أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

السعودية.. كلمة حق

أسامة عجاج

السبت، 15 فبراير 2020 - 08:44 م

أتاحت لى الظروف زيارة المملكة العربية السعودية ثلاث مرات خلال أقل من عام، فى رمضان الماضى لتغطية اعمال القمم الثلاث الاسلامية والعربية والخليجية، والثانية فى شهر ديسمبر الماضى لحضور القمة الخليجية العادية، والثالثة وليست الاخيرة - ان شاء الله - فى رحلة خاصة هدفها الوحيد هو اداء العمرة مع زوجتي، وفِى المرات الثلاث تحولت إلى «مراقب» لخطوات التحديث الاجتماعى الذى شهدته المملكة خلال العامين الماضيين، خاصة فى ظل الحملات على شبكات التواصل الاجتماعي، ومعظمها تحركها اجندات سياسية، للتشويه على الامر، وتصوره كما لو كانت المملكة تخلت عن ثوابتها التاريخية المتعارف عليها، وهذه محاولة للإجابة عن سؤال «هل غاب وجه السعودية المتعارف عليه تاريخيا».
دعونا نتفق منذ البداية، على ان المقدسات فى السعودية معروفة، فى مدينتى مكة، مبعث الرسالة والمدينة المنورة، التى شهدت ميلاد دولة الاسلام، ولهذا فإن دخولهما له اشتراطات خاصة، ومقصورة على المسلمين فقط، اما غيرها من المدن فى المملكة فليس لها اى قداسة، الرياض عاصمة مثل غيرها من عواصم العالم، تخضع الحياة فيها لقواعد واشتراطات تضعها الحكومة، ويلتزم بها المواطن والمقيم، وقد تقبل تغييرا اجتماعيا بصورة او بأخري، والشعب السعودى مثله مثل كل شعوب العالم، ليسوا مجموعة من «الملائكة» او جماعة من «الشياطين»، اغلبهم يرتاد المساجد، وقليل منهم من وجهته الكافيهات، وعلى عكس ما يشاع فقد قضيت فى الرياض عدة ايام، لم اشاهد فيها سوى عدد محدود من السعوديات اللاتى يقدن السيارة، ولكن الجديد هو مساهمة المرأة فى التنمية وتزايد وجودها فى دوائر تتناسب مع طبيعتها، اما قيادة المرأة للسيارة، فهو امر معتاد فى كل دول العالم وتأخر فى السعودية لطبيعة المجتمع، - لا اكثر ولا اقل - .
ومن جهة آخرى، ماذا يضير الاسلام لو سعت السعودية وخططت، لتكون مقصدا سياحيا، بعد ان ظلت طوال تاريخها مقصورة على السياحة الدينية لأداء العمرة والحج، ولديها إمكانيات سياحية مختلفة لم تستغل، ومنها منطقة جبال عسير ومنطقة آزور للشعاب المرجانية فى البحر الأحمر، وواحة الحفوف، وبها مساحات أخاذة من الخضرة والحدائق وأشجار النخيل، ويُقال إنها الأكبر من نوعها فى العالم، وكذلك مدائن صالح بقايا الآثار النبطية، لكن المقصد الأكثر جاذبية هو مجمع الكهوف، الذى أدرجته منظمة اليونسكو عام 2018 ضمن مناطق التراث العالمي، والسائح الأجنبى لن يأتى إلى السعودية، بحثا عن خمور متوافرة له فى كل ارجاء العالم، وهو اول من يعرف الالتزام بنظم وتعليمات الدول التى يزورها، وواجب عليه احترامها.
قديم السعودية الذى يتجدد دائما، هو حجم التطوير والتوسعة الذى يشهده الحرمان الشريفان فى عهد الملك سلمان بن عبدالعزيز، والذى يأتى امتداداً للتوسعات التاريخية السابقة التى بدأت منذ عهد الملك المؤسس عبدالعزيز، وقد تم التخطيط للأخيرة لرفع الطاقة الاستيعابية لزوار بيت الله الحرام إلى ٣٠ مليون معتمر، بعد عشر سنوات، وهى التى دشنها الملك سلمان بن عبدالعزيز عام ٢٠١٥، بتكلفة ١٠٠ مليار دولار على الأقل، قديم السعودية الذى يتجدد هو ورشة العمل المستمرة على مدار ساعات الليل والنهار، لاستكمال مشروع التوسعة، قديم السعودية الذى يتجدد، هو سيمفونية ليحتفظ المكان بنظافته ورونقه، وبقدسيته، مع وجود آلاف الزوار من دول مختلفة، قديم السعودية الذى يتجدد، هو صوت ماهر المعيقلى فى صلاة الفجر وهو يؤم الآلاف، نسبة ليست قليلة من السعوديين تعرفهم بغطاء الرأس «الشماغ» والذى يميزهم.
اما تلك الفيديوهات التى تظهر على فيس بوك او توتير - وان صدقت - فهى تمثل أفرادا، وأبدا لن تكون ظاهرة، ويتم الترويج لها وتوظيفها سياسيا، كجزء من الحملة ضد السعودية، واستهدافها، وصدق الله سبحانه وتعالى فى قوله فى القرآن الكريم «فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً، وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الْأَرْضِ» صدق الله العظيم.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة