محمد الشماع
محمد الشماع


يوميات الأخبار

نحن لا نصنع الشائعات.. ولكن نروجها !

بوابة أخبار اليوم

الثلاثاء، 04 فبراير 2020 - 06:36 م

 

صحيح أنه ينجدك، لكنه يبدأ فى اللعب بك فيقدر أولا وزنك المالى عندما يدخل شقتك ويبدأ فى اطالة أمد المواعيد حتى يكسر كبرياءك!

أخيرا اكتشفت سر انتشار الشائعات التى يتوالى نفيها باعداد كبيرة ودفعة واحدة بصفة يومية متكررة فى نشرات الأخبار فى الفضائيات ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة، رغم غرابة الشائعات وسذاجتها وتفاهتها وعدم موضوعيتها أو قابلية تصديقها للشخص البسيط.. تلك الشائعات طالت كل جوانب الحياة فى مصر ولم تترك مجالا إلا احاطته بالشائعات والأخبار الكاذبة الهدامة التى تريد الاجهاز على كل انجاز لهذا الشعب واثارة الفتن بين أفراد المجتمع.
آخر ما كنت اتوقعه هو اننا نساهم دون أن ندرى فى صنع هذه الشائعات بل وترويجها ونشرها على أوسع نطاق يمكن أن تصل إليه تلك الشائعات والأخبار غير الصحيحة جملة وتفصيلا.. وتيسيرا للرد على من يطلق الشائعات فقد خصص المركز الإعلامى لمجلس الوزراء «خط تليفون» لتلقى المعلومات المغلوطة والشائعات على مدى ٢٤ ساعة طوال أيام الاسبوع أو ارسالها بالبريد الالكترونى أو الاتصال على بوابة الشكاوى الحكومية لتوضيح الحقائق للمواطنين والرد على الشائعات!!
توفير كل تلك الوسائل سهل كثيرا عمل  أعضاء لجان الشر الإليكترونية بالاتصال عن طريق هذه الوسائل المتاحة والميسرة لاختلاق شائعات لا وجود لها بين أفراد المجتمع وابتداع أخبار كاذبة على أنها اخبار وشائعات منتشرة بين المواطنين على غير الحقيقة والواقع فيتورط المركز الإعلامى بنشر هذه الأخبار الكاذبة والشائعات عندما ينفيها جملة واحدة فى كل وسائل الإعلام فيعرفها الجميع ويصدقها الكثيرون على أنها حقيقة واقعة يريدون نفيها!
الشيء الغريب اننا لا نسمع عن هذه الشائعات على الاطلاق وأنا ألتقى الزملاء والأصدقاء وارتاد الأندية والمقاهى ولم اسمع عن شائعة متداولة من الشائعات التى يعلن عن نفيها!
أعود فأقول إن معرفة الشائعات وتحديد مصادرها وكيفية مواجهتها لها قواعد واجراءات وأيضا لها أجهزة متخصصة تستطيع أن تجمع هذه الشائعات وتعرف مصادرها، كما ان طريقة الرد على الشائعات ليست بالنفى المباشر فقط، فكما أن الشائعة تنتشر سرا دون أن يعلن مصدرها، كذلك فإن الرد على الشائعة يكون بخبر سريع يتضمن معلومات حديثة يتضمنها الخبر الذى ينشر ويذاع للرد بطريقة غير مباشرة وفورا وليس على طريقة النفى بالجملة!
أيضا عملية انتظار أسبوع لإعداد تقارير أسبوعية لتوضيح الحقائق حول ما يثار فى وسائل الإعلام من شائعات، يكون بهدف التحليل واستخراج النتائج للتعامل مع هذه الظاهرة. لكن ضرورة المواجهة السريعة والحاسمة للرد فى الوسيلة الإعلامية التى نشرت أو اذاعت الشائعة أو الخبر الكاذب.. فنحن لا نصنع الشائعات ولكن نساهم فى نشرها وترويجها!
اللعب بالعملاء
عندما تحتاج إلى ضبط الدش أو اصلاح الكهرباء تحتاج إلى شركة متخصصة تتصل بها لتعطيك الأسعار ووقت العمل المتوافر لكى تستطيع أن تضبط وقتك وظروفك ومدى احتياجك إلى الخدمة وقدرتك المالية، لكن الأمور فى مصر لا تتم بهذه الطريقة خذ عندك مثلا:
شركة صيانة غسالات شهيرة ذات ماركة رائجة فى مصر أنشأت مراكز متخصصة لخدمة ما بعد البيع، لكنك عندما تتصل بهذه الشركة من المفروض أن يأتيك المندوب ومعه سيارة نقل ليحمل الغسالة ليصلحها ويعيدها إليك فى ظرف يوم أو اثنين، هى المدة التى تحتملها الأسرة بدون غسالة، لكن الشركة وضعت نظاما غريبا، فهى ترسل مندوبا ليحدد نوعية العطل بمجرد النظر، ثم يطلب منك انت سيارة نصف نقل، لنقل الغسالة إلى مركز الصيانة، ثم يعطيك موعدا بعد أسبوعين تحضر ومعك سيارة للنقل، ويطلب اجرا على مجرد وصوله إليك لتشخيص العطل -رسم كشف- وأمام هذا الغباء المستحكم فأنت تضطر إلى أن تلجأ إلى فنى من الفنيين المنتشرين فى - الحوارى- صحيح أنه ينجدك لكنه يبدأ فى اللعب بك فيقدر أولا، وزنك المالى عندما يدخل إلى شقتك ويبدأ فى اطالة أمد المواعيد، حتى يكسر كبرياءك ويدفعك إلى اغرائه بالمال وسط حالة من المراوغة، وكر وفر وحاضر يا باشا وعنينا لك، وهذا أمر مهلك للاعصاب ومستنفذ للطاقة يصيبك بالإجهاد، هذه الحالة تتكرر مع فنى الكهرباء والسباكة والنقاشة والنجارة والالوميتال وقد يتقاضى منك مقدم اتعاب يعطيك عشرات المواعيد التى لا يوفى بها وانت مكتوف  الايدى مشلول الفكر وموقوف الحال.. فى نفس الوقت فإنك تسمع شكاوى من كل هؤلاء العاملين من عدم وجود شغل ومتى تقابل واحدا منهم فإنه يؤكد لك أن الحال واقف ومفيش شغل.. ازاى متعرفش، واتحدى أى عميل صاحب مصلحة أن يحصل على حقه من هؤلاء العمال، الذين يدعون أنهم فنيون ولديهم خبرة لكن خبرتهم محصورة فى ابتزاز كل من يقع تحت ايديهم!

التشاجر مع الزوجات
ثقافة التطور الرأسمالى تقتضى احترام الوقت وتحديد نوعية السلعة، فمن المسئول عن هذا؟ اننا نشكو دائما من البطالة بينما الأمر لا يستدعى أكثر من تشكيل وانشاء شركات متخصصة للصيانة والخدمات تشمل الأجهزة المنزلية وتوصيلات السباكة والكهرباء وأعمال النظافة فى البيوت وهى مهن محترمة لا ينقصها التنظيم والمصداقية واحترام العمل.. فماذا لو بادر أصحاب رؤوس الأموال بانشاء هذه الشركات وتشغيل الشباب الذى يبحث عن عمل وتدريبه ووضع زى لائق لكل مهنة، واشتراطات اطلاق ميثاق أو مدونة سلوك تحترم طالب الخدمة وتحترم وقته وتحدد ثمن تكلفة أداء الخدمة بشكل لا يستدعى الفصال، أو ليس ذلك يعود بالنفع على المجتمع وعلى شبابنا؟!
لقد نجحنا فى ذلك على مستوى الأكل فشركات الدليفرى تمثل خبرة فى تلبية طلبات العملاء وفى تحديد ثمن الوجبة مسبقا، وسعر التوصيل، فلماذا لا ننشيء شركات خدمية فى جميع التخصصات تعفينا من المساومة والمراوغة التى تمارسها العمالة الفردية وتنقذ شبابنا من البطالة وتقدم الخدمة بسعر وهامش ربح معقول يجعل طالب الخدمة مطمئنا، فإن حدث عطل فى الثلاجة أو الغسالة لا يصيبه نكد أو غم قد يدفعه للتشاجر مع زوجته، فى نفس الوقت يساهم فى حل مشكلة قومية، ويمنح شبابنا رزقا ومهنا وحرفا ويتطور بنا على مستوى السلوكيات كما تطور واقعنا المجتمعى.
السطو الفكرى!
فى الستينيات من القرن الماضى عثرت البعثة المصرية فى جبال اليمن على اجزاء كتاب المغنى للقاضى عبدالجبار وهو من اعلام المعتزلة، وهي النسخة الوحيدة بعد احراق كتبهم، كان هذا الكتاب يشرح باستفاضة اركان المذهب واقوال مؤسسيه فإذا ما ذكره القاضى عبدالجبار المعتزل لا يختلف فى كثير أو قليل من ذلك الذى كتبه مؤسس (المذهب الأشعرى) أبوالحسن الاشعرى خصم المعتزلة فى كتابه (مقالات اسلامية) وهو المصدر الرئيسى للمذاهب الفكرية الإسلامية. لذلك فإن الدقة العلمية التى اتسم بها كتاب الاشعرى يصيبنا بالخجل هذه الأيام ونحن نطلع على الرسائل العلمية التى لا تحترم أمانة النقل ولا تنسب الجهد لصاحبه وانما تسطو  سطوا غير حميد على النتاج الفكرى للاخرين فتنكر عليهم جهدهم وتنسب الفضل لغير أهله، فإذا أنت قرأت رسالة علمية من تلك الرسائل الكثيرة التى تنتجها بعض الجامعات المصرية فسوف تجد البحث مهلهلا لا يستقيم حول فكرة واحدة أو معنى، وإنما هو الشطح يمينا ويسارا دون احترام لقواعد المنهج العلمى ودون الانطواء تحت فكرة أو غرض من البحث.
لذلك لا عجب أن تجد مثلا تراجع المستوى العلمى رغم تزايد الخريجين وكثرة الإجازات العلمية، كذلك لن تجد مؤرخا مصريا فى قامة الجبرتى أو مصطفى صادق الرافعى بالرغم من كثرة اقسام دراسة التاريخ فى الجامعات المصرية إلا ما ندر، فقد أدت فوضى الدراسات العلمية إلى انتهاك المناهج بشكل اثر تأثيرا شديدا على مكانة الفكر المصرى وسوف يؤدى كل ذلك الى انتاج موظفين بدرجة حملة شهادات علمية، لذلك لا عجب أن تجد استاذا يحمل درجات علمية يتصدر المشهد فيقول كلاما فإذا تغيرت المواقف والسياسات جاء نفس الاستاذ ليقول عكس ما قاله سابقا مستخدما تعبيرات علمية أجنبية كى يضفى سمات العلم على حديثه.
 لذلك فإن الجامعات المصرية تحتل ترتيبا يبعد عن المقدمة فى ترتيب الجامعات العالمية.. تلك حقيقة لا يجوز أن ندفن رأسنا فى الرمال هربا منها والخروج من هذا الوضع المتدهور أصبح واجبا وطنيا وأول بديهات الخروج هو تطبيق معايير الصرامة والجودة العلمية، أو  يمكن الفصل بين جدية المستوى التعليمى وبين تطور الأمم.
لذلك يجب على المجلس الأعلى للجامعات أن يصدر تعليمات صارمة بفصل كل باحث يخون الأمانة ويسطو على الانتاج العلمى للاخرين وينسبه لنفسه إذ أن الصدق مع النفس ومع الآخرين هو أول قواعد البحث العلمى.. وفى التاريخ المصرى الحديث عندما كان د. طه حسين عميدا لكلية الآداب كان لديه استاذ مساعد أصدر كتابا وكتب عليه تأليف الاستاذ الدكتور فلان الفلانى، فاستدعاه د. طه حسين وأنبه تأنيبا شديدا قائلا له أنت تعلم أنك استاذ مساعد.. فكيف سولت لك نفسك أن تعتبر نفسك استاذا؟!
لقد كان العميد غاضبا من هذه الزلة، فكيف لو عاد إلينا العميد ليطلع على هذه الفوضى البحثية التى تحمل كثيرا من الضجيج وقليلا من الطحين!
(اخلاقيات)
> مهما كنت رائعا وكريما وطيبا، ستجد من لا يحبك لأسباب لا تعرفها.
> عايز تعيش من غير ما تزعل من حد، بلاش تفتكر نفسك غالى عند حد.
> لا تقاوم الشر بالشر، وإلا اشتركت مع الشرير فى شره فماتت الفضيلة بينكما.
> لا يفسد الإعلام إلا الانفعال والهتاف ورفع الصوت بمناسبة وبدون مناسبة.
(حقيقة)
> مردود البحث العلمى فى مصر فى مؤخرة الدول ينتج معرفة لا ينجح فى تحويلها إلى قيمة اقتصادية صناعية.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة