صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


قصص وعبر| الشيطان يرتدي النقاب

علاء عبدالعظيم

الأربعاء، 12 فبراير 2020 - 09:06 م

 

منذ نعومة أظافرنا، ونحن نسمع عن الصداقة، والأخوة، وصدقها، لكن من المؤسف أن تصحو على طعنات غادرة، ويعتصر الفؤاد حزنا عندما يطعنك أحدهم وهو يرتدي النقاب، وتجده أقرب الناس إليك.

 

أشرقت شمس الصباح الدافئة تداعب الخلق وهم متجهين إلى أعمالهم، بينما يجلس الشاب الصغير داخل السنترال الخاص به يرسل نظره على الباب الزجاجي ليجد إحدى السيدات ترتدي النقاب، انتفض من فوق مقعده يستقبلها بابتسامة، ويعرض خدماته لها، لحظات وعلت وجهه الدهشة عندما وجدها صامتة لا تحول عينيها عنه، أحترم صمتها، ولم ينبس بحرف واحد، بينما هي تطيل النظر إليه وفي عينيها نظرات شاردة، وتملكته حالة من الحيرة، وتبدلت الابتسامة إلى الخجل والقلق في آن واحد، فجأة جحظت عيناه انقطعت أنفاسه حيث وجدها تغلق باب السنترال، وبسرعة البرق أخرجت من بين طيات نقابها سكينا تلوح به وتشير إلى درج النقود دون أن تنطق، شعر الشاب بأنه وقع ضحية سرقة بالإكراه، وهرول مسرعا وانقض عليها في محاولة لكشف وجهها وعيناه تراقب السكين، وبعد مقاومة عنيفة نجح في جذب النقاب، حيث جن جنونه، واستولت عليه حالة مريرة من الغضب الشديد فصاحبة النقاب ماهي إلا صديقه، وقبل أن تنطلق صرخات الاستغاثة باغته الصديق بطعنات متتالية في الرقبة، وسقط فوق الأرض وسط بركة من الدماء، يئن أنينا خافتا لا يتجاوز صدره الصغير كعصفور مذبوح، يتأوه ويتوجع وهو غائر العينين، استشعر صاحب أحد المحلات المجاورة للسنترال بوجود ضوضاء، فهرول مسرعا يرسل نظراته خلف الباب الزجاجي ليجد الشاب غارقا في بركة من الدماء، بينما يحاول الصديق الشيطان التخلص وخلع النقاب، تجمع المارة والجيران، وسارع البعض بحمل الشاب وتوجهوا به إلى المستشفى في محاولة لإنقاذه لكنه لفظ أنفاسه الأخيرة متأثرا بجراحه.

 

وأمام المقدم محمد الجوهري، رئيس مباحث قسم شرطة بولاق الدكرور، وكشفت التحقيقات بأن الصديق الشيطان بائع متجول كانت تربطه صداقة بالشاب المجني عليه، وكان يسمح له بالوقوف أمام السنترال للاتجار وبيع ملابس الأطفال، وعندما علم بأن الشاب يحتفظ بمبالغ نقدية داخل السنترال، ارتدى النقاب، وحاول سرقته، وبعد أن اكتشف أمره خشي من الفضيحة وقام بطعنه في رقبته معللا مروره بضائقة مالية. تم تحرير المحضر اللازم، وأحيل الصديق الشيطان إلى النيابة التي صرحت بدفن جثة الشاب، وحبسه ٤ أيام على ذمة التحقيقات. بينما يقف والد الشاب المجني عليه تنذرف الدموع ببطئ شديد، وبداخله ألم وغصة، تراود مخيلته صورة ابنه الشاب الذي راح ضحية الشيطان المنتقب، وبلسان حال يقول من المؤسف أن تبحث عن الصداقة في عصر الغدر، وعن الحب في قلوب جبانة.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة