السفير أسامة عبد الخالق مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الأفريقي وسفير مصر في إثيوبيا
السفير أسامة عبد الخالق مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الأفريقي وسفير مصر في إثيوبيا


حوار| مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الإفريقي: السيسي حشد الدعم الدولي لتنمية القارة السمراء

إبراهيم مصطفى

الجمعة، 07 فبراير 2020 - 06:11 ص

ساعات قليلة متبقية على تسليم مصر رسمياً رئاسة الاتحاد الأفريقى إلى دولة جنوب أفريقيا، خلال أعمال الدورة العادية الـ33 لقمة رؤساء الدول والحكومات للاتحاد الأفريقي، والتي ستعقد في العاصمة الاثيوبية أديس أبابا يومي 9 و10 فبراير الجاري، وقبل انطلاق أعمال القمة أجرت «الأخبار» حوارا خاصا مع السفير أسامة عبد الخالق مندوب مصر الدائم لدى الاتحاد الأفريقي وسفير مصر في إثيوبيا، والذي أكد أن عام رئاسة للاتحاد الأفريقي شهد تحقيق العديد من النجاحات في مجالات دفع العمل القاري، ومن أبرزها إطلاق منطقة التجارة الحرة الأفريقية.

وأشار إلى التقدير الكبير من جانب دول القارة لما شهدوه من أداء منضبط وملتزم منذ تولي رئاسة الاتحاد في فبراير من العام الماضي، كما أكد "عبد الخالق"، أن مشاركات الرئيس عبد الفتاح السيسي في القمم الدولية كان له أكبر الأثر في حشد الدعم الدولي للتنمية في أفريقيا.. وإلى نص الحوار:

- كيف تقيم نتائج عام رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي؟

للتمكن من وضع تقييم موضوعى للرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى يتعين أولاً التعرف على الأدوار والمهام المنوطة برئيس الاتحاد بجانب النظر إلى أهم الأهداف التى كانت ترجو مصر تحقيقها والوصول إليها وما تم إنجازه منها.. رئاسة الاتحاد هى مهمة تتناوب عليها الدول الأعضاء وتفرض على من يتولاها عدداً من الأدوار وعلى رأسها إدارة أعمال أجهزة صنع القرار بالاتحاد الأفريقى وهى لجنة المندوبين الدائمين على مستوى السفراء والتى تظل فى انعقاد دورى على مدار العام والمجلس التنفيذى على مستوى وزراء الخارجية، وأخيراً الجهاز الأعلى على مستوى قادة الدول والحكومات، كما يتعين على الدولة التى تتولى رئاسة الاتحاد الأفريقى تسيير ورعاية ومراقبة تنفيذ كافة المبادرات والمشروعات الهامة على أجندة عمل الاتحاد الأفريقى والتى تتسق مع أجندة 2063 بالتنسيق مع مفوضية الاتحاد، ويُكلل ذلك الدور بقيام رئيس الاتحاد بتمثيل القارة أمام المحافل الدولية ومع الشركاء الدوليين لإعلاء الصوت الأفريقى ومحاولة تلبية مُتطلبات الشعوب الأفريقية.

وقد جاءت توجيهات الرئيس عبدالفتاح السيسى واضحة بضرورة انسجام النهج المصرى فى إدارة الاتحاد الأفريقى مع النهج المُتبع على المستوى الوطنى وبالتحديد من خلال إعداد خطة واضحة وبرنامج عمل مُحكم يستهدف عدد مُنتقى من الأولويات مع التركيز على تعظيم حجم المخرجات فى إطار كل أولوية، وتنفيذاً لذلك تم اختيار عدد محدود من الأولويات وهى التكامل القارى والتنمية الاقتصادية ومجال السلم والأمن، بجانب ما تقدم استهدفت الرئاسة المصرية هدفاً هاماً آخر وهو تعزيز وتيرة التفاعل بين مصر والاتحاد الأفريقى وقارتنا الأفريقية بشكل عام على كافة المستوىات بداية من مُشاركة وتمثيل الرئيس السيسى للقارة فى عدد من المحافل الدولية بجانب تعميق التواصل على المستوى الرسمي، بحيث يُصبح عام الرئاسة المصرية «عام أفريقيا فى مصر وعام مصر فى الاتحاد الأفريقي».

ملف التكامل

- وما أهم النتائج التي نجحت مصر في تحقيقها في إطار تلك الأولويات؟

فيما يتعلق بالأولويات المُشار إلىها، وفى ملف التكامل الإقليمى والقاري، أولت مصر أهمية خاصة لهذا الملف نظراً لإيمانها بمحوريته ودوره الهام فى مجال التنمية واستقرار القارة، حيث تمت استضافة وتنظيم عدد من الفعاليات الهامة التى مثلت علامة هامة على مسار عملية التكامل وتطويرها، ففيما يتعلق بالتكامل الإقليمي، تم عقد الُنسخة الأولى من اجتماع القمة التنسيقى بين التجمعات الاقتصادية الإقليمية والاتحاد الأفريقى فى ٨ يُوليو 2019، لوضع حجر الأساس لمنصة التنسيق بين المركز والأفرع القارية، وهو البداية الحقيقية التى تمت تحت رئاسة مصر، لتتفيذ حلم القادة المؤسسين فى قارة مترابطة متكاملة وبما يعمل على زيادة التنسيق والتناغم فى العمل بين آليات صنع القرار بين كل من الاتحاد الافريقى والتجمعات الاقتصادية الإقليمية.

ولا يقتصر ذلك التعاون على السكرتاريات الخاصة بتلك التجمعات، أما فيما يتعلق بالتكامل القارى فشهدت الرئاسة المصرية الاطلاق التاريخى لاتفاقية التجارة الحرة القارية الافريقية والأدوات التشغيلية الخاصة بها، وهي الاتفاقية الطموحة التى تستهدف زيادة مُستوى التبادل التجارى بين الدول الافريقية ليصل إلى 25%، فلا يمكن تحقيق تنمية حقيقية دون تبادل تجارى واستثمارى مُقدر بين الدول الافريقية، إضافة إلى استضافة القاهرة أسبوع البنية التحتية القاري، والذى أرسى المعايير الأساسية لاختيار مشروعات البنية التحتية الافريقية خلال العقد القادم ومنها محور القاهرة- كيب تاون، وذلك إدراكاً من مصر لأهمية محور البنية التحتية.. كما أولت الرئاسة المصرية أهمية خاصة لمسار الإصلاح المؤسسى للاتحاد الافريقى من خلال القيام بدور رئيسى وفعال فى التمهيد لاعتماد هيكل جديد لمفوضية الاتحاد الافريقى قادر على مواكبة التحديات ونظام جديد للتعيينات.

وخلال عام الرئاسة المصرية تم تعزيز التفاعل بين القارة الأفريقية والدولة المصرية على كافة المستوىات، حيث استضافت مصر ما يزيد عن 30 فعالية وحدث أفريقى خلال عام 2019 فى مختلف المجالات، بما عمل على تحقيق مستوى التواصل المنشود بحيث تصبح مصر مركزاً ومقراً لتلاقى الشعوب الأفريقية ومنبراً للتحدث باسم أفريقيا، وكُلل ذلك الجهد من خلال رئاسة الرئيس السيسى قمتين أفريقيتين وهما القمة العادية الثانية والثلاثين فى 7-8 فبراير 2019 بأديس أبابا والقمة الاستثنائية الثانية عشر، واجتماع القمة التنسيقى فى 7-8 يوليو 2019 بالنيجر، بجانب ترأسه لقمة التيكاد فى يوكوهاما (28-30 أغسطس 2019) والقمة الأفريقية الروسية الأولى فى مدينة سوتشى بروسيا فى 25 أكتوبر 2019، فضلاً عن تمثيله للقارة الأفريقية فى قمة الـ G7 فى بياريتز بفرنسا «24-26 أغسطس 2019»، واجتماع وقمة الـ G20 فى أوساكا «28-29 يونيو 2019»، بالإضافة لقيامه بجولة افريقية شملت عدداً من الدول ذات الأهمية الخاصة لمصر.

وقد ساهم كل ما سبق، فى تحقيق حصاد ثرى للرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى وإبراز الدور المصرى لإعلاء المصالح الافريقية خاصة خلال الاجتماعات مع الشركاء الدوليين والتى قام خلالها الرئيس باستعراض التجارب المصرية الناجحة فى مختلف المجالات وعلى رأسها البنية التحتية وحشد الزخم والدعم اللازم لتطبيق تلك التجارب على المستوى القاري، وهو الأمر الذى تحتاجه القارة بشدة.

- ما أهم الجهود التي قامت بها مصر في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف خلال عام رئاستها للاتحاد؟

كان مجال السلم والأمن أحد الأولويات الرئيسية لعام الرئاسة المصرية، حيث تدرك مصر الارتباط الوثيق بين السلم والأمن والتنمية الاقتصادية، حيث لا يمكن التعامل مع التحديات المتزايدة فى مجال السلم والأمن بمعزل عن متطلبات التنمية والبناء الاقتصادي، من هذا المنطلق اختارت الرئاسة المصرية ملف إعادة الإعمار والتنمية بعد الصراعات نظراً لأهميته الخاصة فى إطار بنية السلم والامن الأفريقية وعدم إيلاء الاهتمام الكافى لهذا الملف بالرغم من محوريته وتركيزه على مُعالجة الأسباب الجذرية للصراعات والعمل على الوقاية من اندلاعها وتكررها وتجفيف منابع الإرهاب وأسباب انتشاره، وفى هذا المجال، تم اختيار الرئيس السيسى لريادة هذا الملف على مُستوى القارة، وتلا ذلك التوقيع على اتفاقية المقر الخاصة باستضافة مصر لمركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية بعد الصراعات على هامش منتدى أسوان للسلم والتنمية المستدامة فى 9 ديسمبر 2019 والذى سيمثل ملتقى سنويا يعقد فى مصر للتباحث بشأن قضايا السلم والأمن بالقارة.

واتصالاً بجهود مصر فى مواجهة الأزمات فى القارة ومكافحة انتشار الارهاب، فقد استضافت مصر قمتين رفيعتى المستوى حول ليبيا والسودان فى أبريل الماضى بما عمل على دعم المسار السياسى فى البلدين.

- ما أبرز ما ستعرضه مصر على دول الاتحاد الأفريقي خلال قمة أديس أبابا المقبلة من مقترحات ومشاريع قرارات؟

سيتم خلال أعمال القمة ترجمة ما تم خلال العام الماضى فى كافة المجالات إلى مشروعات مقررات واعلانات تعكس الجهود سالفة الذكر، وتوفر التوجيه السياسى ورؤية القادة لتنفيذ تلك المبادرات فى مختلف المجالات خلال الأعوام القادمة، حيث ستصدر على سبيل المثال مقررات تبرز دخول اتفاقية التجارة الحرة الافريقية القارية حيز النفاذ، وإطلاق مسار التكامل الإقليمى بين التجمعات الإقتصادية الإقليمية والاتحاد الأفريقى والجهد الذى تم لاحقاً فى صياغة الوثائق القانونية والفنية ذات الصلة، إلى جانب اعتماد الهيكل الجديد لمفوضية الاتحاد الافريقى والذى سيؤسس لمرحلة جديدة من عمل الاتحاد الأفريقى للعقود القادمة بجانب مقررات تعكس الجهود التى تمت فى مجال السلم والأمن وعلى رأسها تفعيل مركز إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد الصراعات، والإعلان الصادر عن لجنة وزراء الدفاع بشأن التعامل مع شواغل القارة فى قضايا السلم والأمن.

- ما أبرز ردود الأفعال التي عايشتموها من خلال تواجدكم في مقر الاتحاد الأفريقي من جانب الوفود الأفريقية في ختام عام الرئاسة المصرية للاتحاد؟

ردود الأفعال يمكن تقسيمها لشقين، الأول يتعلق بالتقدير الملموس والإدارك الحقيقى لمكانة مصر وتاريخها العريق فى المحيط الافريقى ودورها حكومة وشعباً فى القارة الأفريقية، وارتباط عدد كبير من قيادات الدول الأفريقية بمصر نظراً لزيارتهم لها واقامتهم بها فى مناسبات عدة، أما الثانى فيتعلق بالكيفية التى أدارت مصر بها رئاستها للاتحاد الأفريقى والانطباع العام السائد هو الأثر الإيجابى للرئاسة المصرية على دفع العمل الأفريقى قدماً وتحقيق عدد من الانجازات التى تتسق مع أولويات عمل القارة الافريقية وتخدم مواطنيها بجانب القدر العالى من الدقة والانضباط الذى اتسمت به إدارة الجانب المصرى للاتحاد الأفريقى خلال العام، وهو الأمر الذى سعت الدولة المصرية لتحقيقه منذ تولى هذا التكليف.

تعزيز آليات العمل

- كيف أثر زيادة التركيز الدبلوماسى على أفريقيا منذ تولى الرئيس السيسى على إنجاح جهود مصر خلال رئاسة الاتحاد؟ وكيف يمكن لمصر أن تبنى على نجاحات عام الرئاسة فى علاقاتها مع دول القارة؟

ساهم عام الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى فى إبراز الجهود المصرية بالقارة، وأتاح المجال للدولة المصرية فى وضع رؤيتها لتعزيز آليات العمل بالاتحاد الأفريقى ودفع العمل إلى الأمام، كما ساهم الحضور المتتابع والفعال للرئيس السيسى فى القمم الأفريقية بالإضافة لتمثيله للقارة فى عدد من المحافل الدولية على تكريس الإيمان المصرى بارتباطها القارى وابراز سعيها الجاد لتلبية احتياجات مواطنيها وهو الأمر الذى تحقق أيضاً من خلال توجيه وزير الخارجية سامح شكرى لكافة سفاراتنا بالخارج على الاستمرار فى بذل المساعى والجهود لتفعيل أواصر التعاون بين الجانب المصرى والدول الافريقية ليصبح العام بحق» عام الاتحاد الافريقى فى مصر وعام مصر فى افريقيا»، فهذا المستوى من الانخراط كانت تحتاجه الدولة المصرية لابراز عقود من الجهود والتفاعل الجاد، ولتعزيز القاعدة الصلبة للتواجد المصرى بالقارة الافريقية.

ومع تسليم الرئاسة المصرية للاتحاد الافريقى إلى جنوب افريقيا ستبدأ مرحلة جديدة ومُمتدة من العمل الجمعى الأفريقى المشترك والذى تشرف مصر به منذ تأسيس منظمة الوحدة الافريقية عام 1963، حيث ستنخرط الدولة المصرية بالتعاون مع الدول الأفريقية فى العمل على متابعة تنفيذ أولويات العمل الأفريقى المشترك وأهداف أجندة 2063 وبالتنسيق مع الرئاسات المتتإلىة للاتحاد الافريقى بداية من جنوب افريقيا - والتى بدأ التنسيق معها بالفعل لضمان الانتقال السلس للرئاسة - فالرئاسة المصرية للاتحاد الافريقى مثلت فصلاً هاماً من تاريخ الانخراط المصرى بالقارة الافريقية كما أنها مهدت فى نفس الوقت لمرحلة جديدة من التفاعل تعكس التحديات المتزايدة والتطلعات المشروعة لشعوب ومواطنى إفريقيا.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة