كيف تشكل الدراما «مزاج المصريين»؟
كيف تشكل الدراما «مزاج المصريين»؟


«مزاجنجي» و«أفندينا».. كيف تشكل الدراما «مزاج المصريين»؟

أسامة حمدي

الخميس، 06 فبراير 2020 - 03:06 م

- صندوق مكافحة الإدمان: 8849 مشهدا للمخدرات بالدراما.. و10% من المصريين يتعاطون

-  10.8% من الدراما تناولت المخدرات.. وتروج لأنواع التبغ.. وتتجاهل تأثيراتها الضارة

- «المرسي»: غياب الفن الراقي.. وعودة المؤسسات الثقافية والدينية والتربوية «ضرورة»

- «عبدالله»: الإدمان بسبب غياب الأسرة والوازع الديني وتقليد المشاهير.. وهذا هو الحل

 

السينما والأعمال الدرامية مرآة للمجتمع، وأحيانا لها التأثير الأكبر على فئاته، وتدفعهم نحو تبني سلوكيات وأفكار.. ولعل أكثر العادات التي يقلدها الشباب هي «جلسات المزاج والكيف» من خلال تعلمها من أعمال درامية بل وتعلم تجهيز المخدرات وتعاطيها على طريقة المشاهد الدرامية ونشر المصطلحات والمسميات الخاصة بها في أوساط الشباب، وأبرز الأدوار الدرامي التي جسدت ذلك هي «مزاجنجي» لمحمود عبدالعزيز في «الكيف»، و«أفندينا» لمصطفى شعبان في «مزاج الخير».

 

الترويج لمنتجات التبغ

وبحسب صندوق مكافحة وعلاج الإدمان والتعاطي التابع لوزارة التضامن الاجتماعي، فإن الأعمال الدرامية على مدار الأربعة سنوات الماضية تناولت ظاهرة تعاطى المخدرات دون التطرق للآثار السلبية، فى الوقت الذى تروج فيه بعض الأعمال لمنتجات التبغ بشكل غير مباشر، وذلك بما يخالف نصوص القانون رقم 85 لسنة 2002 والاتفاقية الإطارية الدولية لمنع التبغ.

وشدد الصندوق على الاستمرار فى التصنيف العمري للأعمال والحرص على عرض تنويه واضح عن احتواء العمل على مشاهد تعاطى مخدرات، إضافة إلى عدم ظهور مشاهد التدخين أو التعاطى بالحملات الترويجية والإعلانية للأعمال الدرامية.

 

منع المشاهد التدخين لأقل من 18 عاما

وطالب الصندوق بضرورة وجود خطوط درامية تتناول المشكلة وتداعياتها المجتمعية على نحو يساهم فى تشكيل الوعى العام بخطورة قضية تعاطى المخدرات ومنع مشاهد تدخين وتعاطى الأطفال دون سن 18 عاما، إضافة إلى خفض نسب وعدد مشاهد  التدخين وتعاطى المخدرات بصورة عامة استثمارا للنتائج الإيجابية المتحققة.

 

التعاطي يصل لـ10%

وبحسب الصندوق، فإن نسبة التعاطى فى مصر بين الفئة العمرية من 15 إلى 65 سنة وصلت إلى 10% أي ضعف المعدل العالمي البالغ 5%، بينما وصلت نسبة الإدمان لـ2%، كما وصلت  نسبة التعاطى بين بعض الفئات مثل السائقين 24% والحرفيين (19%)، وطلبة المدارس الثانوي (7,7%)، كما أن  الجريمة ارتبطت بشكل كبير بالتعاطي إذ وصلت نسبة ارتكاب الجريمة تحت تأثير المخدرات فى إحدى المؤسسات العقابية إلى (79%).

 

 الدراما لا تعرض مخاطر المخدرات

وأشار الصندوق، إلى التأثير الكبير للدراما فى تشكيل وعي واتجاهات الأطفال والنشء تجاه قضية التدخين والمخدرات، ففي دراسة حديثة لصندوق مكافحة الإدمان نجد أن وسائل الإعلام وعلى رأسها الدراما تحتل المرتبة الأولى كمصدر معلومات عن التدخين والمخدرات بين الطلبة، ومع هذه المساحة الزمنية الضخمة إلا أن أكثر من 80% من الأعمال الدرامية خلال الأربع سنوات الماضية غضت الطرف عن تداعيات المشكلة.

 

8849 مشهد مخدرات

ويشير المرصد الإعلامي لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان بشأن تناول الدراما لقضية التدخين والمخدرات إلى ضرورة مراجعة هذا التناول، لاسيّما بعد أن وصل عدد مشاهد التدخين والمخدرات خلال السنوات الأربع الماضية إلى (8849) مشهداً بإجمالي (213) ساعة، وهو ما يشكل 10,8% من المساحة الزمنية للدراما خلال هذه الفترة.

 

غياب الفن الراقي

في البداية يقول الدكتور محمد المرسي، الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، إنه بالنظر لحالة المجتمع والنسق القيمي نجده تغير كثيرًا عن فترات عشنا فيها غلبت عليها الأخلاقيات، وذلك نتيجة عوامل كثيرة من ضمنها الأعمال الفنية والسينمائية.

 

وتابع «المرسي»، حديثه قائلا: «إذا كان لدينا فن راقٍ يقدم رسالة ومضمون وأعمال تتحدث عن القيم الجميلة، والناس تتمنى وجود أعمال فنية تتحدث عن قيم جميلة وراقية، لكن الواقع أن الأعمال الفنية الحالية تدعو إلى العنف والقتل والدم وتسويق للأسلحة البيضاء كالخناجر والسواطير، وعدم احترام الغير والعصبية وتجارة المخدرات والأعمال غير المشروعة، التي تتنافى مع نسق القيم الموجودة في المجتمع».

 

وأضاف أن من يتأثر بهذه الأعمال بشكل كبير هم الأطفال والشباب، ولذلك نجد غالبية الجرائم التي تتم بشكل بشع من الشباب وصغار السن، لافتا إلى أن الناس تتشوق لأعمال فنية راقية.

 

وأوضح الأستاذ بكلية الإعلام جامعة القاهرة، أن الأعمال الفنية تؤدي إلى وعي زائف، فضلا عن الهبوط بالذوق العام في الأغاني السوقية والمهرجانات، وبالتالي الفن لم يعد يؤثر في وجدان ورقي المجتمع، ولابد أن ننتبه إلى هذه الأمور جيدا.

 

ولفت إلى أن الأعمال الفنية ترتقي بالوعي العام والنسق القيمي والاجتماعي والأخلاقيات وكيفية التعامل مع الغير وفي العمل والأسرة، وما يقدم من أعمال لا يؤدي إلى هذا الوعي العام.

 

وأشار الدكتور محمد المرسي، إلى أنه لابد من إيضاح أن المجرم ينال عقابه، لا أن تحبب الناس في الجريمة والمخدرات وتقدمه كبطل وقدوة ونموذج وهذا أمر خطير للغاية.

 

إعادة بناء الإنسان المصري

وشدد على ضرورة أن يقوم الإعلام بالتوعية وبناء وعي الإنسان بالتصرف السليم وبناء الثقافة، منوها على الدور الهام للتنوير والتثقيف والتوعية، وهو ما يبني عقل ووجدان المواطن بالشكل الجيد، وهذا ينعكس على سلوكياته في الشارع المصري، مؤكدا أن غياب الدور الفاعل لوزارة الثقافة والمؤسسات الدينية ومراكز الشباب والمؤسسة التعليمية، يؤدي إلى الفوضى والانفلات الذي نعيشه في الشارع، مشددًا على ضرورة تضافر جهود هذه المؤسسات لبناء الإنسان.

 

190 مليون مدمن

قالت الدكتورة إيمان عبدالله، استشاري علم النفس والعلاج الأسري، إن منظمة الصحة العالمية قدرت نحو 190 مليون شخص حول العالم مدمنون، مما يؤدي إلى تأثيرات نفسية وعقلية، منوهة إلى أن المخدرات سرطان العصر ويصيب الشريحة الأكبر من المراهقين والشباب، وهو بمثابة كارثة تهدد البشرية عمومًا.

 

غياب الأسرة والوازع الديني

وتابعت «عبدالله»، أن أساليب تغيير التربية الأسرية لها تأثير مباشر على تعاطي الطلاب والمراهقين للمخدرات، فضلا عن غياب الدور الديني، والدور الأبوي (الوالدين) والانسياق وراء العولمة، مضيفة أن البعض يروج للمخدرات بأسعار رمزية لاستقطابهم، وخاصة في أوقات الامتحانات وتسويق قدرة المخدرات على السهر والتركيز للطلاب وسلب التوتر، موضحة أن المخدرات تنتشر بين الذكور أكثر من الإناث.

 

تقليد المشاهير

واستطردت أن الإعلام عامل مؤثر في تعديل السلوك وبث السلوكيات السلبية، ونرى في الإعلام عرض للمخدرات من خلال فنانين مشهورين ويصبحون هم القدوة للشباب، بجانب أن المشاهدة تزرع فكرة التعود وأنه شيء مباح، كما أن الدراما تصور تعاطي المخدرات بصورة إيجابية وكأنه ليس لديه مشكلات ويشعر بالاستمتاع، ويعيشون بعيدا عن الواقع، وعدم إظهار العواقب لتناول المخدرات بل يتم إظهاره في صورة مضيئة.

 

عرض تأثير المخدرات

وأوضحت أن العقل يتأثر بالمشاهد بشكل كبير ولا يتم عرض التدمير النفسي والاجتماعي والجنسي خلال الدراما، مشيرة إلى أن إقبال الشباب على المخدرات بسبب الرغبة في الهروب من المشكلات والخلافات الأسرية والزوجية وضعف الوازع الديني وغياب الرقابة، لافتة إلى أن المخدرات تسبب ضعف عقول الشباب وتفكيك الأسر ومن ثم تفكيك المجتمع.

 

جرائم أخرى

وذكرت استشاري علم النفس والعلاج الأسري، أن الدراما تتسبب في نشر الجرائم بالمجتمع وتسويق ثقافة العنف، مؤكدة أن المخدرات يتسبب عليها المحرمات والسرقة وزنى المحارم والقتل وغيرها.

 

دور توعوي للإعلام

ونوهت على أن الإعلام فقد دوره التوعوي والأسرة فقدت دورها الرقابي والمدرسة فقدت دورها التوجيهي والتربوي، مضيفة أن الله كرم الإنسان بنعمة العقل والمخدرات تغيب العقل، مشددة أنه لابد من تصنيف المواد الدرامية (للكبار فقط/ لا تناسب الأطفال/ لا تناسب المراهقين/ قد تحوي مشاهد غير مناسبة) مع ضرورة رقابة الدولة على تلك المواد منعا للضرر.

 

وأكدت أنه لابد من دور قيادي للشباب في الإعلام حتى يكونوا قريبين من الشباب ويدركون مشكلاتهم جيدا، مؤكدة أن الإعلام يقوم بتعديل السلوك وتغيير المفاهيم والأفكار ويجب أن يتصدى لظاهرة إدمان الشباب، مشددة على ضرورة قيام دور العبادة بدورها في التوعية للشباب وتفريغ طاقات الشباب في الرياضة والمعارض والأنشطة والمسابقات، وربط مناهج الدراسة بواقع الحياة، وإعادة الترابط بين الشباب ومدارسهم وجامعاتهم وبث روح المواطنة.

  

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة