كرم جبر
كرم جبر


إنها مصر

«مهرجانات» وعبدة الشيطان !

كرم جبر

الأربعاء، 19 فبراير 2020 - 07:01 م

كنت أتصور أن شاكوش وبيكا وأورتيجا وشواحه وشطة والديزل مطربون شعبيون، على غرار عدوية وشعبان عبد الرحيم وغيرهما، ولكن فوجئت بوابل من القاذورات والألفاظ الجنسية الشاذة، والكلمات الغريبة التى يغنيها هؤلاء، تحت اسم المهرجانات.
أرسل لى الفنان هانى شاكر رسالة تلقاها من أحد الشعراء، فيها نماذج لأغنيات تبيح زنا المحارم وتبادل الزوجات والعلاقات الشاذة وغيرها من العبارات التى تستحق المثول فوراً أمام النيابة العامة، وأن يساقوا إلى المحاكم بتهمة إشاعة الفجر والفسوق.
ليس فناً ولا تراثاً، وإنما بشر أعمى بعضهم البرشام والمخدرات وأسوأ أنواع الخمور، ويتفاخرون ويتباهون بأشكالهم المستنسخة من الشياطين، فى طقوس أشد قبحاً من «عبدة الشيطان»، فهم بحق عبدة شيطان بأسلوب جديد.
كنت أتصور أنهم يعبرون عن الطبقات الشعبية والحرفيين وأهالينا الطيبين فى المناطق الشعبية، وينشرون فى أفراحهم طاقات إيجابية، ويقدمون أغنيات فيها رائحة الشباب الباحث عن التجديد والتغيير وأنماط جديدة من الحياة.
لم أجد فى المهرجانات سوى ملوثات، ومساطيل يترنحون من فرط الغيبوبة، وموسيقى قبيحة تغير الأصوات وتختصم من الموسيقى الجمال والنعومة والبهجة، وموسيقاهم فيها الصراخ والندب والعشوائية.
كنت أتحدث مع الفنان هانى شاكر - قبل أن يفاجئنى بالكلمات المسيئة - عن ضرورة إجراء حوارات مع هؤلاء، فقد تكون فيها لمسات إبداعية شعبية، ونحن نقسو عليهم ونريد إدخالهم قفص الشجن والأغانى التى على مقاسنا.
وتحدثت معه عن ضرورة الاستفادة من العناصر الطيبة وضرب مثلاً بعدوية عندما غنى «السح الدح امبو»، وهاجت ضده الدنيا، ثم هدأت وأصبح كبار المطربين يغنونها وأصبحت جزءا من التراث الشعبي.
وتحدثت مع هانى شاكر عن عبد الوهاب، الذى غنى «فيك عشرة كوتشينة فى البلكونة»، وشعبان عبد الرحيم نصير أولاد الحارة وأغانيه التى يحمل بعضها معانى جميلة.
ولكن قلت لهانى شاكر «أنا غلطان» عندما قرأت بعض كلمات أغانى المهرجانات، واستمعت لنماذج يندى لها الجبين، ولا أستطيع أن أنقل أى شيء منها أو أكتبه، وليس فى قدرة أى إنسان لديه ذرة من الاحترام أن ينطق لسانه بحرف واحد.
كنت منذ أيام أتحدث مع وزيرة الثقافة الدكتورة إيناس عبد الدايم عن ضرورة التنقيب عن المواهب الشابة فى النجوع والقرى والأرياف، والأماكن الأخرى التى أنجبت عبد الحليم وعبدالوهاب وأم كلثوم وغيرهم، نجوم الفن الذين زينوا سماءنا بأروع الألحان والكلمات ورفعوا اسم الفن المصرى عالياً فى سماء المنطقة العربية، فن معبر عن مصر وشعبها وتراثها وحضارتها وأصالة شعبها.
وقالت لى الوزيرة إنها بالفعل بصدد إطلاق مشروع عملاق لكشف المواهب فى مختلف المناطق المصرية، وكانت لها بالفعل خبرة واسعة حين كانت ترأس دار الأوبرا المصرية، وقدمت فى مؤتمرات الشباب نماذج رائعة من شباب الفنانين، كان من الضرورى أن يستمروا فى الظهور، وأن تحتويهم الدولة وتقدم لهم الدعم والمساندة، ليملأوا الساحة فناً أصيلاً وجميلاً، يعيد الأمجاد القديمة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة