السفيرة سها جندي
السفيرة سها جندي


حوار| السفيرة سها جندي: الأفارقة يبدون إعجابهم بنموذج القيادة الواعى المتزن للرئيس

إبراهيم مصطفى

الأحد، 09 فبراير 2020 - 05:46 ص


- شارك السيسى فى العديد من الفاعليات الدولية حاملاً رؤى ومواقف القارة السمراء

- مصر أرست نموذجاً يحتذى به فى رئاسة الاتحاد الأفريقى


أكدت السفيرة سها جندى مساعد وزير الخارجية مدير إدارة المنظمات والتجمعات الأفريقية أن التنسيق والترابط بين أجهزة الدولة أثمر عن برنامج عمل متكامل لرئاسة الاتحاد الأفريقي، أدى فى ختام عام الرئاسة إلى نجاحات ملموسة أشاد بها الأشقاء الأفارقة، مؤكدة فى حوار خاص لـ«الأخبار» أن جولات الرئيس عبدالفتاح السيسى الخارجية أبرزت هموم وتحديات القارة الأفريقية والفرص الواعدة بها، وأشارت إلى استمرار القاهرة فى خدمة قارتها الأفريقية من خلال السعى لعضوية مجلس السلم والأمن الأفريقى واستمرار ريادة الرئيس السيسى فى ريادة موضوع إحياء سياسة الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات.. وإلى نص الحوار:

 > كيف أعدت وزارة الخارجية لعام رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي؟
أتى تولى مصر لرئاسة الاتحاد الأفريقى لأول مرة منذ 26 عاماً، حيث كانت المرة الأخيرة التى تولت فيها مصر رئاسة منظمة الوحدة الأفريقية -التى بنى عليها الاتحاد الأفريقي- عام 1993. ومن أجل أن يكون عام الرئاسة المصرية مثمراً وملبياً للتوقعات الكبيرة المعقودة على دولة كبيرة فى حجم مصر، اعتمد الرئيس السيسي، برنامجاً متكاملاً للرئاسة المصرية يتضمن مجموعة من محاور العمل بهدف تحقيق أقصى استفادة ممكنة من فترة الرئاسة لتعزيز التواجد والدور المصرى فى القارة الأفريقية وإحداث طفرة فى المنظمة وتنمية دولها، ومن بين هذه المحاور تعزيز جهود الدولة المصرية للاندماج الاقتصادى والتجارى والاستثمارى على المستوى الأفريقي، وتقديم المزيد من الدعم لبناء القدرات الأفريقية فى مختلف المجالات، وتوسيع المشاركة المصرية فى أنشطة السلم والأمن القارية، والاهتمام بوجه خاص بجهود إعادة الإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات على ضوء استضافة مصر للمركز الأفريقى ذى الصلة، والانخراط فى جهود الوساطة لمنع النزاعات فى أرجاء القارة الأفريقية، واستضافة المزيد من أجهزة الاتحاد الأفريقى فى مصر، وتعزيز أدوار الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية ومركز القاهرة الدولى لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام على الساحة الأفريقية، والترويج للدواء المصري، وتطوير الرعاية الصحية فى الدول الأفريقية، والترويج للجامعات المصرية فى أفريقيا كقبلة للطالب الافريقى لنيل التعليم، وإبراز الهوية الأفريقية لمصر، وتكثيف الأضواء الإعلامية على الرئاسة المصرية.


وقد جاء هذا البرنامج المتكامل نتيجة جهد مكثف قامت به كل قطاعات وزارة الخارجية بالتعاون مع أجهزة الدولة المختلفة من خلال اجتماعات تنسيقية للجهات الوطنية بدأت فى وقت مبكر فى أواخر عام 2017، واستمرت طوال عامى 2018 و2019 فى جهد متصل للتحضير الموضوعى والتنظيمى ليكون عام الرئاسة المصرية متميزاً بما يليق بمكانة مصر الدولية والقارية. وأود أن أشيد بالمستوى الرفيع للتعاون الذى لمسناه من كل أجهزة الدولة للوصول للنتيجة المشرفة التى حققناها، حيث كان الجميع على مستوى المسئولية وعلى قدر الحدث القارى المهم لمصر.


المشاركة الاستثمارية
> ما الموضوعات التى ركزت عليها مصر خلال فترة رئاستها؟
لاشك أن قارتنا الأفريقية لا تزال تواجه العديد من التحديات، لكنها نجحت أيضاً فى تحقيق العديد من الإنجازات وإحداث تحولات مهمة على صعيد تثبيت دعائم الاستقرار والسلام، ومؤشرات النمو الاقتصادى الواعدة فى العديد من الدول.

من هنا كان على مصر تحديد أولويات وأهداف عام لرئاستها بشكل يراعى هذه التحديات ويبنى على ما تحقق من إنجازات. ولقد صاغت مصر 6 أولويات استناداً على الأهداف المتفق عليها بين الدول أعضاء الاتحاد، ومن أهمها أجندة الاتحاد الأفريقى للتنمية عام 2063، وأهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة لعام 2030، فضلاً عن التوظيف الأمثل للإمكانات والخبرات المصرية لدفع عجلة العمل الأفريقى المشترك، وتحقيق مردود ملموس من واقع الدراسة الحقيقية للاحتياجات الفعلية للدول والشعوب الأفريقية. حيث أعلن الرئيس السيسى عند تولى مقاليد رئاسة الاتحاد الأفريقى عن الأولويات، أولا تحقيق التكامل الاقتصادى والاندماج الإقليمي، ودفع الوجود المصرى الاقتصادى والمشاركة الاستثمارية فى ربوع القارة السمراء.

وتطوير البنية التحتية داخل القارة وربط أقاليمها بما يسهل الاندماج والتكامل، ثانيا التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتقديم مزيد من الدعم لبناء القدرات الأفريقية فى مختلف المجالات، واستضافة المزيد من أجهزة الاتحاد الأفريقى فى مصر لخدمة القارة، أما الأولوية الثالثة فتركزت حول السلم والأمن، والانخراط فى جهود الوساطة لمنع النزاعات، والاهتمام بوجه خاص بجهود إعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات على ضوء استضافة القاهرة لمركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات، رابعا الإصلاح المؤسسى والمالى لمفوضية الاتحاد الأفريقى وتطوير العمل فى مؤسسات الاتحاد الأفريقى من أجل ضمان كفاءتها وفعاليتها، خامساً مد جسور التواصل الثقافى والحضارى بين الشعوب الأفريقية، والاستفادة من تعدد الثقافات والأفكار، فالوحدة فى التنوع هو شعار القارة الأفريقية، وآخر الأولويات كان التعاون مع الشركاء الدوليين والإقليميين لتحقيق المصلحة المشتركة، والاستفادة القصوى لقارتنا الأفريقية من فرص التنمية والاستثمار المحتملين.


السلم والأمن
> شهدت الساحة الأفريقية متغيرات عدة خلال العام الماضي، بعضها كان له تأثير مباشر على مصر، مثل التطورات فى ليبيا والسودان. فما هى الجهود التى بذلتها مصر تجاه تلك القضايا؟
احتلت قضايا السلم والأمن فى قارتنا مكانة متقدمة فى سلم أولويات رئاسة مصر للاتحاد الأفريقي. وقد دفعت الأحداث الساخنة لعام 2019 على الساحة الأفريقية الرئاسة المصرية لمواجهتها والتعامل معها، وكان من أبرزها الملف السوداني، حيث دعا الرئيس السيسى لقمة للشركاء الإقليميين للسودان اجتمعت فى 23 أبريل 2019، للتباحث حول مستجدات الأوضاع فى السودان، وتوصلت مع الفرقاء السودانيين إلى مهلة 3 أشهر للتباحث حول أنسب السبل للتوصل إلى اتفاق للانتقال السلمى للسلطة، وعقب تعليق عضوية السودان فى الاتحاد الأفريقي، عقدت مصر اجتماع متابعة على المستوى الوزارى لقمة الشركاء الإقليميين للسودان فى 20 يونيو 2019، حيث أكد الاجتماع استمرار الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى فى تنسيق الجهود لمساعدة الأطراف السودانية لاستئناف المفاوضات، ومناشدة المجتمع الدولى لدعم الاقتصاد السوداني.


وفى الشأن الليبى استضاف الرئيس قمة لترويكا رئاسة الاتحاد الأفريقى إلى جانب لجنة ليبيا بالاتحاد بهدف مناقشة تطورات الأوضاع السياسية فى ليبيا. كما شاركت مصر فى اجتماعات لجنة ليبيا فى الاتحاد الأفريقى فى 30 يناير 2020 فى الكونغو برازافيل.


وقد قام الرئيس السيسى بجهود أخرى فى الإطار الأفريقى لاقت تقديراً واسع النطاق من قبل الأشقاء الأفارقة، وعلى رأسها استضافة قمة ثلاثية مع رئيسى دولتى الصومال وكينيا، ورئيسى جيبوتى وكينيا وذلك استجابة لطلبهم على ضوء رئاسة مصر للاتحاد الأفريقى والعلاقات المتميزة التى تربطها بالبلدين، حيث تم بحث الملفات الخلافية بين الأطراف وتقريب وجهات النظر بينهم. وقد جاءت هذه اللقاءات على هامش الجمعية العامة للأمم المتحدة ٢٥ سبتمبر ٢٠١٩.
ولا يفوتنى فى هذا الإطار الإشارة إلى منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة الذى عقدته مصر وناقش ايضا القضيتين، بالإضافة إلى قضايا أمن البحر الأحمر ودعم قدرات الدول لإسكات البنادق والخروج من النزاعات وإعادة الإعمار.


العلاقات الاقتصادية
> العالم يعيش عصر التكتلات الكبرى اقتصادياً وسياسياً.. فما أنشطة مصر لتعزيز العلاقات الاقتصادية بين دول القارة الأفريقية خلال عام رئاسة الاتحاد؟
تؤمن مصر بضرورة إطلاق الطاقات الكامنة فى دول قارتنا الأفريقية، وقدرتها على تحقيق التنمية الاقتصادية المنشودة وتحقيق تطلعات شعوبها فى التقدم الاقتصادى والرخاء واحتلال مكانتها المستحقة بين دول العالم. من هذا المنطلق أعطت مصر أولوية متقدمة لموضوعات التنمية خلال عام رئاستها للاتحاد الأفريقي، وهو ما يتسق مع تطلعات وأهداف أجندة التنمية للاتحاد الأفريقى لعام 2063، حيث ترأس الرئيس السيسى قمة الاتحاد الأفريقية الاستثنائية فى 7 يوليو 2019، والتى شهدت الإعلان الرسمى عن إطلاق اتفاقية التجارة الحرة القارية الأفريقية وأدواتها التشغيلية، وهو الإنجاز الذى تفخر به مصر، وتعتبره نقطة تحول مهمة على طريق تحويل أحلام الآباء المؤسسين لمنظمة الوحدة الأفريقية ناصر ونكروما وكينياتا وسيكوتورى فى الوحدة والترابط السياسى والاندماج الاقتصادى والتكامل القارى إلى واقع، وتعد منطقة التجارة الحرة القارية الأفريقية الأضخم على مستوى العالم، حيث يبلغ عدد سكان القارة (1.2) مليار نسمة بإجمالى 3.4 تريليون دولار ناتجا محليا، وهو ما يعنى أسواقاً واعدة وفرصاً اقتصادية غير محدودة للاستثمارات المصرية فى ظل القبول الواسع الذى تحظى به المنتجات المصرية فى أفريقيا.


كما حققت مصر تحت قيادة الرئيس خطة تطوير شاملة للبنية التحتية وضاعفت قدرات إنتاجها الكهربائى فى بضع سنين، لم تتوان عن المساهمة بخبراتها فى جهود التنمية فى قارتنا السمراء، حيث استضافت مصر العديد من الفعاليات الاقتصادية فى هذا الإطار، وكان من أهمها استضافة مصر للاجتماع الوزارى للدول الأعضاء فى المبادرة الرئاسية لتنمية البنية التحتية فى أفريقيا (PICI) فى أكتوبر 2019. كما عقد بمصر أسبوع الاتحاد الأفريقى الخامس للبنية التحتية فى نوفمبر 2019، والذى أعلن فى ختامه عن ريادة مصر لمشروع وضع الخطة الرئيسية للربط الكهربائى القارى تمهيداً لإنشاء السوق الأفريقية المشتركة للطاقة.


وتتابع مصر بالتعاون مع جنوب أفريقيا تنفيذ محور (القاهرة- كيب تاون) لربط أقصى شمال القارة بأقصى جنوبها لفتح مسارات للتجارة والاستثمار وتحرك السلع والمنتجات ورأس المال بحرية وبشكل سريع بين مختلف أرجاء القارة. وهذا المشروع الرائد الذى يمر بالعديد من الدول سيفتح آفاقاً واعدة للاستثمار فى مناطق لا تزال بكراً من الناحية الاقتصادية. إلى جانب مشروع الممر الملاحى بين البحر الأبيض المتوسط وبحيرة فيكتوريا (VICMED)، والذى تتولى مصر ريادته فى إطار المبادرة الرئاسية لتنمية البنية التحتية فى أفريقيا، والذى سيعزز الاستخدامات الملاحية لنهر النيل للربط التجارى والسلعى بين دول حوض النيل.


زيارات الرئيس
> كيف ساهمت زيارات الرئيس الخارجية فى إنجاح الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي؟
شملت مسئوليات الرئيس السيسى كرئيس للاتحاد الأفريقى تمثيل القارة الأفريقية فى المحافل الدولية والقارية المختلفة، وحمل رؤية ومواقف قارتنا العزيزة إلى منابرها والدفاع عن مصالحها وأهدافها من على منصاتها، حيث شارك الرئيس فى العديد من الفعاليات المهمة التى شهدتها الساحة العالمية، وكان أبرزها مشاركته بصفته رئيساً للاتحاد الأفريقى فى قمة مجموعة العشرين باليابان يونيو 2019، وقمة مجموعة السبع الصناعية الكبرى فى فرنسا أغسطس 2019، وقمة الاستثمار أفريقيا- بريطانيا فى يناير الماضي، كما ترأس بشكل مشترك كلا من القمة السابعة لمؤتمر طوكيو الدولى للتنمية فى أفريقيا/ التيكاد أغسطس 2019، والدورة الأولى لقمة روسيا- أفريقيا أكتوبر 2019.


ويعكس هذا العدد الكبير من الفعاليات حجم الاهتمام الكبير الذى باتت تحظى به قارتنا الأفريقية على الساحة العالمية، والاهتمام الدولى بالاستثمار فى قارتنا الفتية الزاخرة بالموارد والثروات الطبيعية، وهو ما يفرض على دول قارتنا تحديد أولوياتها وضمان «الملكية الأفريقية» لكل البرامج والمشروعات المقدمة إلينا لكى تعكس الاحتياجات الفعلية لشعوبنا وتحقق مصالحنا وفق علاقات تقوم على الشراكة والندية. وقد أكد الرئيس السيسى على كل هذه المواقف فى مختلف المحافل التى حضرها معلياً مصلحة قارتنا الأفريقية ومؤكداً على أن دولها قد شبت عن الطوق وأن المستقبل الزاهر هو ملك لها.


الرئاسة المصرية
> كيف تقيمين المكاسب التى حققتها مصر خلال عام رئاستها للاتحاد الأفريقي؟
نظرة سريعة عليها تبين حجم الإنجاز الذى تحقق خلال عام فى فترة قياسية توضح أنه إذا ما توافرت الإرادة السياسية فإنه يمكن إحداث نقلة كبيرة فى مسار العمل الأفريقى المشترك. وتمثلت بعض هذه المكاسب فى:
اعتماد قمة الاتحاد الأفريقى فى فبراير 2019 تفعيل ريادة الرئيس السيسى لسياسة الاتحاد الأفريقى الإطارية للإعمار والتنمية فيما بعد النزاعات، إلى جانب التوقيع على اتفاقية استضافة مصر لمقر مركز الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات على هامش منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة فى ديسمبر 2019، وهو ما يعد إنجازاً كبيراً لمصر، وخطوة مهمة على طريق تفعيل ريادة الرئيس لهذا الموضوع فى الاتحاد الأفريقي.


اعتماد قمة الاتحاد الأفريقى فى فبراير 2019 قرار استضافة مصر لمقر وكالة الفضاء الأفريقية، تقديراً للدور الريادى الذى تلعبه فى هذا المجال.


وعلى هامش استضافة مصر لأعمال اللجنة الوزارية الفنية المتخصصة للدفاع والأمن والسلامة فى ديسمبر 2019، فقد أجيزت خارطة طريق القاهرة لتطوير أداء عمليات حفظ السلام، كموقف أفريقى مشترك للتعامل مع التطورات على الساحة الدولية، وبخاصة مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة «العمل من أجل حفظ السلام».. نجحت الرئاسة المصرية بالتعاون مع الدول الأعضاء فى اعتماد ميزانية مخفضة للاتحاد الأفريقى تقدر بـ647 مليون دولار، وذلك فى إطار ترشيد الإنفاق وعملية الإصلاح المؤسسى الجارية فى الاتحاد الأفريقى دون تأثير على برامج الاتحاد التى شهدت طفرة خلال هذا العام.


استضافة مصر لكأس الأمم الأفريقية فى يونيو 2019، ونجاحها فى تنظيم البطولة فى زمن قياسى وإخراجها بشكل مبهر لاقى الإشادة والاستحسان، وقدم صورة رائعة تليق بمكانة مصر الدولية والقارية.


وأود التأكيد على أن مصر لن يتوقف عطاؤها ولا جهدها بعد انتهاء رئاستها، بل ستستمر فى جهودها المخلصة بالتعاون مع الأشقاء الأفارقة من خلال وجودها فى الترويكا الرئاسية للاتحاد. . كما من المقرر أن تتسلم مصر رئاسة السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا/ الكوميسا فى نهاية عام 2022.

وسيستمر الرئيس السيسى فى ريادة موضوع إحياء سياسة الاتحاد الأفريقى لإعادة الإعمار والتنمية ما بعد النزاعات. وعلى الصعيد الوطنى لا يفوتنى الإشارة إلى أن الاقتصاد الوطنى قد استفاد بشكل كبير خلال العام الجاري، من خلال الاستثمارات الخاصة التى اقتحمت عدداً أكبر من الأسواق الأفريقية، بالإضافة إلى تعزيز سياحة المؤتمرات فى مصر من خلال استضافة العديد من المؤتمرات والاجتماعات الأفريقية فى القاهرة وشرم الشيخ وأسوان. وروجت للتجربة المصرية كتجربة رائده فى أفريقيا.


المكانة المصرية
> كيف تفسرين النجاح الكبير الذى حققته مصر فى عام رئاستها للاتحاد الأفريقي؟
يعتبر عام الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى استثنائياً فى مسيرة العمل الأفريقى المشترك نظراً لحجم الفعاليات والإنجازات التى تحققت فى وقت قياسي. والحقيقة ان هذه الإنجازات يمكن تفسيرها بعدد من العوامل، أهمها عملية الإعداد التنظيمى والموضوعى لعام الرئاسة المصرية، والدور والمكانة المصرية المرموقة، التى تتمتع بها مصر داخل وخارج القارة، والإدارة الموفقة للرئاسة المصرية لزمام الأمور فى الاتحاد الأفريقي، والنجاحات والمكاسب المختلفة التى تحققت خلال هذا العام التاريخي.


ولا شك أن المكانة المرموقة لمصر قد ساعدت كثيراً فى إبراز عام الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي. فمصر دولة محورية فى منطقتها وفى العالم، ومنفتحة فى الوقت ذاته على العديد من المناطق الجغرافية والمنظمات الإقليمية والدولية بما يتيح لها القدرة على التأثير وحمل قضايا القارة الأفريقية إلى آفاق أرحب وأوسع، وهو ما قام به بالفعل رئيس الجمهورية، حيث حرص فى كل مشاركاته الدولية ومنها على سبيل المثال مشاركته فى الشق رفيع المستوى للدورة 74 للجمعية العامة للأمم المتحدة، وقمم مجموعة العشرين والتيكاد على الإشارة للتحديات التى تواجهها قارتنا الأفريقية، والإنجازات التى نجحت فى تحقيقها، وكذا آمال وتطلعات شعوبها فى التقدم والتنمية الاقتصادية.


ولابد أن نشير إلى البرنامج المتكامل الذى اعتمده رئيس الجمهورية، والذى كانت وراءه عملية إعداد موضوعى كبيرة وطويلة اشتركت فيها كل قطاعات وزارة الخارجية بالتنسيق والتعاون مع أجهزة الدولة المعنية وجهد دءوب وجاد ومتابعة أدت إلى النجاح الذى نحمد الله عليه.


كما أن الزيارات المتعددة للرئيس السيسى للدول الأفريقية، واهتمامه الشخصى بتعزيز وتعميق هذه العلاقات على كل الأصعدة لهو خير دليل على السياسة الخارجية النشطة لمصر ودورها كلاعب دولى عملاق يستغل أدواته لدعم قارته.


وقد تميزت الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقى بسيادة روح التوافق والتشاور مع الدول الأعضاء ومع مفوضية الاتحاد الأفريقى وأجهزته المختلفة، وهو ما كان محل إشادة وتقدير كبيرين من قبل الأشقاء الأفارقة الذين أبدوا إعجابهم بنموذج القيادة الواعى والمتزن للرئيس السيسي، وقدرته على الحوار والوصول لتفاهمات بين مختلف دول اعضاء الاتحاد الأفريقي، وإتاحة المجال كاملاً أمامها للتعبير عن آرائها، وبناء التوافق كلما كان هذا ممكناً، مع ترجيح كفة الأغلبية إذا ما تعثر التوافق، وضمان قيادة الدول الأعضاء لتوجهات الاتحاد، وتغليب مصلحة الاتحاد ككل على الرؤى والمصالح الضيقة، مما أرسى مثلاً يحتذى فى تسيير أعمال الاتحاد.


ومن المهم التوضيح أن دور دولة الرئاسة للاتحاد الأفريقى هو قيادة الاتحاد بالتنسيق مع هيئة مكتب الرئاسة، والترويكا ومفوضية الاتحاد، لم تنفرد باتخاذ القرار بشأن سياسات أو مواقف او توجهات للاتحاد أو الفعاليات التى تم تنظيمها، وإنما تركزت مهمتها فى تسهيل التوصل إلى توافقات بهذا الشأن فى إطار وحدة الصف والكلمة الأفريقية. من هنا كان الدور البناء للرئاسة المصرية، والذى يعكس أيضاً عراقة مصر وتاريخها ودور مدرسة الدبلوماسية المصرية، وخبراتها المتراكمة فى العمل الخارجى وتحقيق المصالح العليا للوطن.


وقد وفرت الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقية نافذة ملائمة لتقديم مصر فى ثوبها الجديد إلى العالم وإلى قارتنا الأفريقية، كما عرضت صورة واقعية عن التحولات الإيجابية والتطور الكبير الذى تشهده مصر فى كل المجالات. لقد أكدنا بالدليل القاطع أن مصر كانت دائماً فى قلب أفريقيا، كما كانت أفريقيا فى قلب مصر، وستظل.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة