رفعت رشاد
رفعت رشاد


حريات

سور الأزبكية

رفعت رشاد

الأحد، 02 فبراير 2020 - 07:29 م

ارتبط بيع وشراء الكتب التى قُرِئتْ مسبقا بسور الأزبكية. السور فى الأصل كان حول حديقة الأزبكية المشهورة ذات النباتات النادرة والتى صارت الآن مكانا كئيبا لا نشاط فيه ولا حياة من الأصل. الحديقة تقع بالقرب من ميدان العتبة ودخل الجميع فى نطاق جمهورية العشوائيات الممتدة إلى ما لا نهاية فى القاهرة.


مقالى عن الكتب القديمة وباعة هذه الكتب الذين غالبا ورثوا مهنتهم عن آبائهم. سوق الكتب المستعملة أو القديمة أو التى قرئت من قبل موجود فى كل بلاد العالم وإن كان هناك دول تمنحه مكانا ومكانة باعتبار أن هذه الكتب بأسعارها المخفضة وسيلة فعالة للتثقيف. فى فرنسا يوجد سوق لهذا النوع من الكتب على نهر السين يؤمه السياح والمواطنون. فى الاتحاد السوفيتى كانت الدولة تطبع ملايين العناوين ومئات الملايين من النسخ بأسعار زهيدة لكى يتعلم ويتثقف المواطنون، ليس فى بلادهم فى حسب ولكن فى دول العالم الثالث أيضا.


السلطات فى مصر لا تعطى ترخيصا ببيع الكتب المستعملة إلا فى حدود ضئيلة، لذلك فمن يبيع الكتب فى غير هذه الأماكن عليه أن يدفع أتاوة لبلطجية الرصيف سواء «دولم» أو «دوكهمة» على رأى عمنا أحمد رجب ـ رحمه الله.


فى معرض الكتاب لم يتمكن سوى 41 عارضا من بائعى الكتب القديمة من حجز أجنحة لبيع بضاعتهم. الكتب الموجودة لا تتشابه مع الكتب الصادرة حديثا. هناك يمكن أن تجد دررا بأسعار يقدر عليها المضروبون بمحبة القراءة. فى العام الماضى منعت السلطات الباعة من دخول المعرض بمبرر أنهم ينسخون عناوين معينة ويزورون طباعتها، وإن حدث هذا فمن حق السلطات اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية حقوق المؤلف والناشر، لكن التعميم فى العقوبة أمر منبوذ.


الباعة يشكون من صغر المساحة المسموح بها لهم وارتفاع أسعار الإيجار، أفهم أن تتوازن أسعار التأجير، لكن سعر بيع الكتاب القديم لا يقارن بسعر بيع كتاب جديد، لذلك يجب معاملة باعة الكتب القديمة بطريقة لا تحملهم فوق طاقتهم خاصة أن أى زيادة سترتد على المشترى.


أخشى أن معاملة الحكومة لهذا النوع من النشاط تؤدى إلى اندثاره. من الضرورى أن ينظر المسئولون عن الثقافة إلى هذا الموضوع نظرة أكثر عمقا من مسألة بيع الكتب أو تزويرها، لابد أن نوظف هذا النشاط وغيره لصالح قوة الدولة. لن تتكلف الدولة إلا السماح لهؤلاء ببيع الكتب فى أماكن مناسبة وعدم الضغط عليهم بأعباء لا يتحملونها، وأشير هنا إلى أن وجود باعة السور الأصليين موجودون حاليا فى مكان هو عار علينا جميعا. يفترض أن يخصص مكان واسع منظم مريح به إمكانيات لراحة المشترين ومحال لبيع الأطعمة والشراب، مكان يشبه معرضا دائما للكتاب والثقافة وربما يلحق به مسرح أو مكان لعروض ثقافية أخرى. والأهم فى هذه القضية أن تساعد الحكومة الباعة على إنشاء رابطة لهم تمثلهم وتنسق مع السلطات فى كل ما يتطلبه النظام العام وتوفر للباعة حقوقا تأمينية وعلاجية تساعدهم على الاستمرار فى عملهم.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة