كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

عبد الناصر والإخوان وفلسطين!

كرم جبر

السبت، 08 فبراير 2020 - 07:49 م

أيلول الأسود كان السبب فى موت الرئيس جمال عبد الناصر، أوجع قلبه ولم يتحمل المذبحة التى تعرض لها الفلسطينيون فى الأردن، وبعد قمة شهيرة عقدها فى القاهرة لحقن الدماء، ودع أمير الكويت فى المطار، وذهب إلى منزله وتناول كوباً من العصير ولفظ أنفاسه الأخيرة.
ولد الزعيم الراحل عام 1918 ومات 1970 عن عمر يناهز 52 سنة، فى عز شبابه ولم يكن مصاباً بأمراض عضوية إلا بالسكرى وبعض متاعب القلب التى لا تؤدى الى الوفاة فى هذه السن المبكرة، ولكن الأمراض السياسية عجلت بنهايته، وهو فى قمة الحزن على العروبة.
تلقى عبد الناصر قبل وفاته الطعنة الكبرى فى حرب 67، فقضى سنواته الأخيرة مهموماً وحزيناً، وينتظر اليوم الذى ينفض فيه تراب الهزيمة عن وطنه، وتبدد مشروع تحرير فلسطين، وتم اختزال الحلم العربى الكبير فى استعادة الأراضى العربية المحتلة، وتحريرها من دنس الاحتلال.
أيلول الأسود كان بقعة سوداء فى تاريخ كل من اشترك فيه، فالفلسطينيون طمعوا فى الأردن واستباحوا سيادته ولم يراعوا حق الضيافة فى بلد أكرمهم واعتبرهم مثل أبنائه، فأقاموا دولة داخل الدولة، ومنحوا التأشيرات وأسسوا الجمارك وفتشوا المطارات والمسافرين وحاولوا خلع الملك حسين، وحولوا شوارع عمان إلى ساحات للحرب الأهلية.
ربما يكون الأردن معذوراً فى الاستعانة بالولايات المتحدة لتحمى دولته من الضياع، وساهم تآمر القيادات الفلسطينية فى تشريد آلاف العائلات من الأردن، بينما كان عبد الناصر المثخن بجراح النكسة يبذل جهداً خرافياً، وهو يرى أمام عينيه نزيف الدم العربى، والعرب يحاربون أنفسهم بدلاً من توحيد الصف للوقوف ضد إسرائيل.
مات وهو ينزف من أجل فلسطين، التى وهب حياته لها وجعلها قضية العرب الكبرى، والتفت حولها مختلف الأنظمة العربية من المحيط إلى الخليج شعار القومية العربية، ولولا ذلك لضاعت القضية وتشتت الفلسطينيون.
مات عبد الناصر إكلينيكياً بعد نكسة 67، وأدرك أن شعار إلقاء إسرائيل فى البحر صار مستحيلاً، وتراجع الطموح القومى وصعدت التيارات المتطرفة إلى السطح، ومهدت الأجواء إلى الإرهاب، فكان التطرف الصاعد بديلاً للأحلام القومية المنتحرة.
ولعب الإخوان على فلسطين وقضيتهم، رغم أنهم لم يرسلوا جندياً واحداً فى حرب 48 ولم يطلقوا رصاصة واحدة، وظلوا منذ ذلك التاريخ يرددون مقولة «رايحين بالملايين على فلسطين»، الملايين الوهمية.
أقام الإخوان صلاة الشكر فرحاً فى نكسة 67، بدعوى أنها ستخلصهم من حاكم ظالم، مع أن الجرح الغائر كان فى قلب مصر، وأصاب شعبها بالحزن والألم والإصرار على تحرير الأرض المحتلة.
وحولوا سيناء إلى ميدان للحرب الأهلية أثناء عام حكمهم، فقتلوا جنودنا واستباحوا حدودنا وتاجروا بالقضية التى كبدت مصر خسائر بشرية ومادية لا تتحملها الدول الكبرى.
والآن وبمناسبة صفقة يعودون لنفس الأسطوانة المشروخة بإنكار تضحيات مصر من أجل فلسطين، مع أنهم لو أخلصوا النوايا منذ سنوات الضياع، ما كان هذا هو حال القضية الفلسطينية.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة