نوال مصطفى
نوال مصطفى


يوميات الأخبار

أنـوار الأمـل

نوال مصطفى

الثلاثاء، 25 فبراير 2020 - 06:54 م

 

نجوم الحفل شخصيات لم نشاهد معظمهم من قبل فى وسائل الإعلام، لم يسعوا يوما إلى الإعلام ولا هو سعى إليهم بكل أسف !

أجواء خاصة جدا أعيشها، ليلة يحلق فيها الأمل، تسرى دفقات الحب، تتابع بقوة فى دوائر متداخلة بين الحضور. يتألق الإلهام، ويغمر التأثر الجميع، تلفنا حالة روحانية استثنائية ونحن نعيش أجواء الحدث الأكبر إنسانيا على مستوى العالم. ليلة صوفية بامتياز تطفو فوق أرجائها روحا عجيبة، غريبة فى حفل ليس كمثله حفل آخر.
نجوم الحفل شخصيات لم نشاهد معظمهم من قبل فى وسائل الإعلام، لم يسعوا يوما إلى الإعلام ولا هو سعى إليهم بكل أسف ! يقف كل منهم على المسرح لدقائق معدودة فى نطاق المسموح به من وقت الحفل ليتكلم عن مبادرته التى وصلت إلى مرحلة التصفية النهائية عبر عدة تصفيات، خمسة فقط من بين 92 ألف مشارك من أرجاء العالم، فى المسابقة الأكبر فى الوطن العربى «صناع الأمل». يسبق كلمة كل منهم فيديو قصير لمدة دقيقتين يحكى قصة سنين من عمره قضاها بحثا عن بشر يعيشون ظروفا صعبة، كيف ومتى قرر هو أو هى من تلقاء أنفسهم أن يكونوا ملائكة الخير والرحمة فى زمن قاسى، تملؤه الصراعات والتكالب على النفوذ والفلوس. وتشغل فيه معظم الناس توافه الأمور، وخزعبلات السوشيال ميديا التى تشوه العقول وتملأ النفوس بالكراهية والتمييز والسخرية من بنى البشر.
أبطال حقيقيون
فى الحفل الختامى لصناع الأمل 2020 مساء الخميس الماضى بمدينة دبى، يقف سمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، صاحب العديد من المبادرات المهمة وعلى رأسها مبادرة صناع الأمل على المسرح يقول فى كلمته : «صنّاع الأمل هم أبطال حقيقيون للعطاء ورموز ملهمون للعمل الخيرى والإنساني.. يأخذون زمام المبادرة فيعم خيرهم غيرهم، وصنّاع الأمل الذين يعملون من أجل مجتمعهم وأوطانهم ينتجون حراكاً مجتمعياً إيجابياً يدعم تحقيق التنمية واستعادة الثقة بالمستقبل فى العالم العربي».
يكمل كلامه : «تابعنا عشرات الآلاف من القصص الملهمة لصنّاع أمل عرب شكلوا منارات للأمل فى مجتمعاتهم بتفاؤلهم وإيجابياتهم. صناع الأمل أخلصوا فى خدمة الناس دون انتظار مردود أو مقابل، فكانوا قدوة لغيرهم ونموذجاً لمن حولهم فى كيفية تحويل التحديات إلى فرص. وهذا العام نخصص ريع الحفل الختامى لصناع الأمل لمشروع إنسانى عربى يحيى القلوب ويقدم العلاج بالمجّان هو مستشفى الدكتور مجدى يعقوب لجراحات قلب الأطفال. فأنا أرى أن رسالة صناع الأمل يحملها أبطاله فى الوطن العربى ليؤكدوا أن التفاؤل زاد المبدعين، والتقدم حليف الإيجابيين الذين يصنعون الفرص من التحديات وينيرون الطرق لغيرهم، ويبثون روح العمل فى كل ما يحيط بهم.
فالعالم العربى ملئ بمخزون لا ينضب من الطاقات والإمكانات والقدرات، وصنّاع الأمل من أبطال العطاء هم الوجه المشرق لهذه القدرات. لذلك أعتز بـ 92 ألف مشارك فى صنّاع الأمل من أبطال العطاء فى هذه الدورة وعشرات الآلاف كذلك الذين شاركوا فى الدورتين السابقتين.. هؤلاء الذين أصبحوا رموزاً عربية مميزة فى مجال العمل الخيرى والإنساني».
استقطبت دورة هذا العام مشاركة قياسية، أكثر من 92 ألف ترشيح لمبادرات مشاركة من 38 دولة؛ 15 منها عربية تصدرتها مصر، و23 أجنبية تقدمتها ألمانيا من حيث عدد الترشيحات التى غطت مختلف جوانب العمل الإنسانى والخيرى والتنموى والمجتمعي، سواء أكان أصحابها ينفذونها كأفراد أو كفرق تطوعية أو مؤسسات وجمعيات أهلية، بالاعتماد على مواردهم الشخصية أو على دعم محدود من خلال التبرعات المجتمعية.
يوم الخميس الماضى كان يوم التتويج لـ»صناع الأمل» فى دورته الثالثة، غرد الشيخ محمد بن راشد على حسابه الرسمى على «تويتر» قائلا: «كرمنا اليوم صناع الأمل فى دورته الثالثة... ألف مبروك للفائزين.. كما تم خلال الحفل جمع تبرعات تبلغ 360 مليون جنيه لمستشفى مجدى يعقوب الجديد للقلب فى القاهرة... صناعة الأمل هى الصناعة التى لا يخسر فيها أحد».
الشغف المذهل
فاز الإماراتى أحمد الفلاسى وعائلته بجائزة «صناع الأمل 2020» عن عمله الإنسانى فى مساعدة المحتاجين للعلاج، خصوصًا غسيل الكلى، الغريب إنه ذهب إلى مدينة مومباسا بكينيا، وزار أفقر مستشفى عام بها، المفترض أنه يخدم خمسة ملايين مواطن. رأى حال المستشفى يرثى له، السراير متهالكة، والاجهزة الطبية شحيحة، فقرر هو وزوجته وابنته تجهيز تلك المستشفى بأجهزة الغسيل الكلوى التى كانت قليلة جدا بالمستشفى ويموت بسبب ذلك من شخصين إلى ثلاثة يوميا. كرس صانع الأمل وقته وماله لمساعدة المصابين بالقصور والفشل الكلوي. قال فى كلمته أخذت مصاغ زوجتى ومدخرات أسرتي، وأنشأت بها مركزا لغسيل الكلى فى كينيا، فقد ساقنى القدر إلى هذا المكان لأرى ناسا فى حالة مأساوية تتمزق لها القلوب، فلم احتمل رؤيتهم يعانون بهذا الشكل، ساعدتنى زوجتى التى آمنت بنفس رسالتى فى الحياة وكذلك ابنتى فأصبحنا عائلة كاملة من صناع الأمل.
أسعد الناس من أسعدهم
أما الفائز الثانى فى مبادرة «صناع الأمل» 2020 فهو السعودى على الغامدى الملقب بـ «أبو الأيتام». وقف على المسرح وقال :إن صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد وقادتنا علمونا العطاء والإصرار عليه رغم ما يقابلنا من عقبات. عجزت فى بعض الفترات عن توفير مستلزمات بيتي، لكن زوجتى ساعدتنى على الاستمرار فى دعم الأيتام، فباعت ذهبها والأرض التى ورثتها من أبيها لتساعدنى بهما. «على» حرم من نعمة الأبوة فى شبابه، فقرر أن يذهب إلى البلاد الأفريقية الفقيرة وبالتحديد جزيرة فى أوغندا ويبحث عن الأيتام ويضعهم فى برنامج الأسر البديلة حتى يكبر وسط أسرة، بعيدا عن دور الأيتام التى تكرس داخلهم إحساس اليتم فى رأيه. الغريب أن زوجته حملت بعد شهور من كفالته ورعايته لأطفال فقراء، لكنه واصل مسيرته فى احتضان الأطفال الأيتام فى أفريقي، كفل سبعة آلاف يتيم على مدى 17 سنة، وأنشأ فى أوغندا 3 مدارس تعلم فيها 1200 طفل. على يؤمن بشعار جميل وهو «أسعد الناس من أسعدهم»
طبيب الفقراء
الفائز الثالث هو الدكتور المصرى مجاهد مصطفى الملقب بـ «طبيب الفقراء» فى محافظة بنى سويف. قال عند تسلمه جائزته إن مساعداته التعليمية وعلاجه المجانى للفقراء أو بمبلغ رمزى بسيط لم يزد عن عشرة جنيهات للكشف منذ تخرجه وحتى الآن،سوف يستمر لآخر يوم فى حياته، واختنق صوته بالتأثر وهو يروى قصته «لقد رأيت ثمرة جهدى على مدار 30 عامًا فى الأطفال الذين عالجتهم أو ساعدتهم ليتلقوا تعليمهم، أصبحوا الآن شبابًا، فى كافة التخصصات، كذلك كافئنى الله فى أبنائى السبعة الذين أصبحوا أطباء كلهم، ومنهم أساتذة فى الجامعة. وقد وعدونى بالاستمرار والسيرعلى خطاى وفلسفتى فى الحياة وهى عمل الخير والعطاء قبل كل شئ، كذلك الإيمان بأن الطب رسالة إنسانية قبل كل شئ.
ملاك على الأرض
الفائزالرابع هو الليبى محمد يزبك الذى تبنى قضية صعبة جدا ومرهقة نفسيا إلى أبعد حد، فقد تولى رعاية الأطفال المولدين بعيوب خطيرة جعلت أهاليهم يتخلون عنهم بقلوب متحجرة، ومشاعر متبلدة، ويرفضون استلامهم من المستشفيات بعد ولادتهم، أو ألقوا بهم فى الشارع أم مسجد أو كنيسة. محمد يزبك عبر عن مشاعره تجاه القضية التى نذر لها حياته بكلمات بسيطة، صادقة : «ابتسامة الأطفال الذين أرعاهم تبعث فى نفسى الأمل فى غد أفضل، وسأستمر فى دعمهم ورعايتهم طبيًا وتعليميًا طوال حياتى. صحيح إن بعضهم قد توفاه الله فى بيتى وحزنت جدا عليهم، ومازلت أزور قبورهم كأنهم أولادى، لكن هناك بعض الأطفال الذين عالجتهم كبروا الآن وأصبحوا أشخاصا شبه طبيعيين، أزورهم وأتابعهم حتى الآن.
الفلسطينى.. الأمريكى
الفائز الخامس هو ستيف سوسبى الملقب بالفلسطينى الأمريكى، اختار أن يعيش فى فلسطين لأنه أحب وتزوج فلسطينية، عاشا معا أكثر من 20 عاماً حتى توفت بمرض السرطان، قرر أن يحول ألمه العميق وخسارته إلى عمل إنسانى يهبه لروح زوجته الحبيبة، فأنشأ مستشفى فى غزة وأخرى فى الضفة الغربية لعلاج الأطفال من السرطان، وجلب أجهزة تعويضية من الولايات المتحدة لسد النقص الذى تعانيه المستشفيات فى فلسطين، حصل على الجنسية الفلسطينية وقرر أن يبقى فى البلد الذى أحبه.
 يقول: «رأيت المعاناة التى يعيشها أطفال وشعب فلسطين، وأخذت عهدا على نفسى أن أعيش مدافعا عن حقوقهم الإنسانية، وأن أطالب بضرورة تحقيق الحرية والسلام للشعب الفلسطيني».
وشاح الإمارات لمجدى يعقوب
أما الحدث الأكبر الذى أضاف إلى مبادرة «صناع الأمل» هذا العام ألقا خاصا فكان تبنى المبادرة لمشروع الدكتور مجدى يعقوب الجديد، الذى شهد تسابقا من الداعمين وتبرعات بمبالغ سخية للمشروع بلغت قيمتها 88 مليون درهم إماراتى، نصفهم مقدم من الشيخ حمدان محمد بن راشد، أى 44 مليون درهم إماراتى. وبهذا وصل التبرع إلى ما يساوى 360 مليون جنيه مصرى. كذلك خصص ريع الحفل الختامى لمبادرة «صناع الأمل» الذى شارك فيه عدد من الفنانين العرب لنفس المشروع، وهذا البعد الرائع فى دورة هذا العام يرسخ ثقافة العمل الإنسانى والخيرى فى الوطن العربي، ويوحد جهود العرب جميعا لدعم مشروع عربى ذى قيمة إنسانية مشتركة.  
كانت لحظة لقاء الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم بالبروفيسور مجدى يعقوب على المسرح استثنائية، قوية اهتزت لها قلوب الحضور، دار حوار بين رائدى وصانعى الأمل الكبيرين لمدة دقائق، توقعنا نحن الحضور أنها شحنات متوالية من الأمل تتدفق بينهما ووعود واثقة صادقة بدعم كامل للمشروع، ثم قلد حاكم دبى وشاح محمد بن راشد للعمل الإنسانى للدكتور مجدى يعقوب تقديرا وتكريما لتفانيه فى مشروعه الإنسانى النبيل لخدمة الإنسانية.
>> رحيل:
رحل الرئيس الأسبق محمد حسنى مبارك.. أحد أهم قادة حرب أكتوبر المجيدة.. قائد سلاح الطيران وصاحب الضربة الجوية التى مهدت الطريق لمعجزة العبور.. إنه الرجل الذى استعاد توازن سفينة الوطن بعد اغتيال الرئيس  السادات وحافظ علي وحدته الوطنية. الرئيس مبارك دفع فاتورة أخطائه كاملة فى سنواته الأخيرة والتي ربما لم يدفع مثلها رئيس آخر!
 رحم الله بطل حرب أكتوبر.

 

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة