ثلاجة الغلابة.. «الزير» ماء آمن لمرضى السكر 
ثلاجة الغلابة.. «الزير» ماء آمن لمرضى السكر 


حكايات|«الزير» ثلاجة الغلابة.. طين فيه تأمين للمصريين من السكر

إيمان طعيمه- منةالله يوسف

السبت، 15 فبراير 2020 - 06:26 م

بجلباب خفيف ملطخة بالطين، يقف شاب ثلاثيني في أحد أركان قرية الحِلة بإسنا مستندًا على يدين قويتين برزت عروقهما ممسكًا بقطعة من الطين يشكلها كما تشكل سبيكة الذهب.

 

انعكاس الشمس على بشرته جعلتها خمرية، تنصب منها قطرات العرق كالشلالات، ليصنع ثلاجة الفقراء «الزير» الذي ينتشر بين أهل الريف، لما له من مزايا عديدة أهمها تنقية المياه من الشوائب وتثليجها في ذات الوقت.

 

دولاب مخصص لما تشكله يديه، وخلفه مجموعة من الأوانِ الفخارية مختلفة الأحجام كل همه وتركيزه ينصب حول كيفية تحويل قطعة الطين إلى زير كبير ليحافظ عليه من الاندثار.

 

 

يوسف عبدالعظيم يتحدث عن مهنته، قائلا: «أعمل في صناعة الزير منذ 5 سنوات، أبويا كان معلم في صناعته لأنه ورث المهنة من جدي الأكبر وأنا الآن أكمل مشواره».

 

أما عملية تصنيع الزير نفسها فتقوم على ثلاثة مراحل، (الأولى) عبارة عن تحضير الطين ثم تركه يومًا كاملاً ليختمر، وفي اليوم الثاني يتم تصنيع القاعدة وتحتاج يومًا كاملاً لتجف وتتماسك، ثم تجرى صناعة فوهة الزير، وفي النهاية تأتي مرحلة الحرق في الفرن والتي تعتبر آخر مرحلة في صناعة الزير، وعموما يستغرق العمل في الزير أسبوعًا كاملًا.

 


عبد العظيم واصل حديثه، قائلا: «هناك مواصفات يجب توافرها في عامل الفخار فلابد أن يكون الصبي وارثا المهنة من والده لكي يستطيع أن يشتغل ويكون عنده فكرة وحرفة ولديه القدرة على صنع الأشكال المختلفة».

 

 

وبنفس عميق يستكمل الشاب الثلاثيني حديثه ويقول: «المهنة مهددة بالانقراض خاصة أن معظم الأفراد يتجهون الآن إلى شراء الثلاجات الحديثة ونسوا دور الزير في تثليج المياه وتنقيتها، إضافة إلى اندثار معلمين المهنة وعدم رغبة الشباب الصغير في العمل بها لأنهم يطلقون على المهنة دقة قديمة».

 

ويستطرد: «أبيع منتجاتي بالجملة في أسوان أو الأقصر لأكسب لقمة عيشي ويتراوح سعر الزير الواحد من 10 إلى 15 جنيهًا على حسب حجمه واستيعابه لتخزين الماء، وأكبر مشكلة أواجهها هي رحلة البحث عن الخامات المطلوبة أو التعرض للفرن لفترات طويلة للقيام بأخر مرحلة وهي الحرق»، لكنها تعلم الصبر وطول البال وشعاره في الحياة «صنعة بالأيد تغنيك عن الفقر».

 

من جانبها أكدت المهندسة رقية حسن أخصائية علوم وتكنولوجيا الأغذية، أن ماء الأواني الفخارية «القلل والزير»، لها فوائد مذهلة للصحة، حيث أن هذه الأواني مسامية بطبيعتها لذا فهي تعمل على تبريد الماء بداخلها تبعا لدرجة حرارة الجو.

 

كما أن الطين المصنوع منه الأواني قلوي، مما يجعله يتفاعل مع الماء الحمضي وبالتالي يخلق توازنا في درجة الحموضة، وبسبب ذلك يتم تخفيف الحموضة الناتجة من الطعام بشرب الماء المخزن في أوعيه الفخار.

 

 

وتابعت: «ماء الزير يحسن الهضم والتمثيل الغذائي، حيث أن المعادن المكتسبة للماء من وعاء الفخار تحسن كفاءة الهضم والامتصاص، كما أنه يعتبر أفضل بديل للزجاجات البلاستيك التي تحتوي على مواد تؤثر علي الغدد الصماء ومستويات الهرمونات بالجسم».

 

وفي الطب الشعبي فإن شرب الماء من أوعيه فخاريه تعتبر وسيلة لترطيب الحلق لمريض نزلات البرد دون المضاعفات التي تحدث من شرب الماء البارد، كما أنه ثبت لها فعالية كبيرة في مقاومة آثار الإصابة بضربه الشمس أثناء فصل الصيف. 

 

ويستخدم هذا الماء بأمان لمرضى الكلى سواء مرضى الحصوات أو الرمل الكلوي، وذلك بسبب شدة نقاء الماء، والذي يساهم أيضا في علاج أمراض المسالك البولية وحصوات الحالب والمثانة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة