أرشيفية
أرشيفية


قصص وعبر| المراهقة الصغيرة.. وعلقة موت

علاء عبدالعظيم

السبت، 15 فبراير 2020 - 08:53 م

لو أمطرت دموعه تراب قبر ابنته المراهقة الصغيرة، فما عاد ينفع الندم، ولا النعايا، فالذنب سوف يثقل كاهله أمام الخالق، حيث الأب الذي ماتت عواطفه جميعا، وجرى في عروقه دم يحمل غضبا، وتجرد من كل مشاعر الأبوة، والحنان، فبدلا من أن يحتوي ابنته، ويعالج أخطاءها بالحب والرحمة، والرفق، انتابته لوثة، وانقض عليها كالوحش يسدد لها الضربات واللكمات، ولقنها علقة حتى الموت.

 

عاشت الفتاة المراهقة ابنة الـ١٥ عاما يراوضها حلم الحب، والعثور على فارس أحلامها، ورغبتها في الخروج من شرنقة الطفولة، وأخذت تهتم بهيئتها في محاولة للشعور بالاستقلالية، وتكوين شخصيتها، والانسلاخ عن أسرتها، والتحرر من قيود أبيها الديكتاتور، وللهرب منه لمعاملته لها بقسوة، لتعيش في عالم الأحلام والتي اعتبرتها بوابة الحصول على شخصيتها المستقلة، ترسم سعادتها بالشكل الذي تريده حتى نشأت بينها وبين أحد الشباب علاقة عاطفية، ولم تعلم بأنه إعجاب وليس حبا حقيقيا، واعتاد مقابلتها أثناء خروجها من المدرسة.


نما إلى علم الأب علاقة ابنته المراهقة الصغيرة بالشاب، تبدلت معالم وجهه، وجري الدم في عروقه ساخنا مجنونا، وكاد قلبه يوشك أن ينفجر حنقا، وما إن عادت إلى المنزل لم تراوده نفسه ولو لبرهة، ودون أية مقدمات انقض عليها كالوحش المجروح، يسدد لها الضربات المتتالية بكل قوة وقسوة بجميع أنحاء جسدها.

 

لم يرحم ضعفها، ودموعها وأنين صرخاتها المكتومة، تتوسل إليه بعد أن أعلنت غددها الدمعية إفلاسها، وتوقفت عن ضخ الدموع، وتحولت إلى غدد للنحيب الجاف، وسقطت على الأرض في ذبول، وإعياء فاقدة للوعي، تسلل القلق داخل الأب، وهروب مسرعا باصطحابها إلى المستشفى في محاولة لإنقاذها، لكنها لفظت أنفاسها الأخيرة، وتوفيت متأثرة بجراحها.


وبإبلاغ المقدم محمد الشاذلي رئيس مباحث قسم ثان شبرا الخيمة، ومناظرة جثة الفتاة تبين وجود كدمات، وسحجات بأماكن متفرقة بجميع أنحاء جسدها، وبمواجهة الأب علل سقوطها في بئر المصعد أثناء ذهابها للمدرسة.

 

لم يقتنع رئيس المباحث، وقام بتضييق الخناق عليه، حتى انهار واعترف بجريمته غير الإنسانية، والتي تبرأ منها الشيطان، وذكر في أقواله بأنه نما إلى علمه أن ابنته الصغيرة تربطها علاقة عاطفية بأحد الشباب، ويأتي لمقابلتها أثناء خروجها من المدرسة، فاشتاط غيظا، وغضبا، وعقب عودتها قرر تأديبها، واعتدى عليها بالضرب المبرح غير قاصدا موتها.

 

تم تحرير المحضر اللازم، وأحيل الأب الديكتاتور إلى النيابة التي تولت التحقيقات، وصرحت بدفن جثة المراهقة الصغيرة بعد العرض على الطب الشرعي.

 

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة