«مراكب النجاة» تواجه وهم الثراء القاتل
«مراكب النجاة» تواجه وهم الثراء القاتل


هل الهجرة غير الشرعية حرام؟.. علماء دين يوضحون بالتفصيل

سنية عباس

الجمعة، 14 فبراير 2020 - 06:12 ص

أمرنا الله تعالى بالسعى فى الارض بحثا عن الرزق وهذا أمر لا يخالف الشرع مادام يتم فى إطار الانظمة الدولية لتبادل الخبرات أو الاحتياج لعمالة، أما الهجرة غير الشرعية «بالتسلل خفية» أو استخدام وثائق مزورة أو المكث بعد المدة المحددة بالوثائق المؤقتة فلا تجوز ومحرمة لعدم الالتزام بتأشيرة الدول وهى عهد أمان يدخل بموجبها حاملها وعليه الوفاء بشروطها، ولمكافحة هذه الهجرة انطلقت المبادرة الرئاسية المصرية «مراكب النجاة» تواجه الثقافة التى تدعم هذه الهجرة بتعاون عدة وزارات، ولا تعتمد هذه المبادرة المصرية على التوعية بمخاطر الهجرة غير الشرعية فقط بل تقدم بدائل واقعية للتحول الايجابى عنها لبناء وتعمير الوطن.

يقول د. سيف رجب قزامل استاذ الفقه المقارن بالازهر الشريف: فترة الشباب فترة العطاء قال تعالى: (انهم فتية آمنوا بربهم وزدناهم هدى)، وأغلب الصحابة كانوا شبابا وبهم تنهض الامم وفيها يعيشون من خيراتها فيحملون لها الجميل بعدم الافتراق عنها الا لضرورة شرعية كالحج والعمرة أو حياتية للسعى على الرزق وتبادل الخبرات فلا مانع أن يسافر الانسان إلى دول يعمل فيها بأجر افضل وفرصة مناسبة إذا كانت اللوائح تسمح بذلك فى إطار التعاون بين الدول لنقل الخبرات والعمالة كما تقرره وزارات العمل والهجرة والخارجية فى بلده والدول الاخرى.

 فيكون الانسان متبعاً لهدى الرحمن فخراً لأسرته ووطنه وطائعاً لولى الأمر - فيما ليس بمعصية - طالما وضع قوانين لتنظيم خط السير براً وبحراً وجواً فيجب على الجميع احترامها، اما أن يهاجر بطريقة غير شرعية مخالفة للانظمة وفى بعض الاحيان عاقاً لوالديه لرفضهما سفره، يائساً من ضيق الرزق فيهرب الى مستقبل مجهول ففى ذلك مخالفة للدين وإساءة لنفسه ولدولته ولا يحترم قدر الله فيما أعطاه من نعم متعللاً بعدم إيجاد فرص عمل مناسبة فهم فى الحقيقة يتعجلون الرزق والثراء قال تعالى: (إن ربك يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه كان بعباده خبيراً بصيراً).

قبل التفكير فى الهجرة

ويضيف د. سيف: مبادرة «مراكب النجاة» لجذب الشباب إلى البناء والتعمير فى أوطانهم من باب الأخذ بالاسباب الكاملة فى الوطن قبل التفكير فى الهجرة فقد وهب الله لمصر كثيراً من الخيرات ليبذل كل انسان طاقته لاكتساب خبرات الاستفادة منها حينئذ سيجد فرص عمل كثيرة تناسب قدراته ومصر بحاجة لعطاء ابنائها لتنمية أرض سيناء والأراضى الصحراوية فضلاً عما توفره الدولة من مقومات لتشجيع المشروعات الصغيرة ومتناهية الصغر بدعم كبير، فلا ينظر الشباب الى الحياة نظرة تقليدية وينتظر حصوله على وظيفة تقليدية تتناسب مع شهادته العلمية بل يبحث عما يحتاج إليه سوق العمل لتستفيد الدولة من جهده وهو يعيش وسط اهله فتنمو الخيرات التى ادخرها الله فى أرض  مصر لأهلها وفى قصة يوسف عليه السلام عبرة عندما قال للملك (اجعلنى على خزائن الأرض إنى حفيظ عليم) فكانت حكمته وتخطيطه فى ادخار حبوب القمح سبيلاً لنجاة شعب مصر وما حولها من المناطق من قحط السنين العجاف، فالهجرة غير الشرعية تفريط فى حب الوطن والانتماء اليه واليأس من رحمة الله وهو ما يجب على المؤسسات الدينية والتعليمية والعلمية توصيله للشباب لتغيير فكره بعدم مفارقة الوطن إلا لضرورة.

وينصح د. سيف الأسرة بتغيير نظرتها عن مستقبل أبنائها وتشجيعهم على التعليم الفنى للاتجاه الى المشروعات الانتاجية التى تستوعب الكثير من الايدى العاملة بخلاف الوظيفة التى لا تستوعب الاعداد الهائلة من الخريجين وأن تتعاون المدارس والجامعات فى تنظيم معسكرات ثقافية حول الاضرار التى تلحق بمن يفكر فى السفر غير الشرعى ففيه خسارة أمواله وأسرته وتصل الى خسارة حياته أوترحيله عند الوصول او العمل فى السخرة وبطرق غير قانونية أو شرعية فى حين توفر له دولته الافضل منها إذا سعى إليها.

طاقة مهدرة

ويقول الشيخ بيومى إسماعيل من علماء الأزهر: أن الهجرة غير الشرعية فى مراكب ليست الجنة المنتظرة التى ستحقق للشباب أحلامه فلا ينخدع أى شاب بمظاهر العائد من الهجرة عند زيارة أسرته من اقتنائه للسيارة الفارهة أو الهدايا أو شراء العقارات فالبعد عن الوطن والأسرة يترك آثاراً نفسية واجتماعية على الشاب والاسرة والمجتمع منها إصابة المهاجر بأمراض القلق والاكتئاب والانشغال الزائد بالذات مع بعض مشاعرالعداء والشك والشعور بعدم الراحة بسبب الظروف القاسية التى مر بها من أول ادخار مبلغ السفر ثم مخاطر رحلة السفر ثم البحث عن مأوى وعمل ورفقة.

 

هذا بالاضافة الى ان بعض المهاجرين قد يتعرض للاصابة بالاوبئة على اختلافها والامراض خاصة الامراض الصدرية للسكن فى اماكن غير جيدة وايضاً الاصابة بمرض الإيدز لعدم الاهتمام بالصحة والتركيز على جمع المال.

ويضيف ان للهجرة آثاراً اجتماعية فالمهاجر يعود ببعض العادات والقيم الغريبة على مجتمعه اكتسبها من بلد الهجرة ومعظم هذه العادات تتنافى مع ما تربى عليه خاصة قيمة انتمائه وولائه لبلده بسبب ان بعض المهاجرين قد ينجح فى الحصول على جنسية البلد المهاجر له فيصبح تدريجياً ولاؤه وحبه لهذا البلد ويتبع ذلك ابناء يختلفون شكلاً وموضوعآً عن ابناء وطنه فى كل شىء.

 

كما أن البعض فى سبيل الحصول على فرصة عمل او البقاء قد يدخل فى دائرة الشبهات فيلجأ الى تجارة المخدرات أو العمل فى بارات أو أماكن حرام.. هذا بالإضافة الى التأثير السلبى على أسرة المهاجر فبعض الآباء والأمهات يصابون بالحزن الشديد لغربة ابنائهم لفترة طويلة تمتد لعدد من السنوات وكم رأينا بعض المهاجرين توفى والده أو إخوته ولم يشارك حتى فى العزاء. والبعض الآخر ترك زوجته وأولاده مما كان له تأثير سيىء إما بجفاء الطرفين أو الطلاق بعد الزواج من أجنبية بغرض الحصول على الاقامة. لذا كانت هجرة الشباب غير الشرعية طاقة مهدرة الكل فيها يخرج خاسراً وأقول ليس تجميع الاموال هو الهدف من الحياة فهناك نعم أخرى أنعم الله بها على عباده منها الصحة والأولاد والدفء الاسرى.. قال تعالى (وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلوم كفار».
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة