محمد بركات
محمد بركات


يوميات الأخبار

القيروس الغامض.. لا تهويل ولا تهوين

محمد بركات

الثلاثاء، 11 فبراير 2020 - 07:01 م

 

كان السؤال ولايزال.. كيف تحور أو تعدل هذا الڤيروس.. بحيث أصبح يصيب الانسان وينتقل إلى انسان آخر، رغم أنه مرض «ڤيروس» حيوانى، أى كان يصيب الحيوان فقط.

 لابد أن أقول فى البداية، وقبل أن أخط كلمة واحدة فى هذه اليوميات،..، أنه ليس المقصود على الاطلاق محاولة اثارة الخوف أو القلق لدى البعض منا،..، لكن المقصود هو معرفة كافة المعلومات المتاحة عن هذا «الڤيروس» الغامض الذى يواجهه العالم حاليا، دون تهويل أو تهوين.
وقصة هذا «الڤيروس» الذى أصبح حديث العالم كله ومحط اهتمام الجميع، بدأت قبل نهاية العام الماضى بساعات.. ومع بدايات العام الجديد، وبالتحديد فى آخر أيام ديسمبر 2019 وقبل اشراقة فجر اليوم الأول من يناير الماضي،..، حيث أنتابت العالم كله حالة من الفزع الشديد، فور تطاير الأخبار الناقلة للتحذير من ظهور نوع جديد من الڤيروسات، غير المعروفة وغير المحددة سلفا، فى إحدى المدى الصينية «ووهان» التى يقطنها حوالى 12 مليون مواطن صينى.
فى البداية قيل ان الڤيروس المجهول ربما يكون نوعا مستجدا من عائلة ڤيروس «سارس»، الذى كان قد ظهر فى إحدى المدن الصينية أيضا عام «2002» وتسبب فى وفاة «800» شخص، قبل أن يتم السيطرة عليه فى عام «2003» كان «السارس» يتصف بالشراسة ويتسبب فى الإصابة بالتهاب رئوى حاد جدا يؤدى إلى الوفاة،..، ولكن عناية الله شاءت التوصل إلى علاج فعال له قبل أن يتفشى فى العالم ويخرج عن نطاق السيطرة.
ولكن بعد عدة أيام من انتشار وإزدياد خطر الڤيروس الجديد الغامض، وسقوط العديد من الضحايا له وارتفاع وتصاعد أعداد المصابين به، اتضح للعلماء  المتخصصين أنه ليس «سارس» ولكنه نوع معدل أو محور من ڤيروس  «كورونا» ولكنه أكثر خطورة وفتكا بالبشر، وأيضا أكثر قدرة على الانتشار السريع، وأنه ينتقل من إنسان إلى آخر.. وهذا مبعث الخطر.
سؤال محير!!
كان السؤال ولايزال.. كيف تحور أو تعدل هذا الڤيروس،، بحيث أصبح يصيب الانسان ويمكن أن ينتقل منه إلى انسان آخر، عن طريق الرزاز المتطاير من الانف أو الفم خلال «العطس»، أو من خلال ملامسه الأشياء الخاصة بمريض آخر، أو من خلال مخالطة المصابين بالمرض بصورة لصيقة أو عن قرب،..، فى حين أنه كان معلوما كونه مرضا حيوانيا، أى يصيب الحيوانات فقط،..، لكن للأسف لقد تحور وتعدل ليصبح مرضا يصيب البشر وينتقل منهم إلى غيرهم.
ظهر فى هذا الشأن عدة استنتاجات غير محققة حتى الآن كلها تقدم إجابة محتملة لهذا السؤال،..، الاستنتاج الأول طبقا لرؤية أصحابه يقول، أن هذا الوافد الجديد «كورونا المستجد» قد انتقل من الخفافيش إلى الانسان، حيث أنه ينتشر بين الخفافيش، وحيث أن هناك بعض الصينيين يأكلون الخفافيش ويحبون حساء «شوربة» الخفافيش، فقد انتقل إلى أحدهم بعد التهامه خفاشا مصابا، ثم تحور داخل الجسد المصاب وتحول إلى الصورة الجديدة والخطرة.
والاستنتاج الثاني- يؤكد أنه انتقل من أحد الثعابين المائية المصابة إلى الانسان، نظرا لأنه بدأ فى منطقة سوق الأحياء المائية فى مدينة «ووهان»، حيث تباع بها العديد من الثعابين التى يقبل على أكلها العديد من الصينيين، وأنه أنتقل إلى أحد هؤلاء، ثم تحور وتعدل ليصبح على صورته الحالية، وأخذ فى الانتشار بعد ذلك.
أما الاستنتاج الثالث فقد ظهر منذ عدة أيام فقط، ويقول أنه انتقل للانسان من خلال نوع من النمل، أو حيوان أكلة النمل، من فصيلة خاصة تسمى «النمل الحرشفي» التى يفضل طعمها والتهامها بعض الصينيين، وتصادف انها كانت حاملة ومصابة بالڤيروس، الذى انتقل من خلالها إلى من التهمها، وتحور الڤيروس داخله ليصبح على ما هو عليه الآن.
صناعة بشرية
والسؤال الآن.. هل ذلك صحيح،..، فى الحقيقة ليس عندى الاجابة الصحيحة على هذا السؤال.. لكن هذا ما تناقلته الصحف ووكالات الانباء والأخبار الواردة من الصين.
وطالما أننا تناولنا بالعرض للاستنتاجات الخاصة والمتداولة حول كيفية تحور وتعدل هذا الڤيروس «كورونا المستجد» ليصيب الانسان، بعد أن كان يصيب الحيوانات فقط من قبل، فمن المهم أن نشير أيضا إلى الاستنتاج الأخير الذى يروج له البعض، والذى يقول بأمرين مختلفين، لكن يجمعهما معا افتراض انهما من صنيعة البشر، وأنهما خرجا إلى الوجود من خلال المعامل البيولوجية.
حيث يقول البعض أن هذا الڤيروس المستجد، تم صنعه أو التوصل اليه أو تخليقه فى أحد المعامل العلمية البيولوجية التى تقوم على تطوير وتخليق الڤيروسات المرضية القاتلة، وايضا الميكروبات والبيكتريا الخطرة، وانها اطلقت بالقصد على الصين فى اطار الإضرار بها اقتصاديا، والسعى للحد من انطلاقها الكبير على طريق التطور العلمى والتكنولوجى والاقتصادى الضخم.
ومن الواضح أن أصحاب هذا الرأى من المؤيدين أوالمؤمنين بالتفسير التآمرى للأمور والظواهر، وهو مالا نهواه ولا نستطيع تأييده أو رفضه، ولكننا نشير إليه باعتباره أحد التفسيرات المتداولة.
ويبقى آخر التفسيرات المتداولة والتى يقول بها البعض أيضا، حيث يرون أن هذا «الڤيروس المحور» «كورونا المستجد»، قد تسرب من أحد المعامل البيولوجية فى الصين نفسها وفى مدينة «ووهان»  بالذات، خلال إحدى التجارب المعملية التى كانت تجرى هناك، ويقولون أن ذلك يحدث فى بعض الأحيان، وأنه حدث بالفعل فى هذه المرة، نتيجة قصور أو نقص أو خلل فى الاحتياطات الواجب اتخاذها لمنع هذا التسرب،..، وهو تفسير يصعب قبوله أو تصديقه دون دليل مؤكد.
جهود صينية
وليس سرا أن الصين عبأت كل جهودها وحشدت كل قواها العلمية والطبية لمواجهة الڤيروس الخطر، وعملت على كل الاتجاهات لمحاصرته والحد من انتشاره السريع، والسعى بكل الوسائل للتغلب عليه ووضع نهاية له والخلاص منه.
وفى هذا السياق تبذل الصين أقصى ما تستطيع، حيث عزلت مدينة «ووهان» ذات الاثنى عشر مليونا من السكان، واغلقت وعزلت أيضا مدينة «تيانجين» بهدف السيطرة على الڤيروس، وتم إبلاغ السكان بالبقاء داخل المنازل وارتداء الكمامات الواقية، واجراء الفحص الطبى الشامل لكل المواطنين، واغلاق جميع أماكن التجمعات وغيرها من الاجراءات المباشرة واللازمة لحصار المرض أن أمكن ذلك،..، خاصة بعد أن أصبحت اعداد الضحايا بالمئات واعداد المصابين بعشرات الآلاف،..، وزادت اعداد الوفيات فى اليوم الواحد عن الثمانين، وارتفعت اعداد المصابين إلى ما يزيد عن ثلاثة آلاف مصاب يوميا فى الصين وحدها،..، والاعداد فى ازدياد يوميا.
ونقول فى الصين وحدها لآن الڤيروس تسلل من الصين إلى اجزاء عديدة فى دول كثيرة من العالم، حيث تسرب ووصل بالفعل إلى أكثر من «٤٠» دولة فى العالم، منها على سبيل المثال وليس الحصر فرنسا واليابان وبريطانيا وأمريكا والهند واليابان، وهونج كونج ومكاو وماليزيا وسنغافورة وكوريا الجنوبية، وتايوان وتايلاند والفلبين واستراليا، واندونيسيا،..، ولكننا نحمد الله أنه لم يصل الينا حتى الآن، ونسأل الله أن يقينا خطرة ووصوله.
وسائل الحماية
وتؤكد الدوائر الطبية أن اعراض المرض، هى فى البداية ارتفاع درجة الحرارة وسعال حاد وحمى شديدة،..، وفى حالة الاشتباه فى الاصابة، يتم عزل المريض فورا فى أحد المستشفيات المخصصة لذلك، ويبقى فى العزل مدة أربعة عشر يوما متصلة، وهى مدة حمل الانسان للمرض وغنى عن البيان التأكيد على أن كل دول العالم ومنها مصر، قد اتخذت كل الاجراءات اللازمة للحماية، ومحاولة منع دخول الڤيروس أو الحاملين له إلى أراضيها، وذلك مع القادمين إليها من الخارج، ومن الصين على وجه التحديد.
وكل المطارات والموانئ فى كثير من الدول، عدلت و شددت من اجراءات التفتيش والفحص على القادمين من الخارج، لضمان السلامة ومنع تسرب الڤيروس الغامض، وتم نشر شاشات وأجهزة قياس الحرارة واكتشاف الاصابة، ويتم نقل المشتبه بهم فورا إلى العزل، حتى التأكد من حمله للفيروس فيتم علاجه، أو التأكد من عدم إصابته فيتم التعامل معه على هذا الأساس.
وفى هذا الإطار أكدت منظمة الصحة العالمية، عدم وجود معلومات كثيرة عن ڤيروس «كورونا المستجد» حتى الآن،ولكن المؤكد هو أنه أكثر خطورة على كبار السن والأطفال، وذوى المناعة المنخفضة، والذين يعانون من أمراض مزمنة،..، وقال مدير عام المنظمة فى تصريح لأجهزة الاعلام، أنه على الرغم من تحديد تسلسل الحمض النووى الخاص بالڤيروس، فإنه لم يتم حتى الآن التوصل إلى لقاح يمنع انتقال العدوى، ولايوجد دواء للمرض الذى يسببه الڤيروس، وأضاف أنه لم يتم التوصل إلى اجابات عن الاسئلة حول طبيعة الڤيروس، وقدرته على التنقل أو حدته.. ونحن مازلنا نحارب شبحا.
المواجهة الشاملة!!
والآن أحسب أنه من المهم القول، بأن ڤيروس «كورونا المستجد» ليس خطرا على الصين وحدها، كما أنه لايمثل تهديدا مباشرا أيضا على الصين دون بقية الدول، ولكنه فى حقيقته يمثل تهديدا وخطرا على العالم  كله، فى ظل الانتشار الكبير الذى حدث للڤيروس فى دول عديدة من العالم زادت عن «٤٠» دولة حتى الآن، وازدياد اعداد الحالات المصابة به داخل وخارج الصين، وايضا ازدياد حالات الوفاة بمعدلات متصاعدة، وهو ما يؤكد التهديد ويرفع من مستوى الخطر للجميع.
من هنا تنبع أهمية المواجهة الشاملة من كل دول العالم لهذا الخطر وذلك التهديد،..، وهو ما دفع كل العلماء المتخصصين فى علم الڤيروسات والصحة العامة والأوبئة، بذل غاية الجهد وشحذ الهمم للوصول إلى علاج فعال وناجع لهذا الڤيروس الخطر، وانقاذ البشرية من اخطاره.
وفى هذا السياق أحسب أنه من الضرورى القول بكل الموضوعية والشفافية، بوجوب لفت الانتباه بقوة إلى الانجاز الكبير والعمل الكفء، الذى قامت به الدولة المصرية، لإعادة ابنهائها الذين كانوا متواجدين فى مدينة «ووهان» الصينية للدراسة فور طلبهم العودة للوطن، فى ظل الظروف الدقيقة الحالية التى تتعرض لها دولة الصين الصديقة.
،..، وهو ما يستحق الاشادة والفخر والاحترام ايضا.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة