صورة من الرحلة
صورة من الرحلة


حوار| كبير طياري «رحلة ووهان»: الطائرة كانت بأقصى حمولة.. وكل شيء كان مدروسًا

إنجي خليفة

الثلاثاء، 18 فبراير 2020 - 06:22 م

كابتن أشرف الهواري:

- كنت متحمسًا من البداية لهذه الرحلة

- عندما صعد المصريون للطائرة شعرنا أنه لا يمكن لأحد أن يتخاذل عن هذه الرحلة

- رحلة الذهاب استغرقت 9 ساعات.. أما العودة فكانت 12 ساعة

- مدينة ووهان كانت خاوية على عروشها.. ولا يوجد رحلات طيران

 

وصلت يوم الاثنين 3 فبراير طائرة خاصة من طراز إيرباص A330 تابعة لشركة سياف، إحدى شركات وزارة الطيران المدني، إلى مطار العلمين الدولي قادمة من مطار ووهان الدولي، لعودة 302 من المصريين المقيمين في مدينة «ووهان» بمقاطعة خوباى الصينية، معقل فيروس كورونا، بعد أن قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن يستجيب لأصوات أبنائه هناك ليعودوا للوطن.

السطور المقبلة هي بمثابة توثيق لرحلة استثنائية قام بها 13 بطلًا حقيقيًا، من بينهم 5 طيارين وثمانية آخرين هم طاقم الضيافة، قد يكون لـ 320 مصريًا هم بمثابة ملائكة رحمة.. الحديث عن هذه الرحلة لا يجب أن ينتهي فمن قاموا بها هم أبطال من وراء الظل.

وللحديث عن هذه الرحلة تواصلت بوابة أخبار اليوم هاتفيًا مع كابتن طيار أشرف الهواري، كبير الطيارين بشركة سياف للطيران على طراز  A330.

-في البداية.. قصّ علينا كيف تم تكليفك بهذه الرحلة إلى مدينة ووهان؟

التكليف بالرحلة جاء عن طريق وزارة الطيران المدني، بقيادة الطيار محمد منار وزير الطيران، التي أبلغت بحاجتها إلى طائرة تقوم بإخلاء المصريين من مقاطعة ووهان الصينية، وتم تكليف الشركة بها، وعلى أساسه رئيس مجلس إدارة شركة سياف التابعة لوزارة الطيران المدني المصري، والتي تملك طائرات إيرباص 330A، وهو الطراز المناسب لنقل عدد المصريين المتواجدين في ووهان.

كانت المرحة الثانية هي عرض الأمر من قبل رئيس مجلس إدارة الشركة على إدارة الشركة وبالتالي معرفة مدى إمكانية تحقيق هذا الطلب عن طريق الاتصال بالطيارين".

تم الاتصال بي بصفتي كبير طيارين بشركة سياف وطلب مني دراسة إمكانية القيام برحلة، وتم دراسة الرحلة ووجدنا إنها سوف تستغرق في الذهاب 9 ساعات طيران، والعودة 12 ساعة وتم الحسابات الخاصة بالوقود والنواحي الفنية والأوزان ووجدنا أن الطائرة  330A مناسبة للأداء بهذه المهمة.

-هل كنت متحمسًا لهذه الرحلة؟ أم ترددت قليلًا؟

منذ أن عُرض عليّ الأمر كنت مرحبًا جدا وكنت متحمسًا، وكان يجب أن أقوم بالبحث عن العدد المطلوب لأداء هذه الرحلة، وقمت بالاتصال هاتفيًا بالأشخاص وفي البداية طلبوا مهلة للتفكير وفي النهاية العدد الذي كنا بحاجة إليه وافق.

سبب الحماس الرئيسي أن هناك مصريين من أولادنا في محنة والمفترض أن لو كان لي أخٌ أو ابنٌ أو قريبٌ كنت سوف أكون متحمسًا لعودته.

أنا عملت في الشركة الوطنية مصر للطيران لمدة 20 عامًا، ثم بالخطوط الجوية القطرية، ثم ذهبت للعمل بشركة الاتحاد الإماراتية، ومؤخرًا قررت العودة إلى مصر لأكون بجوار الأهل والأحباب.

خلال 32 سنة طيران أول مرة أواجه مشكلة بهذا النوع أن يكون هناك مرضٌ وبائيٌ منتشرٌ ولا يوجد له علاج و أتتطوع للقيام برحلة كانت أول مرة تحدث في حياتي في هذه المهنة.

وكان الشق الأهم هو هل هناك طاقم يوافق متطوعًا لأداء هذه الرحلة، حيث من الممكن أن يرفض الطاقم الرحلة، حيث أن هذه الرحلة الاستثنائية تمت تطوعًا بوازع داخلي من الشخص نفسه خاصة وأن الرحلة لها علاقة بسلامة الطيران والسلامة الصحية، هناك آخرون اعتذروا عن الرحلة، ولكن كنا مقدرين ذلك ولا غبار عليه هو لم يقصر في شيء.

-ما أبرز التفاصيل التي شهدها اجتماع ما قبل الرحلة؟

كل شيء كان مدروسًا، وبعد ما تم الاتفاق مع طاقم الطائرة والضيافة التي سوف تكون لديها احتكاك مباشر مع الطائرة وعلموا طبيعة المهمة الحقيقة.

كان هناك أولوية أساسية وهي الاجتماع مع قيادات الطيران المدني المصري، مع وزير الطيران، وبحضور لجنة موسعة من أعلى الكوادر الموجودة بوزارة الصحة، بحضور كل أفراد الطاقم وكل أفراد إدارة شركة سياف، وعلى رئسهم رئيس مجلس إدارة الشركة الدكتور حسن محمد.

وتم وضع خطة مدروسة بعناية من أجل الإجراءات التي سيتم إتباعها للحفاظ على سلامة الفريق والحفاظ على سلامة الركاب، وألا يكون هناك أي احتمالية لنقل العدوى بين الركاب وبعضهم البعض، ولا يكون هناك أي مشكلة تعرض الطاقم أو الفريق الطبي للخطر.

- ماذا كان موقف الأسرة من هذه الرحلة الخطيرة؟ وهل عارضوا فكرة أن تكون قائد هذه الرحلة؟

بعد موافقتي على الرحلة كان يجب أن أمهد الأمر لأسرتي، بدأت الحديث دون أن أشير إلى موافقتي وقلت لهم إن هناك طائرة ذاهبة للصين من أجل عودة المصريين ولا يوجد حتى الآن موافقة على الرحلة ، وبدأت أتحدث عن فرضية ماذا لو لم يوافق أحد على الرحلة  ما هو مصير هؤلاء؟

أسرتي كانت متحمسة جدًا لعودة المصريين ولكن عندما علموا أن شركة سياف التي أعمل بها هي من ستقوم بذلك بدأ الوعي بأنني أمهد أن من سيقوم بالرحلة هو أنا.

قامت أسرتي بعقد اجتماعات وإنشاء جروب على الواتس آب لإقناعي بأنني ليس الشخص المناسب للمهمة، وكانوا يتحدثون مع وفق كلام علمي، حيث أن بعد البحث وجدوا أن فيروس كورونا يصيب الأشخاص ذات المناعة الضعيفة مثل الأطفال وكبار السن،  والتغلب على الفيروس يقوم به الجهاز المناعي، وأن الشباب هما أكثر قوة ومناعة وبالتالي أفضل أكثر مني للقيام بذلك.

ذهبت في إقناعهم بأنه يجب أن يكون هناك أحد يبدأ وعندما يبادر المسئول الآخرين يتحمسوا، ثانًيا أن المناعة لها علاقة بالحالة النفسية وإذا كان الشخص متحمسًا للقيام بشيء سيكون مناعته أقوى، ووافقوا بعد أن قلت لهم  ضعوا أنفسكم موقعهم وتخيلوا، حينها قالوا لي إنهم اقتنعوا وبدئوا يدعموني بنصائح للوقاية.

- ما هي تفاصيل رحلة الذهاب إلى ووهان؟

بعد 9 ساعات طيران خرجنا يوم الأحد 2 فبراير الساعة الخامسة صباحا وذهبنا للمطار على أساس أن موعد الرحلة الساعة  8 صباحا، ولكن تأخرت للساعة العاشرة لأن كان هناك مساعدات طبيبة قررت الحكومة إرسالها للحكومة الصينية فتم التأخير في التحميل، ومن مطار القاهرة لمطار ووهان أخذنا 9 ساعات طيران ووصلنا ووهان".

- صف لنا حالة مدينة ووهان عندما هبطت الطائرة المصرية إليها.

كانت المدينة خاوية على عروشها ونحن في الطائرة لم نرَ الأنوار التي اعتدنا عليها من نافذة كابينة القيادة الشوارع خالية ، كانت مدينة فاقدة للحياة، لا يوجد بشر ووجدنا المطار أيضا ميتًا، والطائرات في حالة تخزين ولا يوجد رحلات ولا يوجد أثر للحياة في المطار. هنا بدأنا نشعر بإحساس الناس المتواجدين هناك كيف يعيشون في هذا المكان.

منذ لحظة وصول الطائرة أخذ السفير المصري بالصين محمد البدري، بمتابعتنا أول بأول إلى أن بدأ الركاب تصعد الطائرة والأطفال بعد انتهاء الإجراءات بالمطار.

- كيف كان صعود المصريين للطائرة؟ وما أبرز المشاهد؟

عندما صعد المصريون للطائرة وجدنا كمية من الرضع والسيدات الحوامل والأطفال، شعرنا أنه لا يمكن لأحد أن يتخاذل عن هذه المهمة وهذا رد فعل طبيعي.

أثناء صعود المصريين كانوا في كابينة القيادة لأننا كنا نواجه مشاكل أخرى خاصة بعدم توفر عمال كفاية لتحميل الحقائب، وكان هناك مشكلة أخطر وهي أن حالة الجو في ووهان بدأت تتدهور والرؤية الأفقية بدأت تقل وكنا في حالة من الخوف إذا تأخرنا من الممكن أن تسوء حالة الطقس ولا يسمح لنا بالإقلاع من مطار ووهان وتكون هناك مشكلة كبيرة، في هذه الأثناء كان هناك بعض الضغط ، ولكن بفضل تعاون الطاقم تمت الرحلة بنجاح.

- هل واجهتم مشكلة في عدد المصريين المستقلين على متن الطائرة؟

في البداية.. قللنا عدد الطاقم والمرافقين للحد الأدنى، حيث كانت سعة الطائرة 297 راكبًا و وعدنا بـ 320 من بينهم الرضع لا يحتاجون مقاعد.

نحن أتينا بأقصى حمولة للطائرة وكان غير مسموح براكب آخر زيادة.

- وماذا إذًا عن رحلة العودة؟

كابتن طيار وسام الدين صلاح، والطيار مصطفى كمال، قاموا برحلة الذهاب من مطار القاهرة الدولي إلى ووهان ، لكن اخترت تنفيذ رحلة العودة ومعي الطيار أيمن سراج والطيار هاني هاشم، ونفذت العودة بهدف إرجاع المصريين من هناك ، وكانت الرحلة سلسة جدًا، لكنها استمرت لـ12 ساعة.

فرق ساعات الطيران بين رحلة العودة التي استغرقت 12 ساعة طيران ورحلة الذهاب، التي استغرقت 9 ساعات طيران، في أن "في العودة كنا نسير عكس اتجاه الرياح بالتالي السرعة كانت أقل ونتج عنه زيادة في وقت الطيران هذا بالإضافة إلى 55 دقيقة تضاف للرحلة للفرق بين مطار الذهاب والعودة حيث الأول كان مطار القاهرة والثاني كان مطار العلمين".

- ماذا كان الدور الموكل لطاقم الضيافة على متن الطائرة؟

قام طاقم الضيافة المكون من رئيس طاقم أحمد جلال، ورئيس طاقم أحمد بهجت، ورئيس طاقم مصطفي السيد، ومضيفة جوية رحاب الشافعي، ومضيفة جوية ريهام حلمي،ومضيف جوي أيمن طلعت،ومضيف جوي عبد الرحمن سعيد، ومضيف جوي حسن منتصر، بمجهود رائع في تنفيذ وإتباع الإجراءات الوقائية لأنفسهم ولطاقم الطيران فعندما يقتربون من قمرة القيادة كانوا يبدلون جميع مستلزمات الحماية التي يردونها خلال احتكاكهم بالكابينة".

- ماذا حدث فور هبوط الطائرة بمطار العلمين؟

وزارة الصحة كانت واضعة إجراءاتها وكان هذا هو الجزء المرهق حيث تم التنسيق لكيفية إنزال الركاب ومكان إقامتهم والجوازات وختمها وصعدوا ضباط الجوازات على الطائرة وحصلوا على بطاقات تعريفية بألوان مختلفة خاصة بالإعاشة والأوتوبيسات، وتم توزيعهم على متن الطائرة.

هنا بدأ يظهر علينا التعب 4 ساعات في مطار العلمين ننهى إجراءات الوصول وساعتان لمطروح ،ووصلنا الحجر كنا مرهقين جدًا.

- كيف كان الحجر الصحي؟ وهل تعاملت مع المصريين القادمين على الطائرة؟

منذ قبول الرحلة كنت على علم بأن هناك حجر سوف نخضع له، فقمت بوضع السيناريو كاملا، وخصصت فترة الحجر لقراءة كتاب لجمال حمدان وهو كتاب شخصية مصر، فقبل الرحلة ذهبت لمعرض الكتاب للحصول على الموسوعة للاستعداد لرحلة ووهان. أيضًا كان هناك بعض الأمور التي لم تكن ظروف عملي تساعدني على القيام بها مثل قراءة القران مستمر كل ذلك جعل فترة الحجر فترة إيجابية.

لم أتعامل مع المصريين القادمين من ووهان حتى الآن فتم عزلنا كطاقم طائرة بمفردنا في مبنى خاص، وصل عدد الموجدين بالحجر حوالي 700 شخص وكشف طبي دقيق صباحا ومساءً الأمور مأخوذة بجدية هنا".

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة