حسام العادلى
حسام العادلى


قضية ورأى

حرافيش الاستشراق

بوابة أخبار اليوم

الإثنين، 10 فبراير 2020 - 08:06 م

حسام العادلى

يُعَد المفكر السياسى الفلسطينى إدوارد سعيد ، وأديب نوبل نجيب محفوظ أهم شخصيتين عربيتين فى فضاء الثقافة العالمية فى عصرنا الحديث. على الرغم من اختلاف اللون الفكرى الذى يقدمه كلاهما إلا أن نقاط التلاقى الإبداعى بينهما ارتبطت بالواقع السياسى الذى عاصراه ، ففى عام 1967 كسرت النكسة الروح المعنوية للعرب ،فأخذ نجيب محفوظ يكتب الروايات عن الواقع المؤلم والمحبط ، وإدوارد سعيد صار يختفى من وجه زملائه الأمريكان فى نيويورك - حيث يعيش ويعمل- وتأهّب لأن يصبح أستاذًا جامعيًا منعزلا. غير أن انتصار حرب أكتوبر ١٩٧٣ كما أذهل العالم ، حرّك رواكد المفكرين العظيمين وألهب أفكارهما. قال إدوارد سعيد إن «الدفعة المعنوية الهائلة لانتصار جيش عربى على اليَهُود كانت الدافع الرئيسى وراء التفكير فى كتاب الاستشراق»، وقد أصبح الكتاب من أهم مؤلفات القرن العشرين وأكثرها تأثيرًا ليكشف مواطن قوة العرب وحقيقة الغرب الحضارية التى تخفى وراءها بربرية استعمارية. ثم بدوره يتحدث نجيب محفوظ عن رواية « الحرافيش» إذ يعتبرها مؤلفه الأهم والذى أوردته لجنة جائزة نوبل ضمن أحد أهم أسباب منحه الجائزة ، وقد كتب الحرافيش وهو فى حالة من النشوة التى أعقبت انتصار أكتوبر ،وإنها مشبعة بروح نصر ٧٣ ؛ فهى سيرة رمزية تتحدث عن العدل وفلسفة القوة فى دحر الظلم وقهره. المفارقة اللافتة أن الحرافيش، والاستشراق، يصدران تقريبًا فى نفس العام 1977 ، ما يدفعنا أن نتوقف لنرى أثر الظرف السياسى والتاريخى على كل من محفوظ وسعيد ، وما نسجه بينهما من خيوط فكرية غير مرئية ؛ فلسفة وروح رواية الحرافيش لم تبارح ذهنية إدوارد سعيد وهو يكتب مؤلفه السياسى الموجع للغرب رغم أنه لم يطلع على ذهنية نجيب محفوظ ، وكذلك بالمثل آمال كتاب الاستشراق لإدوارد سعيد وطموحاته نحو عالم يسوده السلام القائم على قوة العدل هى المسيطرة على أفكار نجيب محفوظ وهو يغزل أنشودة ملحمة الحرافيش. عبارة «حرافيش الاستشراق» يمكن تصورها عنوانًا لعمل إبداعى معبر عن تاريخ ونضال أُمة بأسرها ، تكون فيه «القاهرة» مسرحًا للأحداث والعامل الحاسم ؛ فمن إرادة شعبها تنطلق الآمال العظمى للأمة العربيّة ، وجيشها هو القلعة الحصينة للعرب وقلبها النابض.

 


الكلمات الدالة

 

 

 
 
 
 
 
 
 

مشاركة