مشاهد من مدينة ووهان بعد خلوها من المارة
مشاهد من مدينة ووهان بعد خلوها من المارة


صور وفيديو| فيروس «كورونا».. حُرية سقفها السماء ومدادها جدرانك

أحمد الشريف

الخميس، 06 فبراير 2020 - 01:09 م

حُرية سقفها السماء، ومدادها جدران غرفتك، لا أحد يمنعك من الخروج؛ غير أنك لا تخرج، لا أحد حكم عليك بالسجن، إلا أنك سجين، لا أحد يحمل سلاحا يهددك بالقتل؛ غير أنك مهدد، الخوف والذعر ضيفان ثقيلان في غرفتك لا يغادران.. ربما هذا بعض ما يعيشه القاطنون في الصين عامة ومدينة ووهان على وجه الخصوص في ظل تفشي فيروس «كورونا».

«كورونا» حتى الآن حصد أرواح 565 شخصا في الصين، بخلاف 28 ألف إصابة في 31 منطقة على مستوى المقاطعات الصينية، في الوقت الذي أبلغت فيه أكثر من 28 دولة في آسيا وأوروبا والخليج عن حالات على أراضيها، ومازال العدد في تزايد مستمر، واكتسب انتشار الفيروس وتيرة متسارعة منذ 20 يناير الماضي، في ظل أنه ينتقل عن طريق الجو في حالات التنفس والعطس والسعال.

 

وباء كل قرن


الأساطير تحكي عن رجل شاهد الوباء وسأله إلى أين؟، قال: إلى قرية كذا، فقد أمرت بخمسة آلاف منهم، وحينما عاد الوباء رآه الرجل في الطريق؛ وقال له: لقد حصدت 50 ألفا؟!، فرد الوباء بأنه حصد 5 آلاف أما البقية فقد حصدهم الوهم، حين ترى الناس يتساقطون حولك فربما تسقط صريع الوهم لا الوباء، وربما هذا ينطبق على ما يعيشه العالم اليوم؛ فالبعض ومنهم منظمات ومؤسسات عالمية تهون من انتشار وتفشي فيروس كورونا، والبعض الآخر يهول في أمره، ولا ندري أيهم أدق رأيًا وأيهم يعيش وهمًا.

ولعلها ليست مصادفة أن يتواتر انتشار أوبئة في العالم، لكن الغريب في ذلك أن يتزامن موعد ظهورها مع تمام كل قرن ميلادي، حيث يعد كورونا رابع وباء عالمي يهدد البشرية، بعد 3 أوبئة راح ضحيتها عدد ضحايا أكبر مما حصدته الحربين العالمية الأولى والثانية، حيث ضرب الطاعون العالم في عام 1720، والكوليرا في 1820، والأنفلونزا الإسبانية في 1920، واليوم ينتشر وباء الكورونا في العام 2020.

 

إجراءات حاسمة


طبيعة التعاطي مع تفشي الفيروس في الصين – محل الوباء – والتأثيرات التي خلفها هناك، يقول عنها د. يوسف تيم لونج، أستاذ بجامعة الاقتصاد والتجارة الدولية بجامعة بكين، في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم» عبر الهاتف من العاصمة الصينية بكين، إن القيادة الصينية تولي اهتماما بالغا لمنع انتشار الفيروس.

 

وبين أستاذ الاقتصاد والتجارة الدولية بجامعة بكين، أن الصين اتخذت إجراءات حاسمة غير مسبوقة في تاريخ البشرية منها على سبيل المثال لا الحصر فرض حصار على أكثر من ١٠ مدن يقطن بها أكثر من ٦٠ مليون نسمة، وتمديد العطلة الرسمية وتأجيل المرحلة الدراسية للمدارس والجامعات في عموم الصين، وإرسال أكثر من ألفي طبيب عسكري ومدني إلى مدينة ووهان للمشاركة في إسعاف المصابين، بالإضافة إلى أنه تم إنشاء مستشفيين ميدانيين في ووهان وعدد آخر من المشفيات المتخصصة في مدن أخرى، وتخصيص ما يساوي ١٧٣ مليار دولار لمكافحة الفيروس، وفتح الأبواب للتعاون الدولي بما فيه السماح بإجلاء دول عديدة رعاياها في ووهان واستقبال المساعدات من الكمامات والمستلزمات الطبية.

تضافر الجهود


وأضاف تيم لونج، أن تأثيرات كورونا ستكون واضحة منها المادية والنفسية، خاصة أنه أدى إلى تعطيل حركات المجتمع وإلحاق ضررا كبيرا ببعض القطاعات الخدمية مثل السياحة والمطاعم والفنادق والترفية وغيرها من القطاعات، لافتا إلى أنه لو تم احتواء الأزمة بسرعة فستكون التأثيرات قصيرة الأجل وإلا سيكون لها تأثيرات بعيدة المدى، وستكون العشرة الأيام والأسبوعان القادمان مهمة ودقيقة. 

 

وأكد تيم لونج، أن الفيروس يعد تحديا جسيما على الصين والعالم، مشيرا إلى أن الوضع المتأزم يتطلب تضافر الجهود الدولية سواء في تقديم المساعدات المادية والفنية أو إجراء البحوث المشتركة وغيرها من الجهود، مضيفا أن الشعب الصيني يكن الشكر والعرفان للدول والشعوب التي قدمت مساعدات سخية للصين خاصة الكمامات الطبية، ملقيا باللوم أيضا على بعض الدول الكبرى والتي وقفت مكتوفة الأيدي ولم تقدم مساعدة حقيقية، مشيرا إلى أن ذلك لا يساعد في السيطرة على الفيروس في أسرع ما يمكن.

التبعات الاقتصادية


أما عن التأثيرات الاقتصادية جراء تفشي الفيروس في الصين، قال د. علي الإدريسي، أستاذ الاقتصاد في تصريحات خاصة لـ «بوابة أخبار اليوم»، إنه لا يمكن تحديد حجم الأثر النهائي على الاقتصاد الصيني، إلا أن نمو الاقتصاد الصيني قد يهبط بنسبة نقطتين مئويتين خلال الربع الجاري من العام، مشيرا إلى أن هبوط بهذه النسبة في الصين يعني خسائر بالنمو تصل قيمتها إلى 62 مليار دولار.

 

وأوضح الإدريسي، أن القلق من انتشار فيروس كورونا تسبب في انخفاض قيمة الأسهم الصينية بأكثر من 400 مليار دولار في أول جلسة تداول، بعد عطلة طويلة بمناسبة العام القمري الجديد، وأثر الفيروس تأثيرا سلبيا على الاقتصاد الصيني، لافتا إلى أن أكثر القطاعات التي تضررت حتى الآن، هي: المطاعم والفنادق، المصانع ومبيعات الجملة، مبيعات التجزئة والمحال التجارية، الطيران والنقل، الأطعمة والمشروبات، المزارع والفلاحة، أسواق الأسهم وبعض العملات، أسواق المعادن والنفط والغاز، أسواق المواد الخام والغذاء.

وتوقع الإدريسي، أن يتكبد الاقتصاد العالمي خسائر تفوق 160 مليار دولار بسبب فيروس كورونا لأنه أصاب أكبر مصدر للعالم بأكثر من ٢ تريليون دولار، لتصبح بذلك أكبر خسارة يسببها وباء في العصر الحديث، وهى تتجاوز بواقع أربعة أضعاف ما سببه فيروس «سارس» الذي اجتاح الصين سنة 2003.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة