نوال مصطفى
نوال مصطفى


حبر على ورق

شاكوش.. والأوسكار

نوال مصطفى

الأربعاء، 19 فبراير 2020 - 06:31 م

 

حدثان فنيان أحدهما محلى والثانى عالمى كانا حديث الناس هذا الأسبوع. الحدث الأول هو تصدر أغنية «بنت الجيران» للمطربين حسن شاكوش وعمر كمال للمركز الثانى عالميا على «ساوند كلاود» كأكثر ثانى أغنية يسمعها العالم كله فى الشهر الأخير. إلى هنا كانت الدنيا جميلة رغم الدهشة التى انتابت الكثيرين. لكن التطورات التى تلت ذلك الإعلان قلبت الخبر رأسا على عقب! فقد أصدرت نقابة المهن الموسيقية قرارا بوقف أغانى المهرجانات. فى رأيى إنه قرار متسرع فالمنع يزيد شعبية الممنوع ويعادى الظاهرة بدلا من أن يدرسها. لذا أتمنى أن يراجع النقيب قراره بشىء من التدبر والتفكير الهادئ فى تقنين وترشيد هذا اللون من الفن الشعبى بدلا من منعه.
أما الحدث الثانى الذى قلب الدنيا بين المتابعين لحفل توزيع جوائز الأوسكار فكان فوز الفيلم الكورى الجنوبى Parasite بجائزة أفضل فيلم. معنى هذا أنه لم يحصل على جائزة أفضل فيلم أجنبى كما توقع له الكثيرون، بل حصل على جائزة الأوسكار الكبرى أفضل فيلم (يعنى أفضل فيلم مش أجنبى ولا حاجة) المدهش أكثر إنه حصد أربع جوائز أخرى كأفضل إخراج وأفضل سيناريو وكذلك حصل على جائزة أفضل فيلم أجنبى (بالمرة).
 سأتحدث أولا عن الحدث الأول الذى شدنى إلى الاستماع إلى أغنية حسن شكوش وعمر كمال (اللى مكسره الدنيا) هنا وفى العالم كله. الحقيقة الأغنية حلوة، فيها حاجة تجعلك مبسوطا وأنت تستمع لها، ربما الموسيقى، الايقاع، الاستايل. لكنى بعدما استمعت إليها عدة مرات رغبة وفضولا للقبض على سرها الباتع فى الوصول إلى العالمية، وصلت إلى هذا التحليل المتواضع منى، أشعر أن هناك ذكاء فطريا لدى «فنانى الشارع» كما يطلق عليهم فى كل بلاد العالم. هذا الذكاء يجعلهم يجربون بالاحساس أساليب مختلفة للغناء، ويُقدِمون بجرأة على تقديمها بلا حسابات كثيرة، والتجربة التى أراها واضحة فى أغنية «بنت الجيران» هى المزج بين صوت عمر كمال الملىء بالشجن والرومانسية ذى الطبقة المنخفضة نسبيا، وصوت حسن شاكوش الذى يتمتع بطبقات عالية جدا، وقوة إحساس متدفقة، صاخبة تهز القلب، هذا الثنائى صنع ما يشبه الـ(contrast) التضاد بين أسلوبى الغناء ومع ذلك استطاع أن يجمع بينهما هارمونى لم يجعل الايقاع يفلت منهما. بل أصبحت الأغنية جديدة بكل المقاييس، ممتعة لجماهير الغناء فى الكرة الأرضية وليس مصر والبلاد العربية فحسب!
 أما الحدث الثانى الذى أثار حماسى باعتبارى من عشاق السينما الشداد، فهو فوز فيلم Parasite أى الطفيلى بكل هذه الجوائز وأهمها طبعا جائزة أفضل فيلم. أسعدنى جدا اختياره فقد شاهدته ثلاث مرات وفى كل مرة كنت أصفق لصانعيه الكوريين الذين قدموا سينما جديدة فعلا متكاملة، مشبعة، تنطلق من فكرة، حدوتة محبوكة باتقان، مدعمة باخراج رائع، وتمثيل أروع. أهم شىء أن احتكار هوليوود للأوسكار قد انكسر، وأصبحت الجائزة منفتحة على أنواع مختلفة من الفن السينمائى العظيم. أساليب جديدة لا تعتمد على الابهار بالصورة والجرافيك بقدر ما تبهرنا بالأفكار والرؤى الجديدة التى تحركنا نحن المشاهدين وتبقى فى ذاكرتنا طويلا شأن كل عمل فنى محترم.
 كان هناك بالطبع أفلام أخرى تستحق الأوسكار وربما ظلمها الحماس الشديد من لجنة التحكيم للفيلم الكورى منها فيلم 1917 الذى كان يستحق جائزة أفضل إخراج التى ذهبت كذلك للفيلم الكورى، وفيلم الجوكر الذى يحمل العديد من الرسائل إلى الحكام والقادة فى العالم بضرورة الاهتمام بالضعفاء، البسطاء، أصحاب الظروف الخاصة، وإلا انفجر الغضب المكبوت فى وجوهكم جميعا. فاز فقط بطل الفيلم خواكين فينكس بجائزة أفضل ممثل، وهذا جيد (فى ظل تسييس الفيلم الحادث فى الولايات المتحدة على وجه الخصوص والصداع الذى أحدثه عرضه هناك من فرض احتياطات أمنية أمام دور العرض هناك).
 مبروك لـ»بنت الجيران» و»Parasite».

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة