كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

شهامة زوجة وندالة زوج !

كرم جبر

السبت، 15 فبراير 2020 - 08:15 م

الأسطى «صباح».. تستيقظ من النجمة لتبدأ يومها فى المهنة الأصعب والأشق، تحمل لفائف الحديد والأسمنت على عربات الكارو، بعد أن هجرها زوجها وترك لها مسئولية أسرتها بالكامل.
كان يمكن أن تنتحر لتتخلص من حياتها المغموسة باليأس والشقاء، وزوج «ندل» ترك المركب عندما أدرك أنه على وشك الغرق، وبدلاً من أن يكون المنقذ والقبطان، اختار الحل الأسهل، الهجرة والاختفاء.
وكان يمكن أن تحترف التسول فى الشوارع، وتسمع أسوأ العبارات فى مهنة يخاصمها الشرف والكرامة، ولكنها أبت على نفسها أن تصبح مدعاة للشفقة والاحتقار، والفرجة من «اللى يسوى واللى ما يسواش».
وكان يمكن أن تفر هى الأخرى مثل زوجها، وإذا فعلت فلا يلومها أحد، لأن «الحمل ثقيل» جداً، ويعجز عنه أعتى الرجال، والحياة قاسية ولا ترحم، والناس الآن لا يساعدون بل يشمتون.
لكنها اختارت الصعب لتربية أطفالها الثلاثة والوصول بأسرتها إلى بر الأمان، وأقترح مكافأة للزميل عبد الحكيم الأمير بجريدة الجمهورية، الذى نشر قصة المرأة العظيمة، وأيضاً مكافأة كل محرر زميل صحفى يقدم عملاً صحفياً يحض على القيم والأخلاقيات ويدعو للفضيلة ويعظم المعانى النبيلة، وزملاؤنا الشبان فى الصحف القومية يقدمون موضوعات رائعة من هذا النوع، سواء فى الأخبار أو الأهرام والصحف والمجلات الأخرى.
المهم.. أن هذه السيدة الرائعة ومثلها ملايين المصريات، هن رمز التضحية والمثابرة والجد والاجتهاد، ونماذج يجب تسليط الضوء عليها ليل نهار، ليستيقظ الغافلون والغارقون فى أنانيتهم وأطماعهم الصغيرة.
الدنيا ليست من هم فى الجانب المضىء فقط، بل أيضاً المظلم، الذين يجب أن نأخذ بأيديهم حتى يخرجوا إلى النور.
لنقول لكل شاب يجلس على المقهى طول الليل «أفق» فمن أراد الحياة تبحث عنه الحياة، ومن يتمسك بالأمل تنفتح له أبواب الرزق، ومن يكتفى بالشكوى والصراخ ووضع يده على خده، يلحق بنفسه أشد الضرر.
قديماً قالوا «من طلب العلا سهر الليالى» ليس على المقاهى وتعاطى الشيشة والبرشام، وإنما الاجتهاد والمذاكرة وتحقيق أعلى درجات النجاح.
السيدة «صباح» تصفع كل مستهتر لا يتعامل بجدية مع الحياة، وأمامنا ووراءنا عشرات من نماذج الفهلوة والنصب والاحتيال، وأناس مثل الفروع المتسخة المتسلقة على الجدران، دون أن تكون لها فائدة.
وأمامنا ووراءنا وحولنا نماذج من البشر لا يعرفون عن تحمل المسئولية والشهامة والرجولة شيئاً، ويتركون بيوتهم وأطفالهم دون رعاية أو إنفاق، وتتصدى للمسئولية نساء عظيمات يصنعن أجيالاً من الأبناء الصالحين.
نسأل أنفسنا: ماذا كان يمكن أن يحدث لأسرة «صباح» إذا فعلت مثل زوجها وهربت؟
الإجابة: مشردون فى الشوارع، يصعدون بسرعة إلى هاوية الجريمة، فى مجتمع لن يرتفع شأنه إلا إذا أحسن تربية أبنائه.
شكراً لكل امرأة صامدة، بعد أن تركها زوج «ندل»!

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة