أحمد عباس
أحمد عباس


تساؤلات

بدرية بتسمع كاظم

أحمد عباس

الخميس، 20 فبراير 2020 - 06:52 م

- والست بدرية هى صديقة الأسرة، تأتى صديقتى بدرية كل أسبوعين أو ثلاثة أو على حسب التساهيل، وظروف الحالة الجوية، للمساعدة فى أعمال المنزل. بدرية فى منتصف الثلاثينيات من عمرها، تعمل باليومية لدى أحد المستوصفات الطبية البسيطة فى منطقة سكنها، مؤكد أنها من قاطنى منطقة عشوائية، أو شعبية، المهم أنها من سكان منطقة الهجانة، نواحى الكيلو 4.5، ولا ترتاح بدرية إلا أثناء الحكى معي، فى أى شيء مهم أو لا وجود له، المهم أنها تسلى نفسها خلال ساعات العمل فى بيتنا، أما أنا فلا أتردد فى الاستماع لها ومجاراتها قدر ما يحتمل رأسي..
المهم أن الست بدرية بعدما تنتهى من فقرة الحكايات، والحواديت، وبينما تروح وتجيء فى الأرجاء المحيطة، ولاتزال ساعات النهار بها ما يكفى لتبدأ بدرية فقرتها الفنية، ولأننى "سميييع" مثلما تقول بدرية، رغم أنها لم تشاركنى لحظة أثناء استماعى لأى أغنية، لكنها تثق بذوقي، على حد قولها، المهم أن بدرية اختارتنى لتشاركنى فقرتها الفنية، ودعت لى الفرصة لأختار الأغنيات التى ستسمعها هي، على أى من تطبيقات تشغيل الأغانى عبر الإنترنت، المهم أننى فى ادعاء واضح لا ينقصه ازدراء أو تعالٍ، وتماشيا مع الوضع الراهن، وحتى تُكمل الست بدرية عملها دون صداع أو رغي، اخترت لها إحدى أغانى المهرجانات من النوع "اللى مولع الدنيا"، حيث تقول الأغنية فى أحد جُملها التى فسرتها بالعافية، "غرقونى فى بحر بيرة، دوغرى سكة انتى الأميرة"، والتى والله العظيم تلاتة لا أعرف من يغنيها لكننى وجدتها بفضل عدد مرات التحميل والاستماع اللانهائية هى أحد أولى الخيارات، إلا أننى بعد ثوانٍ معدودات وجدت بدرية أمامى تقف زنهارا، مشمئزة الملامح، حتى حاجبيها ارتسما كأنهما رقم 7 بالمقلوب،

وبنبرة غير معتادة على الست بدرية فى حديثها معى سألتني: "ايه اللى بتتنيلو تسمعوه ده يا أستاذ أحمد"، إلى هنا والحقيقة أننى واجهت سؤالين لم أجد لأيهما إجابة، أولهما كان وما هى لازمة أستاذ أحمد، اذا كنت مع هؤلاء الذين "يتنيلو"، أما السؤال الثانى فكان وماذا تسمع الأخت بدرية حتى لا أعكر صفوها!

ولم تصمت بدرية عند هذا السؤال، واستطردت، أما صحيح معاهم حق بتوع المهرجانات دول، إذا كان حضرتك بتسمعهم، يبقى فاضل ايه!، وباحتقار شديد لم تستطيع بدرية إخفاءه، حدقت بى بنظرة لن أنساها،
وسألت: "بذمتك حضرتك فاهم حاجة من اللى بيتقال"، ولم أعرف أيضًا سبباً للقب حضرتك، اذا كان كل ما يتبعه لوم أو حالة قرف من ذوقى الذى بات مقززا بالنسبة للست بدرية.


لكن الآن حان دورى أنا لأسأل بدرية بنفس النبرة التى لم تخلو من استهزاء، وتهكم: "أمال يعنى انتى بتسمعى إيه يا بدورة، عرفينى ذوقك يا ستي"، إلى هُنا كان آخر حديثي، حتى أجابت بدرية بأنها من عشاق كاظم الساهر، وأنغام، وغيرهم من كبار الفنانين، والمطربين.


وللحق أيضًا أنها لقنتنى درساً لم يخلو من "التقطيم" واللوم، فى كيف نختار أغنياتنا، وذوقنا، وموسيقانا، وأفلامنا، وكل ما يجول برأس أى أحد من هؤلاء الذين ينظرون علينا ليل نهار، عن أثر هذا الهبوط الذى وصلنا إليه وخطورته، وأنا فقط أستمع لهذا الدرس بأدب، وكُلى قناعة بوجهة نظر بدرية، وقبل انتهاء الدرس، وبصوت غاضب قالت بدرية: "شغل لنا كاظم يا أستاذ أحمد، وياريت يا مستبدة"!.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة