عمرو الخياط يكتب: دولة الرعاية عبر الحدود
عمرو الخياط يكتب: دولة الرعاية عبر الحدود


عمرو الخياط يكتب: دولة الرعاية عبر الحدود

عمرو الخياط

الجمعة، 07 فبراير 2020 - 10:08 م

 

على شواطئ ليبيا سالت دماء المصريين بأيدى الغدر والإرهاب، وقتها كان المشهد مروعا ومتحديا لمشاعر المصريين بعد أن تم إذاعة لقطات لمشاهد الذبح، لكن من ارتكب جريمته لم يكن مدركا لأبعاد الأذرع الطولى للدولة المصرية، ولم يكن مدركا أن هذه الدماء ستتحول إلى وقود يسرى فى محركات المقاتلات المصرية الرابضة على مدارجها.


لم تلبث الدماء الزكية أن اختلطت بمياه البحر إلا وقد كانت الطائرات المصرية تسابق حركة الدماء التى سالت لتصل تلك الطائرات الحربية إلى معاقل الإرهاب ومعسكراته على الضفة الليبية فتدكها دكا وتثأر لمصر، ثم عادت الطائرات إلى حظائرها قبل أن يصل الرئيس السيسى إلى مقر الكاتدرائية بالعباسية لتقديم العزاء لقداسة البابا ولجموع المصريين.


مصر دولة القانون والمؤسسات وليست دولة للعدوان، وقبل أن تنطلق الطائرات لتنفيذ ضرباتها المركزة، كانت الدبلوماسية الخفية المرتكزة فى أعماق الدولة قد سبقتها بالتنسيق والتعاون احتراما للسيادة الليبية المشروعة.


وقبل أن تحمل الطائرات قذائفها الحربية، كانت تحمل النوايا الحاسمة للدولة المصرية بحتمية الرعاية العابرة للحدود لكل مصرى فى كل بقعة من بقاع الأرض.


هنا فقط ينادى المصرى على وطنه فتستجيب الدولة المصرية لهذا النداء على الفور.


الرعاية العابرة للحدود نابعة من ملفات الدبلوماسية الإنسانية المرتكزة على حقيقة إدراك قيمة المواطن المصرى.


الرعاية العابرة للحدود ليست حالة طارئة أو موسمية بل مبدأ ثابت لدى قيادة الدولة المصرية باعتبارها حقا مستداما لكل مصرى بل بند أصيل من بنود العقد الاجتماعى المبرم بين المصرى ووطنه، حيث يترسخ الولاء والانتماء مقابل حقوق الرعاية.


فى كل مرة تتصدى فيه الدولة لمسئولياتها تجاه المصريين فى الخارج فإنها تكون مرتكزة على كامل رصيد دبلوماسيتها وتواصلاتها الخارجية التى باتت تبنيها من أجل خدمة المصرى المقيم خارج وطنه، هنا تعيد الدولة المصرية التوزيع العادل لأرصدة دبلوماسيتها بتمكين كل مصرى من امتلاك أسهمه فى الرصيد الدبلوماسى الذى أصبحت خدمة المواطن المصرى هدفا رئيسيا له تحت شعار «الدبلوماسية فى خدمة المصريين».


من نفس منطلق المسئولية الرسمية والوطنية صدرت التكليفات الرئاسية بسرعة استعادة المصريين العالقين فى ووهان الصينية والمهددين بشبح المرض.


على الفور انطلقت طائرة مصرية خاصة لاستعادتهم برعاية ونفقة وإشراف مؤسسات الدولة المعنية.


فور وصولهم إلى أرض الوطن كانت الدولة فى استقبالهم لتفعيل إجراءاتها تجاه الاطمئنان على سلامتهم وصحتهم وإيمانا بقيمة ذويهم وأسرهم الذين سيستقبلونهم، وتصديا مسئولا للصحة العامة للمصريين.


العائدون من ووهان الصينية على متن طائرة الرعاية المصرية يدركون جيدا حالة التعرض لخطر المرض الغامض فى أحضان الغربة، لكنهم وجدوا يد الدولة المصرية مبسوطة كل البسط وتدركهم أينما كانوا.


وبينما راحت دول أخرى تتجاهل مسئولياتها تجاه رعاياها خشية أن يتحولوا إلى مصدر تهديد داخلى، فإن مصر قررت تحمل كامل هذه المسئولية فى الخارج وفِى الداخل حيث كان القرار هو تحمل نفقات العلاج لمن سيثبت إصابته بالمرض، فمدت مصر يدها لتخفف من ألم الغربة بعد أن قررت ألا تتحول هذه الغربة إلى اغتراب داخل الوطن بسبب الإهمال أو التجاهل أو التخلى.


وبينما تتواصل حركة المصريين فى اتجاهاتها المختلفة فإن خريطة الدولة المصرية لرعايتهم تلاحقهم وتتدفق حولهم أينما ذهبوا بحثا عن مصدر للرزق.


هناك فى أعالى البحار بينما أبحر صيادون مصريون بحثا عن رزقهم فضلوا طريقهم ليجدوا أنفسهم تحت قيود الغربة على أرض اليمن بعدما اخترقوا حدود المياه الإقليمية وبعدما ظنوا كل الظن أنهم أصبحوا بعيدين عن مرمى أهداف الدبلوماسية المصرية، فإذا بهم يجدون وطنهم حاضرا بكامل لياقته الدبلوماسية من أجل إعادتهم إلى أحضان وطنهم الأم.


بينما أوشكت الظنون تسيطر عليهم، كانت الطائرة المصرية المكلفة قد حطت على أرض اليمن لتعيدهم إلى مصر حيث كان المسئولون رفيعو المستوى فى استقبالهم بعد أن أبت مصر أن يتحول الصيادون إلى فريسة أو إلى صيد سهل لاضطرابات إقليمية.


ومن وازع إيمان الدولة المصرية بحق كل مصرى فى الرعاية فإنها سخرت إعلامها الوطنى من اجل توثيق هذه اللحظة على شاشاتها المختلفة، التوثيق هنا كانت أهدافه محددة تجلت فيما يلى:


- طمأنة أهالى العائدين الذين ربما لم يكونوا على علم بموعد قدومهم بعد أن فقدوا الأمل فى اللقاء من جديد، حيث كان فى الانتظار زوجة وابن وابنة وأب وأم ظلوا معذبين على مدار شهور تحت وطأة المصير المجهول لذويهم.


ـ طمأنة كل مصرى فى الخارج بأن وطنه غير غافل عنه وسيجد الدولة قد انتقلت إليه إذا اقتضت ظروفه ذلك.


ـ تبصير المصريين وتذكيرهم بقيمتهم الإنسانية فى وعى الدولة.


ـ التأكيد على أن خدمة المواطن المصرى هى الهدف الرئيسى لكامل المنظومة الإعلامية الوطنية المتحدة على تمكين المصريين من الحصول على حقوقهم وتوصيل أصواتهم.


من أعماق وعى الدولة المصرية وإيمانها بقيمة مواطنيها تخترق رعايتها لهم الحدود الجغرافية.


وفي داخل ملفات الدبلوماسية تجد خدمة كل مصرى هدفا استراتيجيا ترعاه مؤسساتها وأجهزتها ليس من منطلق بذل الجهد ولكن من واقع المسئولية الوطنية بحتمية تحقيق نتائج محددة.


فى كل لحظة من لحظات الرعاية فإن الإشراف الرئاسى لا يغيب عن أدق التفاصيل التى تنفذها خلايا العمل المنسجمة فى منظومتها أدوار لجنود معلومين وآخرين مجهولين، لكن مصر أبدا لا تجهل ولا تتجاهل أبناءها أينما ذهبوا.
 

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة