د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

الطيب والخشت

د.محمود عطية

الخميس، 06 فبراير 2020 - 07:06 م

أفهم أن ما دعا إليه الأزهر تحت عنوان "مؤتمر الأزهر العالمى للتجديد فى الفكر الإسلامى" هو مؤتمر علمى بالدرجة الأولى.. وبداهة يتقدم فى المؤتمر العلمى العديد من الأبحاث العلمية وما جادت به قريحة العلماء من محاولات للتجديد فى الفكر الإسلامى.. وأظن لم يهتم الكثيرون بأن المؤتمر نتج عنه حسم أكثر من 29 قضية جدلية تثار حاليا فى العالم الإسلامى.. شملت قضايا الإلحاد والانتحار وتهنئة غير المسلمين والمخدرات والتكفير وتوضيح مفهوم الحاكمية والجهاد وغيرها.. وقد أكد العلماء على أن التجديد لازمٌ من لوازم الشريعة الإسلاميّة.
ومع أهمية ما تم التوصل إليه فى المؤتمر لم يسترع انتباه جمهور عريض غير مداخلة شيخ الأزهر الطيب لما يطرحه الخشت رئيس جامعة القاهرة.. والشيخ الطيب يدافع عما يعتقد ويراه الأصوب فى مداخلته وهذا حقه.. لكن كثيرين لم يروا ما يراه الطيب واستحسنوا ما جاء به الخشت وللناس مشارب شتى.. وانهالوا نقدا على ما قاله الطيب حتى وصل بأحدهم بأن طالب بتنحيته من منصبه.
 وهذه سابقة خطيرة فلم أعرف أن أحد العلماء يطالب أحد بتنحيته من منصبه لمجرد رأى يصرح به فى جلسة علمية ردا على مقاربة علمية من آخر.
ومع ذلك لم أتعجب من كل ذلك لأنى أعلم تماما البيئة غير العلمية التى يرزح تحتها الكثيرون ويحكمون العاطفة ولا يدركون أن ما يحدث هو خلاف علمى ونراه فى كل بلاد الدنيا.. لكن ما أدهشنى حقا وربما مر على البعض ما رأيناه وسمعناه جميعا أثناء المداخلة وهو التصفيق الحاد.. وأؤكد ثانية أنا لا يهمنى من يرفض ومن يقبل.. لكن أتساءل كيف يتم التصفيق فى جلسة علمية تسمح بتبادل الآراء العلمية المدروسة والمداخلات عليها؟!
ما أعرفه ومتأكد منه أن التصفيق لا يسمح به داخل المحافل العلمية ولم أعهد من قبل تصفيقا لبيان الرضا عن وجهة نظر علمية داخل مثل هذه المؤتمرات.. ولا أعرف أين كان رئيس المؤتمر العلمى هذا ولماذا لم يقف حائلا دون التصفيق حتى لا يتحول المؤتمر لمسرحية مبتذله..؟! وثانيا إذا كان من صفقوا يرون صواب ما قاله الطيب فهذا يعنى بداهة أنه ليس فى حاجة لمدد من الخارج وتصفيق حاد عدة مرات.. أظن التصفيق فى مؤتمر علمى يضعف ولا يقوى.
وما لفت نظرى حقيقة هى إشارة الشيخ الطيب أننا لا نصنع فردة كاوتش ومشغولون بقضايا ليست حقيقية.. أى التحول الصناعى هو المطلب الحقيقى حاليا.. وبه تتغير العديد من المفاهيم.. فنحن مازلنا بعقلية المجتمع الزراعى الذى لا يقيم وزنا للوقت ولا للمتغيرات الذهنية العالمية ونعتمد على الاتكالية.. أوربا مثلا لم تتقدم سوى بالاتجاه للتصنيع فقد تحولت إلى الاقتصاد الصناعى ومن خصائص هذا التحول التخفف من العمل الريفى إلى العمالة الصناعية وما يصحب ذلك من تطورات فى الوعى الطبقى والنظريات المتعلقة به وتغير المفاهيم وتجديد الرؤى القديمة.. الإشكالية أن البعض لا يؤمن بأن بناء العقلية التكنولوجيه هى أصوب السبل لتغيير الفكر وتجديده.. رغم كل البراهين والدلائل..!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة