إردوغان متعهد ضخ الإرهابيين للدول الإسلامية يرفع رايات الخلافة
إردوغان متعهد ضخ الإرهابيين للدول الإسلامية يرفع رايات الخلافة


إردوغان متعهد ضخ الإرهابيين للدول الإسلامية يرفع رايات الخلافة!

د.محمود عطية

الخميس، 20 فبراير 2020 - 04:54 ص

 

- «لامبتون»: دخول الأتراك إلى بنية الجيش فى العصر العباسى ترتبت عليه آثار سلبية

- عبد الله العزباوى: العثمانيون عجزوا عن إبداع حضارة، وحياتهم الفكرية خالية من الأصالة
تصدير الإرهاب حرفته ونقض المعاهدات الدولية التى يوقعها بيده شيمته وآخره ما تم فى ألمانيا بموافقته على عدم إرسال قوات إلى ليبيا لكنه نقض موافقته.. إنه حاكم تركيا المتسلط إردوغان الذى يحاول بشتى الوسائل استعادة قرون التخلف التى تم فيها سرقة الدول الإسلامية والعربية تحت نير حكم الخلافة العثمانية المتخلف... ولا ندرى كيف يمكن لإردوغان أن يتصور أن دعمه اللامحدود للجماعات المتطرفة تحت حلم إعادة الخلافة المنصرمة يمكنه من عودة ما انمحى بوعى الشعوب وبعصر التقدم التكنولوجى.. وكيف تنسى الشعوب الإسلامية أن حضارتها منذ القرن الثالث الهجرى تم تبديدها على يد المرتزقة الأتراك الذين كان يتم جلبهم كعبيد من وسط آسيا واستعان بهم خلفاء بنى العباس، وتحولوا إلى نخبة عسكرية فى عهد المعتصم، وزاد نفوذهم فى عصر الخليفة المتوكل الذى نصبوه خليفة ليدخل فى عداء مع المعتزلة، ونبذ المذاهب الفقهية، واحتفى بمتشددى الحنابلة، دعاة إماتة العقل وإحياء النقل وعبادة النص.. ويدور الزمن ويتمكن هؤلاء من بناء دولة النهب والسلب والاستيلاء على الدولة العربية تحت زعم الخلافة العثمانية الإسلامية.


ليس مستغربا حتى الآن أن نسمع أو نقرأ من يرى فى الحكم العثمانى «فتحا».. وإذا ما أطلقنا عليه التوصيف العلمى الصحيح بأنه «غزو» ونهب استعمارى تجد اعتراضا وتشنجا عجيبا.. ولا يحاولون مناقشة ما حدث بالعقلانية العلمية الصحيحة وما فرضه العثمانيون من تخلف وانحطاط على البلاد التى غزوها واحتلوها.. يعدون ذلك انتقادا للحكم العثمانى بما فعله فى مصر والعالم الإسلامى وقائله حاقدا ومشوها للتاريخ.. وهم فى الحقيقة من يلوون عنق التاريخ حتى يلائم أهواءهم وعواطفهم المريضة.. وهناك العديد من الكتب والدراسات العلمية تثبت أن ما اقترفه العثمانيون فى حق مصر والشعوب الإسلامية كان غزوا واحتلالا تسبب فى تأخر نهضة العالم الإسلامى ورميه فى غياهب التخلف والإيمان بالشعوذة.
ولا يرون أن سليل العثمانيين بمسرحية متقنة تسلط على الحكم عبر حزب العدالة والحرية وتمكن من تحويل بلاده لجزيرة إخوانية شيطانية بامتياز وتصفية مناوئيه داخل تركيا.. كما تخلص إردوغان من الكثير من الفاعلين فى المشهدين السياسى والإعلامى، من يرفضون الخلافة المزعومة، بينما سمح للإخوان المسلمين بالهيمنة وقيادة الرأى عبر قنوات إعلامهم، واستقطاب قوى الإرهاب من كل اتجاه، يدربهم ويسلحهم، ومن ثم يطلقهم عبر حدوده للعبث فى رقعة العالم العربى.. حتى باتت تركيا حاليا الممر الملكى لعبور الإرهابيين إلى سورية، وليبيا، وغيرهما، ما يفضح للعالم سر تدخلاتها السافرة فى طرابلس، ومحاولاتها المستميتة لتسهيل وصول الإرهابيين، والأسلحة، والوجود الفعلى على أرض الواقع، وإفساد أى احتمالية صلح بين الليبيين.
ولا يرون أيضا كيف حاول الإردغانى المتسلط إبقاء حكم البشير الإخوانى، قبل صحوة الشعب السودانى لإنهاء مسرحية الإسلام التى كتبها ومثلها البشير، لكن الشعب السودانى تنبه لما يحيق ببلدهم من أخطار، فأسقطوا البشير وإسلامه الشكلانى البعيد عن الإسلام الصحيح، وتوصلوا لحل توافقى يرضى الشعب السودانى العربى الأبى، رغم أنف تركيا وقطر، الباحثتين عن عاصمة عربية إخوانية بعد دحرهم فى معقل القاهرة.. والأطماع التركية لا تتوقف عن حلم الخلافة المزعوم والسيطرة على العالم العربى بما يبثه الإعلام الإخوانى المريض.
بداية الخيط
بدأ الكابوس التركى منذ القرن الثالث الهجرى على يد المرتزقة الأتراك الذين تم جلبهم كعبيد من وسط آسيا واستعان بهم خلفاء بنى العباس، لكنهم سرعان ما تحولوا إلى نخبة عسكرية فى عهد المعتصم، وزاد نفوذهم فى عصر الخليفة المتوكل الذى نصبوه خليفة ليدخل فى عداء مع المعتزلة، ونبذ المذاهب الفقهية، واحتفى بمتشددى الحنابلة، دعاة إماتة العقل وإحياء النقل وعبادة النص.. وبالحيل والدسائس تمكن الأتراك المجلوبون من قبائل آسيا من قتل المتوكل، ووضعوا بدلا منه ابنه المنتصر على العرش، وعاثوا فى البلاد خراباً ودماراً، فعمت الفوضى، ولم يسلم أحد من بطشهم، فضاقت بهم العامة التى خرجت فى ثورات ضدهم كان مصيرها جميعا القمع والوحشية.
جهل وتخلف
ومازال يذكر التاريخ كيف احتفت بغداد والقاهرة والقيروان وقرطبة بمجالس العلم والعلماء، الذين بددوا ظلام الجهل والتخلف، ووصلت الحضارة العربية الإسلامية إلى ذروة مجدها فى القرن الحادى عشر الميلادى، فقادت العالم إلى التنوير، لكن فجأة تغير كل شيء، ساد الجهل والتخلف، بسبب قبائل الأتراك الهمجية التى سيطرت على قلب العالم الإسلامى، فأغلقت مجالس العلم، وفتحت أبواب السحر والشعوذة والدجل، ليدخل المسلمون سراديب الظلام لألف عام.
ومن المعروف تاريخيا أن آلاف القبائل التركية زحفت من وسط آسيا إلى إيران والعراق وسورية والأناضول، تحت لواء السلاجقة أحد أفرع قبيلة الغزو التركية.. وفرضوا نمط حياتهم البدوى على الجميع، وهجروا العلم، وفرضوا الضرائب الباهظة على الرعية، وأصدروا قوانين الإقطاع التى جعلت لكل جندى منهم قرية بكل من فيها من الفلاحين يفعل بها ما يشاء، فدب الخراب سريعا فى الريف.
وذكر لامبتون فى كتاب «نظرات فى الإقطاع»، أن دخول الأتراك إلى بنية الجيش فى العصر العباسى ترتبت عليه آثار سلبية تمثلت فى تحويل جزء كبير من الأراضى من نظام الخراج إلى إقطاعات عسكرية تُمنح لكبار القادة للإنفاق من ريعها على جنودهم وأسرهم، مقابل أداء الخدمة العسكرية.
وقد تحول الفلاحون فى ظل هذا النظام الجائر إلى مجرد عبيد فى أراضيهم التى كانوا يملكونها من قبل، أجبرهم الأتراك على أعمال السخرة وأقاموا لهم حفلات التأديب التى كانوا يقومون فيها بانتزاع ثيابهم وجلدهم على الملأ، فهرب الكثير من الفلاحين من الظلم إلى الصحراء والمرتفعات الجبلية حسب سليمان خرابشة فى دراسته «الإقطاع السلجوقى فى بلاد الشام».
لم يتضرر الفلاح وحده من نظام الإقطاع ولكن الأرض أيضا فقدت جودتها بسبب عدم وجود من يرعاها ويهتم بها، واستقل كبار الإقطاعيين بأملاكهم، وأسسوا إمارات مستقلة عن السلطة العباسية، فصارت المعارك بين الأمراء الأتراك طقسا يوميا، خلف قرى مهجورة وقتلى بالآلاف.
فصول التاريخ
وورثت الدولة العثمانية السلاجقة، فلم تتحسن أحوال الفلاحين، وتفنن العثمانيون فى ابتكار نظم إدارية لتحصيل الضريبة باستخدام العقاب البدنى بكل أشكاله، حتى اضطر الفلاحون إلى مغادرة قراهم، كما ذكر عبد الرحيم عبد الرحمن فى كتابه «فصول من تاريخ مصر الاقتصادى والاجتماعى فى العصر العثمانى»، الأمر الذى جعل قطاع الزراعة يعانى مدار ألف عام حتى حصل العرب على حريتهم فى القرن الـ20.
ولم تكن العواصم الإسلامية فى القاهرة أو فى دمشق أو بغداد تدفع جزية لحكام أجانب، ما ساهم فى انتعاش الحركة الفكرية بها، إلا أن احتلال العثمانيين للشام ومصر عام 1517، أدى لتدميرها، حيث بدأ الاحتلال عهده بالمذابح والنهب، وتهجير أصحاب الفنون والحرف إلى إسطنبول، ولم يهتم العثمانيون بالصحة أو التعليم، واقتصرت وظائفهم على فرض السيادة، وجباية الأموال وتحصيل الإتاوات.. راجع ما كتبه ابن إياس من رصد وقائع غزو العثمانيين لأرض الكنانة واحتلالها والتنكيل بأهلها أشد التنكيل وتعد شهادة ابن أياس من أهم الشهادات لمعاصرته تلك الأحداث ورؤيته رأى العين لمجازر المحتل العثمانى لمصر بقيادة السلطان سليم الأول واحتلالها والسيطرة عليها تماما فى عام1517م.. وقد دون تلك الفترة فى كتابه الشهير «بدائع الزهور فى وقائع الدهور».
وقد عمد الأتراك العثمانيون على تنصيب ولاة على مصر وسائر البقع الإسلامية من غير أبناء البلد على عكس معاملتهم وطنهم الأم حتى القاضى الأعلى ـ قاضى عسكر أفندى ـ كان عثمانيًا، وتم تقديم المذهب الحنفى ـ المعتنق من العثمانيين ـ على المذهب الشافعى الذى يدين به أغلب المصريين. وتم إلغاء العملة المصرية الثمينة واستبدالها بالعملة العثمانية ممن يشترى الالتزام، مقابل إطلاق يده فى جباية أضعاف الضريبة من الفلاحين بمختلف وسائل العقاب البدنى الوحشية.. وقد عبر الشاعر الشعبى المصرى أبو شادوف فى أبيات عن الضنك الذى عاشه الفلاح من ظلم على يد الملتزم بقوله: ومن نزلة الكشاف شابت عوارضى / وصار لقلبى لوعة ورجيف ويوم يجى الديوان تبطل مفاصلى/ وأهر على روحى من التخويف.
انحطاط فكرى
يصف العزباوى فى كتابه التأثير العثمانى فى مجال الحركة الفكرية داخل مصر والبلاد العربية بالضعيف جدا، ويرى أن العثمانيين أبعد ما يكونون عن النهضة، ولم يأتوا إلى المنطقة لنشر العلم والثقافة التى يفتقرون إلى آلياتها، وإنما لفرض سيطرتهم على العالم الإسلامى واستنزاف خيراته، فحتى فى اسطنبول والمدن التركية الكبرى لم تزدهر حركة فكرية تعتنى بالتأليف والترجمة، واقتصرت على الحواشى والتعليقات والشروح.
وأوضحت دراسة بعنوان «العلماء فى الدولة العثمانية - منتصف القرن السابع عشر» أنه رغم الازدهار الشكلى لفئة العلماء من حيث الأعداد والمدارس والأوقاف والمناصب، إلا أن ذلك لم يُترجم لنهضة علمية وتعليمية، بل انتشر الفساد والرشاوى لنيل الدرجات العلمية، واشتهرت الألقاب الزائفة، وكان يُطلق على الكثيرين ألقاب «حجة الدين» دون أن يكون لهم مؤلف واحد فى الفقه أو التفسير، كما وقفت السلطة العثمانية ورجال الدين بالمرصاد لدخول المطبعة إلى العالم الإسلامى لمدة 3 قرون، مما ساهم فى سيطرة التخلف على المشهد.
ضد العقل
أعلن العثمانيون حروبهم على الفلسفة، فاحتلت كتب الغزالى مكانة أعلى من مكانة ابن رشد و»شجعت الدولة من مؤسسات وشيوخ وسلاطين على الخرافة، حيث كانت تنفر من الفلسفة، وتعاديها، ولا تُقيم للعقل وزناً»، وفق محمد عمارة فى كتاب «تيارات الفكر الإسلامى» الذى قال فيه إن «من أدلة محاربة العثمانيين للفلسفة هو احتفاؤهم بكتاب (تهافت الفلاسفة) للغزالى الذى حارب فيه العقل وقوانين المنطق والسببية، فحين صنف الكاتب التركى الشهير حاجى خليفة المتوفى عام 1657 موسوعته بعنوان (كشف الظنون عن أسامى الكتب والعلوم) خصص 132 سطراً لكتاب الغزالى، ولم يفرد لكتاب (تهافت التهافت) لابن رشد الذى ينتصر للفلسفة والعقل سطراً واحداً، وإنما ذكره فى حاشيته على كتاب الغزالى»..انتهت حرب العثمانيين على العقل بانتصار الشعوذة والممارسات المخالفة للدين، ولم تدخل الدول العربية عصر النهضة إلا بعد التخلص من الهيمنة التركية.
ففى منتصف القرن السادس عشر حرم العثمانيون على العرب المسلمين شرب القهوة وعاملوا من يقبلون عليها كالمجرمين وقطاع الطرق. وتفنن مشايخ السلطان فى مطاردة من يحتسى القهوة فقالوا إنه لا يجلس فى مجالس القهوة إلا أراذل الناس وأكدوا أنها مضرة بالصحة ومذهبة للعقل، وتحرض على إضاعة صلاة الفجر بسبب السهر والنوم فى وقت متأخر.. وأكد مشايخ الأتراك أن القهوة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة فى النار. خرج الناس فى الشوارع وقاموا بالعديد من أعمال الشغب كرد طبيعى على تلك الفتاوى الباطلة التى ساوت بين القهوة والخمور، ولم يكتف فقهاء السلطان بذلك بل اخترعوا أحاديثا نسبوها للرسول على شاكلة: «من شرب القهوة يحشر يوم القيامة، ووجهه أسود من أسافل أوانيها».
تجديد الاستبداد
حصلت الدول العربية على استقلالها لتبدأ مرحلة الازدهار وعودة مسار العلم والمعرفة والإبداع الفكرى إلى ما كان عليه، إلا أن الأوهام التركية التوسعية عادت مجددا إلى الظهور على يد حزب «العدالة والتنمية» بزعامة رجب إردوغان الذى وجد فى الإخوان المسلمين «حصان طروادة» لإعادة النعرة التركية المتعالية على العرب. حاول إردوغان - بواسطة الكتائب الإخوانية - تسويق نجاحات اقتصادية مزعومة، بهدف الدعوة إلى عودة الخلافة التى أجهز عليها الأتراك أنفسهم، فى الوقت الذى تتكشف فيه عورات إردوغان القمعية ضد خصومه وعدم احترامه للديموقراطية واعتقال أصحاب الآراء التى تقف ضد مشروعه الاستعمارى، إضافة إلى دعمه للإرهاب فى سورية وليبيا، ومناصرة الأعمال التخريبية فى الوطن العربى.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة