الرئيس السيسي إلى جانب رئيس وزراء اليابان وزعماء القارة الإفريقية خلال مؤتمر «تيكاد 7»
الرئيس السيسي إلى جانب رئيس وزراء اليابان وزعماء القارة الإفريقية خلال مؤتمر «تيكاد 7»


مصر كشفت كنوز إفريقيا للعالم.. 365 يوماً من الرخاء للقارة السمراء

بوابة أخبار اليوم

السبت، 08 فبراير 2020 - 01:36 ص

دراسة: د. محمد شادي

- ماذا قدمت مصر خلال رئاستها للاتحاد الإفريقى؟.. سوق مشتركة ووكالة فضاء

- مصر فرضت آمال وتطلعات إفريقيا على جداول أعمال المحافل الدولية

       

تترك مصر رئاسة الاتحاد الأفريقى بعد عام حافل بالجهود المثمرة لمصلحة القارة السمراء، حيث وضعت القيادة المصرية أفريقيا على طريق الانطلاق الإقليمى والدولى بعد سلسلة طويلة من القمم العالمية التى تؤسس لشراكة دائمة بين أفريقيا والقوى الصناعية فى العالم والتى أكدت أن أفريقيا فى قلب وعقل مصر. أهم تلك الجهود نستعرضها عبر عدد من الدراسات التى أعدها باحثو المركز المصرى للفكر والدراسات الاستراتيجية وتنشرها «أخبار اليوم».

تولت مصر رئاسة الاتحاد الإفريقى لأول مرة فى فبراير 2019، وذلك بعد 17 عامًا على إنشائه، رغم كونها من أهم دول القارة وصاحبة أكبر اقتصاداتها من حيث الناتج المحلى الإجمالي. وقد استمرت رئاستها بطول العام على أن تنقلها فى فبراير الجاري، وتأتى هذه الرئاسة فى ظل تحديات جسام توجه القارة على المستوى الاقتصادي، وتطلُعات وآمال عريضة لشعوبها، ليس أقلها الدفع فى اتجاه استمرار رفع مُعدلات نمو دولها ومستويات معيشة شعوبها، وتحديث البنية التحتية الداخلية لهذه الدول لتُصبح مُنطلقًا للربط القاري، ومن بين أكبرها تحقيق التكامل الاقتصادى بين دولها. وقد حملت مصر هذه الآمال والتطلعات أثناء رئاستها للاتحاد، ففرضتها على جداول أعمال المحافل الدولية جميعها، سواء تلك التى شاركت فيها بصفتها رئيسًا للاتحاد الافريقى أو دون ذلك، وضغطت داخليًا لتجمع كلمة الدول الأعضاء على أولويات تنموية موحدة، فأنجزت فى عاما واحد ما يستعصى على الإنجاز فى عقود.

حيث عملت مصر فى المستوى القارى الداخلى على تمهيد البيئة المؤسساتية الإفريقية، لمواجهة تحديات التباطؤ الاقتصادى العالمي، والتضافر من أجل تحقيق مُعدلات نمو اقتصادية تُعزز الاستقرار السياسى والأمنى للدول الأعضاء، بما ينعكس على تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية إلى الداخل الإفريقي، حيث تحل القارة أخيرًا بين القارات الخمس الكُبرى فى قائمة تلقى الاستثمارات الأجنبية المُباشرة، إذ استقبلت فقط ما إجماليه 45.9 مليار دولار، سبقتها قارة أمريكا اللاتينية باستثمارات بلغت 146.7 مليار، فى حين حلت أسيا على رأس القائمة بـ 511.7 مليار دولار فى عام 2018، ولذلك فقد اتخذت مصر مُقاربات ثلاثة لتغير هذا الوضع وهى تعزيز الأُطر التنظيمية الحاكمة للعلاقات الاقتصادية البينية، والاستثمار فى البنية التحتية القارية.

تُعانى القارة من عدم وجود بنية تنظيمية أو مؤسساتية تدفع دولها للتعاون الاقتصادى فيما بينها، على الرغم من الثروات الطبيعية الضخمة التى تحتكم عليها، ولذلك عملت مصر مع العديد من الدول الإفريقية على خلق أُطر جديدة للتعاون البينى وتعزيز الأطر الموجودة فعلًا، فأنشئت على سبيل المثال «المعهد الإفريقى للتحويلات المالية» وهو مؤسسة تابعة لمفوضية الاتحاد الافريقي، بهدف تحسين القياس الإحصائى وقدرات الدول الأعضاء على جمع البيانات المُتعلقة بالتحويلات المالية فيما بينها والعالم الخارجي، بما يُحسن استخدامها فى خدمة التنمية الاجتماعية والاقتصادية للدول الأعضاء، وكذلك أقرت النصوص التنظيمية «للسوق الافريقية الموحدة للنقل الجوي» بهدف تعزيز وضمان منافسة حرة ونزيهة فى مجال خدمات النقل الجوى داخل أفريقيا، بغية تطوير وتنمية صناعة النقل الجوى والإسهام فى رفاهية مواطنى الدول الأطراف.

لكن أكبر إنجازين فى هذا الإطار كانا: - إدخال «اتفاقية التجارة الحُرة الإفريقية» حيز النفاذ فى مايو 2019، وتُعتبر هذه الاتفاقية خطوة مُتقدمة على طريق إنشاء اتحاد جمركى قارى وسوق مُشتركة قارية، وتبنى النظام الأساسى «لوكالة الفضاء الإفريقية» التى تهدف إلى تسخير فوائد وعلوم تكنولوجيا الفضاء فى مُعالجة الفرص والتحديات الاجتماعية والاقتصادية فى القارة.

ودفعت مصر فى اتجاه تنمية البنية التحتية الإفريقية على نحو ما انتهجته فى الداخل المصري، ولذلك فقد تبنت «المبادرة الرئاسية لتنمية البنية التحتية فى أفريقيا PICI»، بما تشمله من مشروعات لربط دول القارة مثل مشاريع الربط الملاحى كمشروع الربط بين بحيرة فكتوريا والبحر المتوسط والذى يخدم الدول الأفريقية الحبيسة ويوفر لها منفذاً اقتصاديًا على باقى دول القارة والعالم الخارجى ومشروع الطريق السريع عبر الصحراء الكبرى، ومشروع خط الغاز العابر للصحراء، ومشروع خط الألياف الضوئية العابر من الجزائر إلى نيجيريا مروراً بالنيجر، وشبكة الألياف الضوئية للربط بين رواندا والدول المجاورة. ونتاجًا لذلك برز مشروعان هامان للغاية هما:

(أ) - مشروع «طريق الإسكندرية - كيب تاون» للربط البرى بين دول القارة والذى يمتد عبر تسعة محاور طولية وعرضية وعبر 15 دولة وبطول إجمالى يبلغ 9.7 ألف كيلو متر.

  (ب)- مشروع «الربط الكهربائى بين دول القارة» والذى بدأ فعليًا بالربط الكهربائى بين مصر والسودان لكن المشروع أكبر من ذلك حيث ينضوى تحت ما يُعرف بـ مشروع Champion الذى يهدف إلى تطوير شبكة الربط الكهربائى القاري، وتتولى مصر تطوير هذه الشبكة بناء على طلب من وكالة الاتحاد الإفريقى للتنمية «نيباد»، بهدف خلق شبكة الرئيسية للربط الكهربائى بين دول القارة وبين القارة بالكامل وقارة أوروبا.

3- الاستثمار فى الشباب الإفريقي:

مُنذ تولى مصر رئاسة الاتحاد الافريقى أظهرت اهتمامًا غير مسبوق بالشباب الأفريقي، ولعل أبرز تجليات ذلك كان إطلاق الرئيس السيسى فى مارس 2019 «ملتقى الشباب العربى الإفريقي» فى أسوان، كأول منصة تجمع شباب التجمعين الذين يُشكلان بعضًا من أهم الأعمدة السبعة للشخصية المصرية، تلى ذلك إطلاق «البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب الإفريقى للقيادة» تنفيذًا لإحدى توصيات منتدى شباب العالم 2018.

أما على المستوى الخارجى فقد وظفت مصر الدبلوماسية لخدمة الاقتصاد، حيث عُقدت بين دول الاتحاد والقوى العُظمى الاقتصادية عدد من المؤتمرات خلال العام أتى على رأسها:

1- القمة الإفريقية - الصينية المُصغرة التى كان الرئيس السيسى قد شارك فيها على هامش قمة العشرين فى أوساكا اليابانية خلال يونيو 2019، بصفته رئيسًا للاتحاد الإفريقي، وذلك بحضور رؤساء الصين، جنوب إفريقيا، والسنغال. دعى البيان النهائى للقمة إلى تعزيز التنسيق والحفاظ على التعددية، وحماية النظام التجارى الدولى القائم على القواعد، وتشجيع الأنماط التنموية والتجارية العادلة والمستدامة والقائمة على الاحترام المتبادل، ووضع جدول أعمال أكثر توازنا للمفاوضات التجارية الدولية، لتحقيق الرخاء المشترك والنمو الاقتصادى العالمي.

2- أمام مجموعة العشرين ذاتها جاءت كلمة الرئيس مُطالبة الدول المُتقدمة بتذليل العقبات أمام النفاذ للتمويل لدول القارة، وتيسير الاستفادة من التكنولوجيا الرقمية والتكنولوجيا البازغة وتسخيرها لخدمة أغراض التنمية.

3- أكدت مصر على ذات المعانى مُجددًا، فى 25 أغسطس من ذات العام عندما طالبت الدول المُتقدمة بتنفيذ التزاماتها التنموية تجاه دول القارة.

4- برزت الدبلوماسية الاقتصادية للاتحاد الافريقى بقيادة مصر فى أبهى صورها خلال جلسات مؤتمر طوكيو الدولى السابع للتنمية الأفريقية «تيكاد 7» الذى ركز المؤتمر الذى حضره 40 دولة على محاور ثلاثة رئيسية تعلقت منها اثنتين بالجانب الاقتصادى هما: تسريع التحول الاقتصادى الإفريقى بمساعدة اليابان، وتحسين بيئة الأعمال والاستثمار فى إفريقيا من خلال إشراك القطاع الخاص، وكذلك بناء مجتمعات مستديمة، أما المحور الأخير فخصص لتكريس أسس الأمن والاستقرار فى القارة الأفريقية.

5- لم تمل مصر من عرض الرؤية الإفريقية للتنمية فى كُل المحافل الدولية، ففى نوفمبر 2019 خلال القمة غير الرسمية بين مجموعة العشرين ودول القارة التى انعقدت فى برلين، شدد الرئيس خلال كلمته على أن جذب الاستثمارات العالمية قاطرة لا غنى عنها للاستقرار والازدهار فى القارة.

6- عُقدت تحت رئاسة مصر للاتحاد لأول مرة قمة روسيا إفريقيا الأولى، وقد خرجت هذه القمة بسبعة محاور للتعاون بين الطرفين، أهمها المحور الاقتصادي، والذى هدف إلى تعزيز التعاون التجارى والاقتصادى عن طريق توثيق الجهود الداعمة للتجارة والاستثمار والتنمية المُستدامة بينهما.

7- بالمثل عُقدت للمرة الأولى فى يناير 2020، وتحت رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى قمة الاستثمار البريطانية- الإفريقية الأولى فى العاصمة البريطانية لندن، والتى وضعت الأسس لإقامة شراكات جديدة بين المملكة المتحدة والدول الأفريقية.

جمعت هذه القمم والمؤتمرات دول القارة مع القوى العظمى من أهم المُستثمرين فيها، وعلى رأسهم فرنسا باستثمارات تبلغ 64 مليار دولار، هولندا، 63 مليارًا، الولايات المُتحدة بـ 50 مليارًا، المملكة المُتحدة 46 مليارًا، الصين 43 مليارًا، وإيطاليا بـ 28 مليارًا، والتى تُشكل مُجتمعة ما إجماليه حوالى 300 مليار دولار من الاستثمارات المُتراكمة، وتبلغ صادرات القارة ووارداتها منها وإليها ما يزيد على نصف تجارتها الخارجية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة