عمرو الديب
عمرو الديب


صدى الصوت

المعرض والكتب الهابطة!

عمرو الديب

الأربعاء، 29 يناير 2020 - 07:26 م

 

 يخطئ من يتوهم أن ظاهرة المؤلفات المنحدرة المسفة، تنحصر فقط فى قضية العناوين المجافية للأذواق السوية، والكتب المنافية للقيم الجمالية والكرامة الإنسانية، فالأمر لا يتوقف فى مسألة الكتب الهابطة عند عناوين تصدم المشاعر الراقية والأحاسيس النبيلة، ببذاءتها ووقاحتها وانحطاطها، وإنما القضية أعمق بكثير، ولا تمثل تلك العناوين السافلة إلا نسبة ضئيلة فى زحام الظاهرة المؤسفة، التى تضرب موجاتها ساحاتنا منذ عقود، وتزداد شراستها وضراوة ضرباتها الموجهة إلى الأذهان والوجدان، فهناك ألوان من الكتب الهابطة تنافس تلك المؤلفات ذات العناوين المستفزة فى بشاعتها وخطورتها، فكل كتاب يحرض على الكراهية، ويدعو إلى العنف، كتاب هابط يشيع فى أجوائنا الأحقاد وينشر ثقافة التصادم والتشاحن، وكذلك الكتاب الذى يحاول بث الفردية والأنانية، ويسخر من الانتماء إلى كيان أكبر  كتاب هابط بلا شك، وكل مؤلف يعمد إلى إشاعة العدمية واللامبالاة فى محيطنا،هابط بلا جدال، وأيضا أية أسفار تمجد الجريمة أو تجملها، أو تزيف الحقيقة التاريخية، أو تشوه تضحيات الباذلين أرواحهم من أجل أوطانهم، أو تسخر من أصحاب الإيثار الذين أنفقوا أعمارهم لأجل بلادهم وتجعلهم مادة للتندر والازدراء، كل هذه الألوان من الكتب هابطة بلا مراء، وخطورتها توازى تلك المستفزة لمشاعر الأسوياء، وقيم الأبرياء، وإلى جانب الأسفار البراقة التى تكرس للسطحية فى التفكير، والهمجية فى السلوك، وتشيع التفاهة فى الأوساط، فهى جميعا إصدارات لا تصلح للتواصل الآدمى، ولكن ماذا بعد؟، وهل تعد السطور السابقة تمهيدا لمقترح بإعادة الرقابة على الكتب؟، هكذا قد يتصور السطحيون والمتصيدون فى الماء العكر، فما الحل إذن؟، إذا ما كانت الرقابة على الكتب مرفوضة، ورقابة الضمائر التى تركنا لها الأمرلم تعد تجدى،وهذا سؤال للمفكرين الجادين المهمومين بحاضر الأوطان ومستقبلها، وجهد المقل للحد من الظاهرة - كما يقولون هو ألا تسمح المنصات المرموقة العريقة كمعرض القاهرة الدولى للكتاب بأن تكون مجالا للترويج لتلك الكتب الهابطة بكل ألوانها، كما لا تسمح المهرجانات السينمائية الراقية بعرض أفلام هابطة ضمن برامجها، حفاظا على مكانتها ومستواها.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة