أسامة عجاج
أسامة عجاج


فواصل

فى سلطنة عمان.. خريطة للمستقبل

أسامة عجاج

السبت، 29 فبراير 2020 - 11:12 م

إذا اعتبرنا أن بيان السلطان هيثم بن طارق آل سعيد سلطان عمان، فى العاشر من يناير الماضى، كان نعيًا وإعلانًا لوفاة المغفور له السلطان قابوس، فنحن بالفعل أمام الخطاب الأول، بيان يناير كان رسالة طمأنة للخارج ولكل دول العالم، التى اصابها بعض القلق، من تبعات غياب السلطان قابوس، بسياساته المستمرة خلال نصف قرن، والتى كانت جسرا للتواصل بين أطراف الأزمات والمشاكل، وكان الهدف هو التأكيد بان سياسة السلطنة الخارجية لن تتغير أو تتبدل، فهى نتاج ميراث طويل، مرتبط بالدور التاريخى والموقع الاستراتيجى للسلطنة، وهو ما أعاد السلطان هيثم التأكيد عليه، عندما أشار فى خطابه الأول على نفس الرسالة، بالقول «لقد عرف العالم عمان عبر تاريخها العريق والمشرف، كيانا حضاريا وفاعلا فى نماء المنطقة وازدهارها، واستتباب الأمن والسلام فيها، تتناوب الأجيال على اعلاء رايتها، وتحرص على ان تظل رسالة عمان للسلام، حاملة إرثًا عظيمًا وغايات سامية، تبنى ولا تهدم، وتقرب ولا تبعد، وهذا ما سنحرص على استمراره.
ومن خلال القراءة. المتأنية للخطاب الأول للسلطان هيثم منذ أيام، فيمكننا ان نكتشف انه موجه بالأساس للداخل، للشعب العماني، وهو بمثابة خريطة طريق للسلطنة فى عهدها الجديد، على كل الأصعدة، خاصة الاقتصادية، فهو دعوة للجميع للمشاركة فى صون مكتسبات النهضة المباركة التى شهدتها عقود السلطنة، وكذلك فى إكمال مسيرة البناء والتنمية، خاصة الشباب، باعتبارهم ثروة الأمم، ومواردها الذى لا ينضب، مع الحرص على الاستماع لهم، وتلمس احتياجاتهم وجاءت بنود وملامح خريطة الطريق العمانية، فى خطاب السلطان هيثم - وهو الحاكم الخامس عشر فى سلالة أسرة البوسعيدى - واضحة وضوح شمس اغسطس، وعناوينها الاهتمام بالتعليم، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة الجهاز الإداري، وتحديث منظومة التشريعات والقوانين، وتبسيط الإجراءات، وحوكمة الأداء، والنزاهة والمساءلة والمحاسبة، ومراجعة أعمال الشركات المملوكة للدولة، مع تطويرها ورفع كفاءتها، ودراسة آليات صنع القرار الحكومي، والحرص على توجيه الموارد المالية بشكل أمثل، بما يضمن خفض المديونية وزيادة الدخل، وتعزيز التنوع المالي، مع الاهتمام بقطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، وتدريب الشباب وتطوير الإطار الوطنى للتشغيل، واستيعاب اكبر قدر ممكن من الشباب، وتمكينهم من الانخراط فى سوق العمل٠
ضمانات وعوامل نجاح خريطة طريق سلطنة عمان التى أعلن عنها السلطان هيثم، عديدة ومتنوعة، أولها السلطان شخصيًا، حيث كان رئيس اللجنة الرئيسية التى تم تشكيلها فى ديسمبر من عام ٢٠١٣ لوضع الرؤية المستقبلية عُمان ٢٠٤٠، مع الإشراف على عمل لجان أخرى تضم اللجنة الفنية واللجان القطاعية، التى توزعت على محاور الرؤية، وركزت على استراتيجية التنويع فى عمان، من خلال تحويل اقتصاد الدولة، إلى خمسة قطاعات محورية هى السياحة، واللوجستيات، والتصنيع، وصيد الأسماك، والتعدين. كما تهدف أيضا إلى زيادة نسبة عمالة المواطنين العمانيين فى القطاع الخاص إلى ٤٢ بالمائة، بحلول نهاية الرؤية، وزيادة الاستثمارات الأجنبية إلى ١٠ بالمائة من الناتج المحلى الإجمالي، وتهدف الرؤية أيضا إلى مضاعفة الناتج المحلى الإجمالى للفرد الواحد، لكى يصل إلى معدل نمو يبلغ ٦%، ومن المتوقع أن تسهم القطاعات غير النفطية بنسبة ٩٣ % من الناتج المحلى الإجمالي، وثانيًا ان السلطان وقبل توليه المسئولية من المهتمين بالاستثمار، والبحث عن رؤوس الأموال، مما يعنى فتح المجال أمام المزيد من الاستثمارات الخارجية، لمواجهة الأزمات الاقتصادية، وتخفيض معدلات البطالة، نتيجة انخفاض أسعار النفط ثالثها ان الخريطة توافقت مع اعلان موازنة العام الحالى، قبل أيام من وفاة السلطان قابوس، والتى تمثل السنة الأخيرة من سنوات الخطة الخمسية التاسعة للتنمية ٢٠١٦ - ٢٠٢٠، والسنة الأخيرة من رؤية عمان ٢٠٢٠
 وبالتالى تأتى استكمالا لما بدأته ميزانيات سنوات الخطة، وتمهيدا للانتقال إلى العمل بالرؤية الجديدة ٢٠٤٠، والخطة الخمسية العاشرة ٢٠٢١- ٢٠٢٥ كأول خطة تنفيذية للرؤية الجديدة . خريطة الطريق التى أعلن عنها السلطان هيثم، هى ليست قطيعة مع الماضي، ولكنها جهد جديد للبناء حول المكتسبات التى تحققت خلال الحقب الخمس السابقة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة