رفعت رشاد
رفعت رشاد


حريات

سبارتاكوس.. مات

رفعت رشاد

الأحد، 09 فبراير 2020 - 07:52 م

مات سبارتاكوس منذ ما يقرب من 2090 عاما بعد أن سطر اسمه وثورته فى مجلدات التاريخ. سبارتاكوس محرر العبيد اختفى جسده، لكن العالم لم ينسه. إنه واحد، فرد من بين مئات الملايين الذين عاشوا على وجه الأرض لكنه بين الخالدين. تذكرناه مؤخرا بعدما مات الممثل الأمريكى كيرك دوجلاس الذى جسد شخصية سبارتاكوس فى فيلم يحمل نفس الاسم. اللافت أن يحظى ممثل بالمجد الكبير بسبب دور واحد ترك أثرا لدى أجيال من البشر لأن صاحب الشخصية ـ سبارتاكوس ـ كاد أن يغير مسار التاريخ بانتصاره أكثر من مرة على الإمبراطورية الرومانية العاتية. قصة سبارتاكوس غير واضحة الملامح لكن المؤكد أنه حارب مع الدولة الرومانية ووصل إلى مرتبة عسكرية متميزة ثم انقلب عليها بعدما هاجمت وطنه وبلاده.
كون سبارتاكوس فرقة من المقاتلين والمصارعين بدأ بها حروبه ضد الرومان ووصل فى أوج قوته إلى 120 ألف شخص وكان المقاتلون يرتحلون معه إلى أراض جديدة يكسبونها فى حروبهم ومعهم عائلاتهم، حتى استطاع الرومان هزيمة سبارتاكوس وتختلف الروايات عن نهايته، إحداها تقول إنه صلب ومات مصلوبا وأخرى تشير إلى أنه قتل فى المعركة.
الخلاصة، مات سبارتاكوس لكن كفاحه من أجل الحرية لم يمت فى ذاكرتنا وكان مصدر إلهام للكثيرين فى العالم لكى يثوروا على الظلم الواقع عليهم. يذكرنا شاعرنا الكبير أمل دنقل بسبارتاكوس وبكل مقاوم ومتمرد فى قصيدته الرائعة «كلمات سبارتاكوس الأخيرة». يقول دنقل من خلال مقاطع قصيدته: «من قال «لا».. فلم يمت.. وظل روحا أبدية الألم.. معلق أنا على مشانق الصباح.. وجبهتى ـ بالموت ـ محنية.. لأننى لم أحنها.. حية». وفى مقطع آخر: «لأن من يقول «لا» لا يرتوى إلا من الدموع.. فلترفعوا عيونكم للثائر المشنوق.. فسوف تنتهون مثله.. غدا. وإن رأيتم طفلى الذى تركته على ذراعها بلا ذراع.. فعلموه الانحناء.. علموه الانحناء.. الله لم يغفر خطيئة الشيطان حين قال لا.. والودعاء الطيبون.. هم الذين يرثون الأرض فى نهاية المدى.. لأنهم.. لا يشنقون.. فعلموه الانحناء.. وليس ثم من مفر.. لا تحلموا بعالم سعيد.. فخلف كل قيصر يموت: قيصر جديد.. وخلف كل ثائر يموت: أحزان بلا جدوى.. ودمعة سدى».
يبلغنا أمل دنقل أن من يقولون «لا» يكون مصيرهم كمصير سبارتاكوس.. ومن يقولون نعم سيرثون الأرض.. بعدما يموت من قالوا لا. لكن التاريخ أنجب مليون سبارتاكوس. أنجبهم فى فيتنام، فرغم كل ما فعلته أمريكا عاشت فيتنام وعاش الفيتناميون، أنجبهم فى الصين وتخطت البلاد الصفراء كل المحن، أنجبهم فى كل البلاد لكى يحرروا بلادهم من الاحتلال والظلم.
موت الجسد.. لا يهدر الفكرة والمبدأ.. مات سبارتاكوس.. عاش سبارتاكوس.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة