أسامة شلش
أسامة شلش


وقفة

مآذن الحضرى

أسامة شلش

الأحد، 09 فبراير 2020 - 07:49 م

أعشق التاريخ فما بالكم إذا كان عن مصر فى أزمانها المختلفة الزاخرة على مر العصور كل عصر بأمانة الواقع يحكى قصة لها صفحة عن أهل مصر وحضارتها بحلوها ومرها والجميل أن المصريين تركوا معابدهم وآثارهم ومساجدهم وكنائسهم تحكى قصة هذا البلد، وأنا أتلهف دائما وأسعى لكل كتاب جديد يصدر به جزء فى سرد عما عاشه بلدنا من تاريخ الأقدمين، شيء من عبق السحر فى أحداثه والحديث عنه.
من نوعية تلك الكتب ما أهدانى به زميلى إيهاب الحضرى مدير تحرير الأخبار الذى حمل اسم حواديت المآذن كتاب من النوعية التى تستهويك بما حواه فى حكاوى عن مآذن المحروسة فى زمن لا يقل عن ألف عام مضت بعد إنشائها قصص مشوقة عن أسرارها حاول أن يقدمها وكأنه يقول ترى لو تركنا تلك المآذن تتكلم لتحكى ماذا ستقول وهو يكشف أيضا من أسرار الحكم فى تلك الحقب على مدار سنوات طويلة وهو كما قال إن الحواديت التى تختزنها أحجار المساجد أو المآذن كمتحدث عنها - لو افترض - كثيرة قد لا يمكن جمعها فى كتاب واحد لأنها تستحق أن نتوقف أمامها ليس على مستوى سرد الحكايات فقط ولكن لتحليل ما تناقلته الكتب عنها ومنها فما بين أحلام لإنشاء المساجد وما بين الصراعات على الحكم وما بين تولية لأطفال  و بين اختفاء ولاة وحكام واغتيالات كانت حكايات كتاب الحضرى الشيق الذى يقدم جزءا من تاريخ مصر عبر سنوات أغلبها فى زمن المماليك والفاطميين وهى فترة من فترات الزمن المتلاطم فى أحداثه ووقائعه. استوقفنى وأنا أقرأ الكتاب فى فصوله العديدة التى ضمت الحديث عن مساجد كثيرة ما كتبه عن أحد المساجد التى استهوتنى وأنا صغير ومازالت حتى الآن لروعة تشييده وهو مسجد أحمد بن طولون الذى شيده صاحبه على سفح جبل يطلق عليه يشكر واختار المكان العالى ليصمد فى مواجهة تقلبات الزمن والفيضان بل إن البعض يقول إنه اختاره بعد أن رست عليه سفينة نوح عليه السلام ويروى أن ابن طولون رأى حلما تجلى فيه المولى سبحانه وتعالى للقصور المحيطة ولم يتجل للمسجد فأخبره المفسرون أن المسجد سيبقى وتزال المساكن وعندما أخبروه أن المحراب صغير فرد عليهم بأنه رأى حلما بالنبى عليه الصلاة والسلام يخط المحراب بيده وعندما استيقظ رأى النمل يطوف حول المكان بموضعه فقرر الالتزام بالحدود ثم رأى حلما آخر بأن النار هبطت فالتهمت المسجد ولم تمس البيوت وفسروه له أن النار دليل قبول القرابين وأكدوا له أن ذلك دليل على أن الله تقبل المسجد ودارت «حول المسجد» إشاعات أن مصدر المال الذى انشئ به غير معروف فجمع الناس فى خطبة جمعة وأقسم لهم أنه انشأه من كنز عثر عليه وتمر الايام يتعرض المسجد الفريد للاهمال مع انهيار الدولة الطولونية حتى تم إعادة ترميمه.
أما حكاية مسجد الأقمر الواقع بشارع المعز فهى تحكى قصة غريبة وحكاية من تاريخ الدولة الفاطمية وهو من المساجد الفريدة فى زخارفه ونقوشه ومؤسسه هو الخليفة الامر بأحكام الله وتولى الخلافة وعمره ٥ سنوات وشهر وكان قائما على الحكم أحد الوزراء ويدعى الأفضل شاهنشاه وكبر الطفل وتعلم درس التاريخ فقضى على معارضيه ثم أمر بتشييد المسجد الذى كانت حجارته بيضاء تشبه القمر ولذلك أطلق عليه الأقمر وصراعات الخليفة مع معارضيه كانت حقبة من أحقاب الصراعات ومسجد الصالح طلائع فيرجع انشاؤه للصالح طلائع يرزيك الذى كانت له سطوة فى عصر الخلافة الفاطمية وكانت له قصة فى ارتباطه برأس الامام الحسين رضى الله عنه فقد شيد ليضمها وحول المسجد تدور الحكايات هل وصل الرأس فعلا وهل دفن بمصر وقصة أم الغلام. كتاب شيق تحكى فيه المآذن أسرارا من حكم مصر وما أحوجنا أن نعرف تاريخنا وبالأخص من حكايات المآذن.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة