كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

تحضير العفريت.. وصرفه !

كرم جبر

الأحد، 09 فبراير 2020 - 08:21 م

من يحضر عفريتا ليس بالضرورة يكون قادرا على صرفه.. وإذا ربيت فى بيتك وحشا فلا تضمن ألا ينقض عليك.. وفى اختلاط الدين بالسياسة والسياسة بالدين مفسدة، ويشهد التاريخ أن بحور الدماء كانت بسبب توظيف الأديان لخدمة المطامع السياسية.


لا تعط لخصومك الفرصة أن يتكتلوا جميعا ضدك، واجعل شعبك الدرع والسيف فى مواجهة ذئاب الشر، وكلها أخطاء وقع فيها الرئيس السادات ودفع ثمنها الوطن كله، ولم تسقط مصر، لأن العناية الإلهية دائما تنقذها، وتنشق الأرض عن الأوفياء الذين يفتدونها بأرواحهم.


الرئيس جمال عبد الناصر كان بالغ القسوة فى مواجهة مؤامرات الإخوان، ووجه لهم ضربات متتالية قصمت ظهورهم، ولا أدرى كيف تتورط قيادات ناصرية فى التحالف معهم بعد 25 يناير، إلا إذا كانت انتهازية سياسية، على حساب أمن البلاد واستقرارها ومستقبلها.


عاد الإخوان للحياة أيام الرئيس السادات، وبدأت الاتصالات فى أيام عبد الناصر الأخيرة، أثناء سفره للعلاج فى موسكو، وتولى المهمة اثنان من قيادات الإخوان، وهما محمد عثمان إسماعيل فى أسيوط، ومحمود جامع فى طنطا.


اعرف الاثنين جيدا، باعتبار الأول، رحمه الله من أسيوط والثانى محمود جامع، أجريت معه حوارات فى منتصف التسعينات أخذت شكل المذكرات، وكنت أذهب إليه فى طنطا أسبوعيا، وقال لى: إن السادات زاره فى منزله بطنطا قبل وفاة عبد الناصر بشهور، وكلفه بإعادة أحياء جماعة الإخوان فى وجه بحرى، ولما عاد عبد الناصر من موسكو أبلغه محافظ الإقليم فى ذلك الوقت وجيه أباظة بتحركات جامع والإخوان ولكن ناصر لم يحرك ساكنا، بسبب انشغاله بإزالة آثار النكسة.


بدأ اختراق الإخوان بما أسموه تطهير جامعة أسيوط من الناصريين والشيوعيين، وساعد فى ذلك سيد مرعى أمين عام الاتحاد الاشتراكى، ونجح شباب الإخوان فى السيطرة على الجامعة، وكانت تلك هى النشأة الأولى للجماعة الإسلامية التى حلت محل جناحهم العسكرى.


خطوة خطوة انتقلت السيطرة من مواجهة «المنكر»، باللسان والموعظة الحسنة، إلى الشوم والعصى والخناجر والجنازير، وغضت الدولة الطرف طالما هم أنصارها فى مواجهة الشيوعيين والناصريين، ألد أعداء السادات.
خرج الصدام العنيف من أسوار الجامعة إلى الشوارع، فى مظاهرات إخوانية حاشدة، تهاجم السادات بعنف لقبوله استضافة شاه إيران محمد رضا بهلوى، بعد أن تنكرت له الدنيا وتخلت عنه حليفته الكبرى أمريكا، وتركته يهيم وأسرته بطائرته فى الجو ورفضت كل دول العالم استقباله، وكان الشاه الحليف الاستراتيجى لإسرائيل، ولكن السادات كان معجبا به ووطد صداقته معه فور توليه الحكم.


ومن الشاه إلى الهجوم على السادات نفسه بعد كامب ديفيد، وإشعال الفتن الطائفية وأضخمها الزاوية الحمراء واستهدافه شخصيا، واكتشف أنه «غلطان» وقال ذلك فى خطاب علنى، شن فيه هجوما غير مسبوق على الإخوان، وحملهم مسئولية كل المؤامرات التى تحاك ضد مصر، ولكن بعد فوات الأوان وانتهت العلاقة بالدم والرصاص فى المنصة.
الدرس المستفاد: انتبه للذئاب حتى «لو» ارتدوا ثياب الواعظين، «ناس طيبين ما نجربهم»!.. وجربناهم وكادوا يلتهمون الوطن.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة