السفيرة نميرة نجم
السفيرة نميرة نجم


حوار| السفيرة نميرة نجم: مكاسب «منطقة التجارة الحرة» تتطلب تفعيل الاتفاقية وإزالة المعوقات

ريهام نبيل

الأحد، 09 فبراير 2020 - 05:49 ص

 


- تعدد الأطراف الدولية يخرج النزاع الليبى عن السيطرة لعبنا دوراً كبيراً فى حل الأزمة السودانية

- نبذل كل جهدنا لتحقيق حلم «مقعد أفريقيا» فى مجلس الأمن


- تطورات الإرهاب تتطلب استراتيجية موحدة لاستئصاله من جذوره

 


بعيدا عن تقييمها الشخصى، تعتمد على الحقائق كى توثق إنجازات عام الرئاسة المصرية للاتحاد الأفريقي، وترى السفيرة نميرة نجم المستشار القانونى للاتحاد الأفريقى أن السنة كانت حافلة بالإنجازات المهمة، وعلى رأسها إطلاق اتفاقية التجارة الحرة، والمضى بجدية فى ملف إصلاح الاتحاد، لهذا تبدو متفائلة بالمستقبل الذى سيشهد استمرار تفعيل ما تحقق، لأنها مقتنعة بأن القرارات الجادة تنطلق دائما من منصة الأحلام والرؤى، فما بالنا وقد بدأت بعض الأحلام تتحقق بالفعل على أرض الواقع فى عدة ملفات، ومن بينها مبادرة إسكات البنادق.

> فى البداية ما تقييمك لرئاسة مصر للاتحاد الأفريقى على مدى عام؟
لست فى موقع تقييم ، ولكن يمكن الحديث عن أهم الإنجازات التى شهدها العام الماضي ، وهى إطلاق اتفاقية منطقة التجارة الأفريقية الحرة ، وإدارة ملف تنفيذ الإصلاحات التى قررها رؤساء الدول الأفريقية فى القمة الأفريقية السابقة بأديس أبابا ، لتتواءم مع القواعد الخاصة بقوانين المنظمة ، واعتماد الهيكل الجديد للمفوضية فى إطار عملية الإصلاح ، وقد تم الانتهاء من التفاوض عليه واعتماده من قبل مجلس السفراء برئاسة مصر ، وسيتم اعتماده فى إطار المجلس التنفيذى برئاسة سامح شكرى وزير الخارجية تمهيدًا لانتخابات المفوضية 2021 ، كما قامت لجنة المندوبين الدائمين لسفراء الدول الأفريقية بالمنظمة تحت رئاسة السفير أسامة عبد الخالق رئيس بعثة مصر بالمنظمة وسفير مصر فى إثيوبيا ، بعقد أكثر من 50 اجتماعاً رسمياً و200 ساعة عمل ، بالإضافة لسلسلة طويلة من الاجتماعات الخارجية رفيعة المستوى والأعمال التحضيرية ، هذا بجانب استضافة مصر لعدد كبير من المؤتمرات الأفريقية أظهرت اهتمامها وانخراطها مع قارتها ، سواء المنتديات الخاصة بالشباب الأفريقى أو الخاصة بإعادة الإعمار والتنمية والاقتصاد ، وكلها مبادرات مهمة للاتحاد الأفريقى وتصب فى خدمة أجندة أفريقيا 2063.. كما تم تفعيل صندوق السلام وحل المشكلات ، من خلال دفع الدول لمساهماتها به ، وبالفعل وصل المبلغ بالصندوق إلى أرقام قياسية غير مسبوقة مما يعطى ثقة فى عمله.


التجارة الحرة
> جاء إطلاق اتفاقية التجارة الحرة ليحقق أحد الأحلام الرئيسية لدول القارة ، لكن ما الاجراءات التنفيذية التى تم اتخاذها لتفعيل منطقة التجارة الحرة الأفريقية؟ وما أهم الخطوات التى سيشهدها العام الحالى لتحويلها إلى واقع ملموس؟
شهد العام الماضى اعتماد اختيار غانا كمقر لسكرتارية الاتفاقية ، وقد شكل الاتحاد الأفريقى لجنة لزيارة الدول الخمس التى تقدمت لاستضافة مقر السكرتارية ، والاطلاع على ما تقدمه من مميزات واستعدادات ومساعدات ، وهناك خطوات متوازية يقوم بها الاتحاد فى العام الحالي ، حيث سيتم تكوين واعتماد واختيار هياكل سكرتارية الاتفاقية فى غانا ، وسيستمر مكتب المستشار القانونى للاتحاد من ناحية أخرى فى إزالة المعوقات القانونية التى تعترض تنفيذ الاتفاقية فى الدول الأعضاء ، وذلك من خلال بحث دفع الإجراءات اللوجستية لدمج بنود الإتفاقية فى القانون الخاص لكل دولة ، حتى تصبح الاتفاقية فعليا نافذة فى دول القارة من الناحية القانونية وليست مجرد حبر على ورق.
> ما المدى الزمنى الذى يمكن أن تحقق خلاله المنطقة الحرة نتائج اقتصادية إيجابية وملموسة؟
هذا يحتاج لمجهود آخر كبير من الاتحاد الأفريقى والدول ذاتها ، وهو يعتمد فى النهاية على مدى استجابة الدول لتفعيل بنود الاتفاقية ، فلا يكفى فقط التصديق والاعتماد والتوقيع ، لكن يجب بحث المسائل الفنية والقانونية واللوجستية ، لكى تدخل الاتفاقية حيز التنفيذ بشكل واضح وفاعل فى كافة الدول ، وحينها ستظهر ثمارها المنشودة ، وهناك أيضا جهود أخرى تتضافر لتكمل نجاح وانطلاق الاتفاقية ، منها إيجاد وتنفيذ واستكمال شبكة من البنية التحتية للمواصلات البرية والبحرية والجوية بين دول القارة ، وإزالة المعوقات التجارية وضمانات تأمينها ، ومنها آلية فض المنازعات الناشئة عنها ، وحرية التنقل بين الدول وإصدار جواز السفر الأفريقى ونحن نعمل على استكمال كل ذلك.
> وما الخطوات المنتظر تنفيذها خلال العام من أجل الوصول للإصلاح المطلوب للاتحاد؟
قرارات إصلاح المنظمة التى اتخذها رؤساء الدول الأفريقية فى قمة العام الماضى بأديس أبابا ، والتى عدلت هيكل المفوضية أصبحت قيد التنفيذ الآن ، كما حدثت تغييرات فى عدد المفوضين وتم اختزال عددهم إلى ستة مفوضين بدلا من ثمانية ، وسيدخل ذلك حيز النفاذ فى انتخابات المفوضية العام القادم ، وفيما يتعلق بتقارير المحاسبات ومراجعتها فسيتم اتخاذ قرارات بمعاقبة اى من المنخرطين فى أعمال غير قانونية.
إسكات البنادق
> فى حوار سابق أكدتِ أن الانطلاق الأفريقى سيتحقق مع وقف نزيف الدم ، هل ساهمت مبادرة إسكات البنادق فى جزء لا يستهان به من هذا الهدف؟
مؤخرا تم توقيع اتفاق السلام فى أفريقيا الوسطى ، وكذلك توقيع اتفاق أحيا اتفاق السلام فى جنوب السودان ، وهى خطوات سوف تسهم فى تعزيز إسكات البنادق فى أفريقيا ، كما ساهم الاتحاد بقوات فى عمليات حفظ السلام فى الصومال ، لإضعاف شوكة جماعة الشباب والمجموعات الإرهابية ، وحدث ذلك فى دارفور بما يصب فى تحقيق نفس الهدف ، كما أن مشاركة موسى فقيه رئيس المفوضية فى أعمال مؤتمر برلين للتوصل لحل فى الازمة الليبية تسهم بدورها فى إنهاء النزاعات.. وهناك جهود مبذولة من مجلس السلم والأمن لزيادة تعزيز القوة الأفريقية الجاهزة ، وتسهيل قدراتها على الاستجابة الفورية للأزمات ، وضمان تفعيل القاعدة اللوجستية القارية «دوالا» بالكاميرون بشكل كامل ، وإنشاء المستودعات اللوجستية الاقليمية للقوة الأفريقية الجاهزة ، وتوسيع نطاق الدعم الاستراتيجى للاتحاد من أجل التشغيل الكامل لقوة مجموعة دول الساحل الخمس لمكافحة الإرهاب والتطرف فى المنطقة ، واكب كل ذلك تكثيف دعم الاتحاد لبلدان منطقة حوض بحيرة تشاد فى معركتها ضد جماعة بوكو حرام الإرهابية ، وكان رؤساء الدول قد أعربوا فى قمة أديس أبابا العام الماضى عن قلقهم العميق إزاء بطء وتيرة تنفيذ خارطة الطريق للاتحاد ، بالنظر إلى اقتراب الموعد النهائى لمبادرة إسكات البنادق فى القارة فى نهاية 2020 ، خاصة مع استمرار تهديد الأمن والسلم فى القارة ، وتحديدا فى الأزمات المتعلقة بالانتخابات ، ووجود مناطق غير خاضعة للحكم واستمرار تدفق الأسلحة إلى القارة وتداولها ، وضعف آليات الحد من التداول غير المشروع للأسلحة الصغيرة والخفيفة ، وعدم كفاية رصد الحدود ومراقبتها ، وارتفاع معدل التدفقات المالية غير المشروعة التى تيسر تمويل الأسلحة والنزاعات ، والاستغلال غير القانونى للموارد الطبيعية ، التى تساهم فى تمويل العصيان والتمرد.


> يظل الإرهاب عقبة أساسية فى طريق التنمية بالقارة السمراء ، وتواجهه الدول منفردة أو عبر تكتلات سياسية مثل «الساحل والصحراء» ، لكن ما استراتيجية الاتحاد الأفريقى لمواجهة هذه الظاهرة؟
لقد تطورت أساليب وأشكال ومصادر تمويل الإرهاب المبنى على فساد العقيدة الدينية ، وأصبحت جرائمه آلة متعطشة للدماء لزعزعة الاستقرار وهدم مؤسسات الدولة ، كما تنوعت الايادى الخارجية والداخلية صاحبة المصلحة فيه ، وبات يشكل تحديا قويا وتهديدا واضحا وخطورة على كيان دول القارة وعائقا للتنمية ، ومن هنا أصبحت الحاجة مُلحة لتوحيد وتضافر جهود جميع الدول الأفريقية ، بجانب وضع آلية واستراتيجية أفريقية موحدة لدراسة ورصد أسبابه وأصوله ، لاحتوائه وتتبعه واستئصاله من جذوره وقطع مصادر تمويله ومكافحته بكافة الأشكال ، بالاضافة إلى دراسة كافة العوامل الثقافية والدينية والاقتصادية والمناخية التى تساعد فى نموه ، علاوة على مساعدة الدول الأعضاء فى تبادل وربط المعلومات الاستخباراتية والأمنية وبناء القدرات المتبادلة ، والاستعانة بخبرات الشركاء فى مواجهته ، وإيجاد وسيلة لتوفير مصادرثابتة لتمويل مكافحته وخاصة فى منطقة الساحل ، مثل الاشتراكات المقررة من الأمم المتحدة ، كما يجب توافر دعم مالى مستدام يمكن التنبؤ به لمكافحة الإرهاب ، على أن يكون هذا الدعم من جانبنا أولا ثم بمشاركة فعالة من جميع شركائنا ، وتخصيص قوات نوعية للتعامل مع هذه العصابات الاجرامية المسلحة ، وتقوية الدول التى تعانى من الإرهاب ودعم قواتها الأمنية ، دون أن ننسى تفعيل والاستفادة بآلية الاتحاد الأفريقى للتعاون فى مجال الشرطة (AFRIPOL) والمركز الأفريقى لدراسة وبحوث الإرهاب (ACSRT) ، ولجنة الاستخبارات والأمن الأفريقية (CISSA) وبحث سبل دعمها فى مكافحة تحديات هذا الوباء السرطانى فى القارة ، بجانب دعوة الأمم المتحدة إلى تحمل مسئوليتها القيادية بشكل كامل وفعال باعتبارها الجهاز الوحيد المسئول عن الأمن الدولي.


ننسق أفكارنا
> شاركت مؤخرا فى اجتماع بالسنغال للمطالبة بمقعد دائم لأفريقيا فى مجلس الأمن ، هل تعتقدين أن هذا الحلم قابل للتحقق ، أم أن سيطرة الدول الكبرى ستجعله يظل مؤجلا؟
هناك مفاوضات ستجرى فى الأمم المتحدة لإصلاحات داخل المنظمة ، وكالعادة فى كافة المفاوضات السياسية داخل أروقة المؤسسات متعددة الاطراف تبدأ القرارات بأفكار مطروحة ، وأحلام ورؤى تتحول إلى صراع إدارات وطموحات وتوازنات قوى وتكتلات مصالح ، تصنع وتنتج فى النهاية خيارات الواقع من قرارات وقوانين ، كما أن تعديل ميثاق الأمم المتحدة وتوسيع مجلس الأمن مسألة شديدة التعقيد ، وترتبط بمصالح ١٩٣ دولة لذلك نرى انه سيأخذ وقتا ، ولكن حتما سيتم هذا التعديل وفقا للمتغيرات على الساحة الدولية ، ونحن فى الاتحاد الأفريقى نبذل قصارى جهدنا لتحويل هذا الحلم إلى حقيقة ، حيث نرتب أوراقنا وننظم جهودنا وننسق أفكارنا ، وهدفنا هو أن تتخذ الدول الأفريقية (٥٥ دولة) موقفا موحدا حول دعم حصول قارة أفريقية على مقعد دائم فى مجلس الأمن يتمتع بحق الإعتراض المعروف بالفيتو باعتبار أفريقيا تمثل أكبر عدد من الدول بين قارات العالم ، ونسعى أيضا إلى التنسيق مع الشركاء من الدول المختلفة خارج القارة وإقناعهم بأن يدعمونا ويؤيدونا فى حقوقنا ومطالبنا المشروعة ، فأثناء إنشاء عصبة الدول المتحدة ومن بعدها منظمة الأمم المتحدة كانت الدول الأفريقية تقع تحت سيطرة الاستعمار ، ولم يكن لها إسهام حقيقى وتأثير فى بلورة القواعد التى تنظم قواعد عمل المنظمة الدولية ، وقد حان الوقت لرفع الظلم التاريخى الذى وقع على القارة السمراء ، ولا أعتقد أن الطريق سهل وممهد لانتزاع حقوقنا المهدرة ، ولكن ما أعلمه علم اليقين أنه علينا المحاولة بقوة واستغلال الحدث والاستعداد له ، وتوحيد الصفوف والتنسيق الكامل والضغط المستمر والعمل بأقصى طاقة وجهد ، بجانب الاستعانة بشركائنا لفرض إراداتنا على المجتمع الدولى ، ولن يضيع حق وراءه مطالب بحجم قارة.


المشهد الليبى
> هل كان لمجلس السلم والأمن الأفريقى دور فى حل مشاكل ليبيا والسودان؟
المشهد الليبى لم يعد فقط نزاعا داخليا بين طرفيه المتصارعين بل خرج نطاقه عن السيطرة مع تعدد الأطراف الدولية اللاعبة على المسرح الليبى ، والاتحاد الأفريقى لم يكن بعيدا عن هذا الصراع ، فقد طالب مؤتمر القادة الافارقة فى يناير من العام الماضى بأديس أبابا فيما يخص السلم والأمن بالإسراع فى الجهود الرامية إلى عقد مؤتمر دولى حول منتدى المصالحة الوطنية الشاملة بين الأطراف فى ليبيا خلال النصف الأول من شهر يوليو الماضى بأديس أبابا تحت رعاية الاتحاد والأمم المتحدة.


ولكن تدهور الأوضاع وإحتدام الصراع بين طرفى النزاع واندلاع الحرب بينهما أدى إلى إجهاض المؤتمر ، وفى بداية يناير الماضي ، أعرب موسى فقيه رئيس المفوضية فى بيان رسمى عن قلقه إزاء تدخل عكسرى خارجى محتمل فى ليبيا ، وأعلن أن التهديدات المختلفة بالتدخل السياسى أو العسكرى فى الشئون الداخلية لليبيا تزيد خطر المواجهة بدوافع لا تمتّ بصلة لمصالح الشعب الليبي ، وطالب المجتمع الدولى بالانضمام إلى أفريقيا فى بحثها عن تسوية سياسية للأزمة ، محذرا من عواقب خطيرة على القارة من التدخلات الأجنبية فى الشأن الليبى.. وعلى صعيد آخر لعب الاتحاد الأفريقى دورا كبيرا فى حل الازمة السودانية ، حيث خصص رئيس المفوضية مبعوثا خاصا للسودان ، هو الوزير الموريتانى السابق د. حسن اللباد ، حيث ساهم بشكل كبير فى المشاورات بين جميع الاطراف ، من أجل رفع العقوبات التى فرضها مجلس السلم والأمن على السودان لإنهاء الازمة ، وهى الجهود التى آتت ثمارها بحل واحتواء الأزمة وتفادى تفاقمها.


> الخلافات فى القارة ليست عسكرية فقط ، فمنها مثلا الخلاف على سد النهضة ، ما الإجراءات التى اتخذها الاتحاد الأفريقى لحسم هذا الخلاف؟
هذا خلاف بين ثلاث دول أفريقية من دول حوض النيل ، ولم يتدخل فيه الاتحاد لأن مصر والسودان وإثيوبيا لم تطلب واسطته لتسوية النزاع حتى الآن ، ولا يستطيع الاتحاد التدخل من تلقاء نفسه ، فهو منظمة تمثل الدول ولكنها ليست جهة أعلى منها ، ومع تعثر المفاوضات طلبت مصر وساطة الولايات المتحدة ، بناء على أحد بنود اتفاق إعلان مبادئ وثيقة سد النهضة الموقع بين الدول الثلاث ، وقد استطاعت أمريكا بما تملكه من علاقات قوية مع أطراف النزاع الثلاثة أن تكون وسيطا مقبولا ، ونجحت وساطتها فى تقريب وجهات النظر بين أطراف النزاع.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة