أعلام تونس
أعلام تونس


في ظل غياب المحكمة الدستورية:

قانونيون تونسيون يطرحون سيناريوهات عديدة لعبور أزمة تشكيل الحكومة بالبلاد

أ ش أ

الإثنين، 17 فبراير 2020 - 07:48 م

أكد خبراء وأساتذة قانون دستوري تونسيون أن هناك العديد من السيناريوهات التي تفرض نفسها على المشهد السياسي في تونس وسط العديد من التفسيرات للفصل 89 من دستور البلاد المتعلق بتشكيل الحكومة في ظل عدم وجود محكمة دستورية تكون هي المرجع وتحسم الجدل بشأن تفسير هذا الفصل قبل انتهاء المهلة الدستورية يوم 21 فبراير الجاري.

وعاد الحديث عن الفصل 89 من الدستور التونسي عقب إعلان رئيس الوزراء المكلف بتشكيل الحكومة إلياس الفخفاخ أول أمس السبت عن تركيبة حكومته وسط انسحاب حزب "حركة النهضة"، حليفه الرئيسي في الائتلاف الحكومي وأكبر الأحزاب في البرلمان، لينضم إلى صفوف الرافضين لمنحه الثقة مع ثاني أكبر الأحزاب "قلب تونس"، ما يؤشر إلى مواجهة هذه الحكومة مصير حكومة "النهضة" التي أسقطها البرلمان في العاشر من يناير الماضي بـ 134 صوتًا رافضًا مقابل موافقة 72 نائبًا .

وينص الفصل 89 من الدستور على أنه في أجل أسبوع من الإعلان عن النتائج النهائية للانتخابات، يكلف رئيس الجمهورية، مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي المتحصل على أكبر عدد من المقاعد بمجلس نواب الشعب، بتكوين الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة، وعند تجاوز الأجل المحدد دون تكوين الحكومة، أو في حالة عدم الحصول على ثقة مجلس نواب الشعب، يقوم رئيس الجمهورية في أجل عشرة أيام بإجراء مشاورات مع الأحزاب والائتلافات والكتل النيابية لتكليف الشخصية الأقدر من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.

كما تنص أيضًا أنه إذا مرت أربعة أشهر على التكليف الأول، ولم يمنح أعضاء مجلس نواب الشعب الثقة للحكومة، لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة في أجل أدناه خمسة وأربعون يوما وأقصاه تسعون يومًا.

ومع مرور تونس إلى السيناريو الثاني من نص هذا الفصل الدستوري بعد فشل الحزب الفائز بالانتخابات (النهضة) في تشكيل حكومة، يرى أساتذة القانون وجود إشكالية في صياغة هذا النص.

وذكرت أستاذة القانون الدستوري سلسبيل القليبي، أن هذا الفصل لا ينص على إجبارية إعلان رئيس الجمهورية حل البرلمان في حال لم تمنح الثقة للحكومة، مشيرة إلى أن "الفصل يقول إنه لرئيس الجمهورية الحق في حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة ولم يقل إنه على رئيس الجمهوية حل مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة ".

وأوضحت في تصريحات صحفية أن الصياغة اللغوية توحي بأن رئيس الجمهورية مخير، مشيرة إلى أن هذا الفصل لا ينص على المدة الزمنية التي يمكن لرئيس الدولة إعلان حل البرلمان فيها.

وحول السيناريوهات المتوقعة، قال أستاذ القانون الدستوري الصادق بلعيد، إن هناك سيناريوهين اثنين فقط بخصوص مصير الحكومة ووضعها المعقد حاليًا بعد انسحاب حركة النهضة من ائتلاف حكومة الفخفاخ، ويتمثل السيناريو الأول، في التوصل إلى تشكيل حكومة إثر مشاورات إضافية خلال الأيام القليلة المتبقية، والتي قد تفضي إلى نتيجة إما بالتخلي نهائيًا عن مشاركة النهضة في الحكومة أو نجاح إلياس الفخفاخ في إيجاد حل لهذه المشكلة.

وأكد أستاذ القانون الدستوري، في تصريحات صحفية، أن السيناريو الثاني يتمثل في فشل الفخفاخ في تشكيل حكومة بأغلبية مريحة الأمر الذي يمهد إلى اللجوء إلى الفقرة 4 من الفصل 89 من الدستور والمتعلق بإجراء انتخابات تشريعية سابقة لأوانها خلال مدة تتراوح بين 45 يومًا و90 يومًا.

وأشار إلى أنه نظريًا لا شيء يمنع تولي الرئيس التونسي تعيين شخصية أخرى خلفًا للفخفاخ تكون الأقدر والأصلح، إلا أن ضيق الوقت يشكل ضغطا ولا يمكن القيام فعليا بهذا الإجراء البديل.

وأمام الفراغ الزمني بين آخر أجل لمنح الثقة لحكومة الفخفاخ (21 فبراير) وبين حق الرئيس التونسي في حل البرلمان بعد مرور 4 أشهر على التكليف الأول (15 نوفمبر 2019) أي بداية من منتصف مارس المقبل، يكون هناك نحو 25 يومًا قد تفتح هذه الفترة الباب أمام العديد من الاجتهادات التي ترى إمكانية تكليف قيس سعيد لشخصية ثالثة لتكوين الحكومة، بل يذهب البعض لإمكانية سحب البرلمان الثقة من حكومة الشاهد وتقديمه لشخصية أخرى.

واستبعد رئيس كتلة حركة النهضة بالبرلمان نورالدين البحيري، في حوار تلفزيوني، فرضية إعادة الانتخابات، حيث أشار إلى وجود حل دستوري آخر يجنب إعادة الانتخابات، موضحًا أنه بعد فشل تكليف مرشح النهضة وفي حال فشل الفخفاخ تعود العهدة لصاحب السيادة الأصلية وهو مجلس النواب.

وأضاف أن هذا المسار الثالث يتمثل في سحب الثقة من رئيس حكومة تصريف الأعمال يوسف الشاهد ومنح الثقة لرئيس حكومة جديد يشكل حكومته قبل انقضاء مدة الأربعة أشهر التي يمكن لرئيس الجمهورية بعد انقضائها حل البرلمان.

كما أكد عضو مجلس شورى حركة النهضة، أسامة بن سالم، أن الحركة ستنطلق، اليوم الاثنين في مشاورات لاختيار مرشح الأغلبية النيابية لتشكيل الحكومة، مشيرًا في تدوينة نشرها على صفحته بفيسبوك إلى أنه سيتم سحب الثقة من حكومة يوسف الشاهد وأن رئيس الجمهورية قيس سعيد لن يستطيع حل البرلمان.

وفي المقابل نقلت وكالة الأنباء التونسية، اليوم الاثنين 17 فبراير، عن القاضي المتقاعد أحمد صواب، قوله إن تفكير حركة النهضة في اللجوء إلى "حل غير قانوني" يتمثل في الاعتماد على الفصل 97 من الدستور وسحب الثقة من حكومة يوسف الشاهد وتكليف شخصية أخرى من حزب الأغلبية بتشكيل الحكومة، يعتبر "انحرافا بالإجراءات وتحايل على القانون ومحاولة، من جزء من البرلمان، الانقلاب على صلاحيات رئيس الجمهورية".

وتابع صواب قائلا "الفصل 97 من الدستور يطبق خلال السير العادي لمؤسسات الدولة وليس في مرحلة فاصلة بين فترتين نيابيتين"، مشيرًا إلى أن تجاوز الفصل 89 من الدستور وتطبيق الفصل 97 غير ممكن نظرًا إلى أن الفصل 97 فصل عام والفصل 89 فصل خاص و"من بديهيات القانون أنه في حالة التعارض يقع إعلاء النص الخاص على النص العام" .

وبين أنه في ظل هذا التصادم والتصريحات المتضاربة من كل الجوانب والتي تكشف عن إمكانيّة عدم منح الثقة لحكومة المكلّف إلياس الفخفاخ، فإن القانون يتيح لرئيس الجمهورية إمكانية تكليف شخصية أخرى لتكوين الحكومة، لكن يبدو أن رئيس الجمهورية لا يفكر في اللجوء إلى هذا الخيار، وفق تعبيره.

وكلف الرئيس التونسي في العشرين من يناير الماضي إلياس الفخفاخ بتشكيل حكومة في غضون شهر حدده الدستور لاختيار أعضاء حكومته، وإعداد برنامج والذهاب إلى البرلمان لنيل ثقة نواب المجلس بالأغلبية المطلقة.

وتُعد هذه المحاولة الثانية لتشكيل حكومة في تونس خلال شهرين، بعدما فشل الحبيب الجملي مرشح حزب حركة النهضة، الفائز في الانتخابات التشريعية الأخيرة، في التوافق مع الأحزاب وتشكيل حكومة سياسية، ولجأ إلى تشكيل حكومة مستقلين، أسقطها البرلمان في العاشر من يناير الماضي، لتنتقل صلاحية اختيار رئيس الحكومة المكلف إلى الرئيس وفقا للدستور الذي ينص على حل البرلمان والذهاب إلى انتخابات تشريعية في حال لم يمنح البرلمان الثقة لهذه الحكومة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة