتيش على مداخل القاعات مثل العام السابق. التفتيش فقط على البوابة الرئيسية وكان هذا جميلا وطيبا. لقد انتهت تقريبا الطوابير التى لا معنى لها داخل المعرض، وأرجو أن يظل الأمر كذلك، فلقد ذهبت الخميس الماضى، أى فى اليوم الثانى للمعرض. فى العامين، السابق والحالى، رأيت المعرض أفضل تنظيما كما قلت، وصار خاليا من الباعة الجائلين الذين كانوا يملأون المعرض القديم ببضائع لا علاقة لها بالكتب. كما أن المقاهى والكافتيريات محدد لها ممر بين القاعات تبدو واضحة وأليفة، لكن لاحظت ارتفاع الأسعار فيها بشكل جنونى. أعرف طبعا أن السب لابد هو ارتفاع أسعار الإيجار للكافتيريات، لكن الحقيقة الارتفاع فى الأسعار غير معقول. ان تكون زجاجة المياه الصغيرة بعشر جنيهات فمابالك بالطعام ولن أكتب كل الأسعار. قررت إذا ذهبت أن آخذ مائى وطعامى معى. اجعلوا أسعار إيجارها قليلا حتى تكون أسعارها مناسبة. هذا هو الحل فالذاهب إلى المعرض يحتاج إلى راحة من التجوال فلا تفتشوا جيوبه، يكفيه اقباله على شراء الكتب ! لكن للأسف يوم ذهبت عرفت فى منتصف النهار بوفاة الكاتب القاص والشاعر محمد حسن خليفة البالغ من العمر اثنين وعشرين عاما. توقفت عضلة قلبه وتم نقله إلى المستشفى الجوى كما عرفت لكنه فارق الحياة. أحزننى موته مثلما أحزن الكثيرين، وزاد حزنى حين عدت ورأيت مقطعا من شعره النثرى تنشره الدكتورة داليا سعودى يقول فيه «النوم لم يعد يجدى.. كان بديلا لى فيما مضى.. للهروب من كل شيء.. أعلم أن الدنيا أوسع من كل هذا.. رغم كل قبيح فيها.. رغم كل الغثيان.. رغم الخوف، والقلق، والتوتر.. أعلم أنها أوسع. لكنها فى نفس الوقت. ضيقة جدا. ومخيفة جدا» ورأيت الشباب والكبار على الفيسبوك وتويتر ينشرون مقطعا من إحدى قصصه فى مجموعته الجديدة التى عنوانها «إعلان عن قلب وحيد» - لاحظ العنوان من فضلك الذى انتبهت اليه الدكتورة داليا سعودى الناقدة وأستاذة اللغة الفرنسية والذى فيه يقرر الوحدة - يقول فى القصة «علَّقت خبر موتى على الحائط. كل صباح ومساء، كنت ألقى نظرة عليه، لأطمئن». رحم الله هذا الشاب الموهوب وألهم أسرته ومحبيه الصبر. هى الحياة التى مهما امتلأت بالجدية والأمل تنتهى فى لحظة بالعبث الوجودى، ولا قرار لنا معها ولا حلّ غير الرضا بقضاء الله.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة