صورة ارشيفية
صورة ارشيفية


«الفيروس الصيني» تهديد للنمو العالمي.. وخبراء: ينذر بخسائر وخيمة

أحمد زكريا

الثلاثاء، 03 مارس 2020 - 02:44 ص

مع استمرار تفشيه يبدو أن فيروس كورونا لم يكتف بحصد أرواح مئات البشر وإصابة الآلاف ولكن امتد أثره ليشمل الاقتصاد العالمى.

وفى ظل وضع استثنائى فرضه كورونا على العالم يمكن توقع حجم الخسائر الاقتصادية التى تهدد أعتى الاقتصاديات إذا علمنا أن الأوبئة تكلف الاقتصاد العالمى قرابة 60 مليار دولار سنويًا-وفقا لمؤشر تقدير المخاطر العالمى-وذلك فى الأعوام «العادية» التى لا تشهد انتشارًا لفيروس على نطاق واسع وإنما وجود أوبئة على نطاق «طبيعى».

ولكن دائما ما تأتى المحن وفى رحمها المنح التى يجب استثمارها وهو ما يؤكده خبراء الاقتصاد حيث يرون أن الفرصة مهيأة ويجب اغتنامها لتعظيم قدرات الإنتاج المحلى وخفض الاعتماد على الاستيراد.

بداية يوضح محسن عادل نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار الآثار الاقتصادية لفيروس كورونا على مصر حيث يقول إن هناك العديد من القنوات التى تؤدى إلى انتقال أثر هذه الأزمة إلى الاقتصاد المصرى، خاصة فى ظل ارتفاع درجة انكشاف الاقتصاد المصرى على الاقتصاد الصينى، حيث تأتى الصين كأهم شريك تجارى لمصر، سواء على مستوى السلع أو الخدمات وكذلك انتقالات رءوس الأموال.

وقال إن الواردات الصناعية ومستلزمات الإنتاج والسلع الوسيطة تمثل نحو 80٪ من حجم وارداتنا من الصين، ومن ثم هناك صعوبة فى ترشيدها أو إحلالها بالإنتاج المحلى على الأقل فى الأجل القصير، وأكد أنه بمرور الوقت وانخفاض المخزون من الخامات لدى المصانع والشركات يجب البحث عن أسواق بديلة ومن ثم قد تكون هذه فرصة سانحة للمنتج المحلى فى الإحلال محل الواردات.

وأكد عادل أن قطاع السياحة من أكثر القطاعات عرضة للتذبذبات وتأثرا بالصدمات، وقال إنه من المتوقع تفاقم أثر تراجع السياحة القادمة من شرق آسيا التى تعد من الأسواق السياحية الواعدة، كما يمتد الأثر السلبى إلى الخدمات المرتبطة بها كخطوط الطيران والفنادق والتجزئة، وتشغيل العمالة.

وأشار إلى أن مخاوف انتشار فيروس كورونا السريع وضعت ضغوطًا متزايدة على عملات الأسواق الناشئة، وهو ما دفع المستثمرين لطلب علاوة مخاطر أعلى، وقال إن وزارة المالية فى الغالب لا تقبلها فى ظل تحسن دينامكيات الاقتصاد، أضاف أن هذه المخاوف وصلت إلى الدولار الذى فقد بعض مكاسبه خشية تأثر الاقتصاد الأمريكى نفسه.

تفادي الآثار

ووضع نائب رئيس الجمعية المصرية للتمويل والاستثمار روشتة لتفادى الآثار السلبية المتوقعة تتضمن تنفيذ مجموعة من السياسات والحملات الإعلامية، وقال إن تأثير أزمة كورونا على مصر لن يظهر قبل النصف الثانى من شهر مارس الحالى إذا استمر توقف بعض المصانع الصينية، وعمل بعضها بصورة جزئية.

وشدد على ضرورة استغلال أزمة كورونا فى جذب الاستثمارات الأجنبية الباحثة عن سلاسل إمداد بديلة للصين، وأكد على ضرورة فحص الآثار الاقتصادية المحتملة حيث إن تفشى فيروس كورونا سيؤثر بالنهاية فى تدفق رأس المال ومستويات الأسعار، ما يؤثر فى كل من الشركات والأسر والتحوّل الاقتصادى ككل.

وأكد أن الضعف الاقتصادى فى مواجهة الصدمات الخارجية ينبع من التعرض الشديد لنشاط بلد واحد أو نشاط قطاعى واحد ومن ثم لابد من تنويع شركاء التصدير ومصادر التمويل خارج الصين. 

وقال إن مصر تحتاج عدة محفزات لاستقبال الاستثمارات الأجنبية فى القطاع الصناعى، نظراً لوجود عدة معوقات أبرزها ارتفاع نسبة المكون الأجنبى فى المنتج المحلى، بالإضافة إلى عدم تطور المصانع المصرية، مع ارتفاع التكلفة الإنتاجية التى تعد أحد أبرز معوقات الاستثمار الصناعى فى مصر بدءا من مرحلة تأسيس الشركات سواء الحصول على تراخيص أو تكلفة التأسيس، مروراً بمرحلة التشغيل وهى من أعلى مراحل التكاليف، بسبب الضرائب وتكلفة الطاقة والنقل والأيدى العاملة المدربة والأراضى.

كما تتضمن «روشتة» عادل ضرورة قيام البنك المركزى المصرى بتقديم تمويل منخفض التكلفة بالنسبة لشراء الآلات والمعدات الرأسمالية وتطوير وتحديث الطاقات الإنتاجية الحالية وتطويرها مع إعادة النظر فى القيود المفروضة على مساهمة البنوك فى رءوس أموال الشركات الجديدة الأمر الذى يحد من تنويع العملية التمويلية.

وتشمل قيام وزارة الصناعة بحصر حقيقى للطاقات الإنتاجية المعطلة فى القطاعات المختلفة وطرح برنامج متكامل للتشغيل وتطوير الطاقات الإنتاجية غير المستغلة وتحديثها من خلال اتفاقيات دولية لنقل التكنولوجيا بالتعاون على وجه الخصوص مع الصين وروسيا والاتحاد الأوربى وبتمويل ميسر وطويل الأجل من هذه الجهات.

وأكد عادل على ضرورة صياغة وتطبيق استراتيجية لتصنيع السلع الوسيطة محليًّا، وبالتالى الاعتماد على استيراد الخامات فحسب وتصنيعها محليًّا، والخامات بالطبع أقل تكلفة، ومن شأن نجاح مثل هذه الاستراتيجية فى السنوات العشر القادمة تنمية قطاع الصناعة، وخلق فرص عمل، وإتاحة فرص للنمو لدى القاعدة العريضة من المنشآت الصغيرة والمتوسطة التى يمكن أن تعمل فى مجال تغذية الصناعات النهائية، وفى الوقت نفسه تقلل من حجم الاعتمادعلى الواردات.

النمو العالمي

فيما ترى د.جيهان عبد السلام مدرس الاقتصاد بجامعة القاهرة أن سيناريوهات تداعيات الفيروس على الاقتصاد العالمى تعتمد على درجة تفاقمه وتفشيه، كما يتوقف أيضا على مدى ارتباط اقتصادات العالم بالاقتصاد الصينى فكلما زاد هذا الترابط زاد التأثير السلبى على اقتصاداتهم، ولكن سيكون التأثير الأهم للأزمة هو من خلال تراجع الطلب الصينى على عدد من السلع الأساسية وعلى رأسها النفط والمعادن.

وقالت إن تراجع الطلب الصينى على النفط سيقود بالضرورة إلى تراجع فى متوسط أسعاره ومن ثم التأثير فى حجم إيرادات الدول المصدِّرة وخاصة دول الخليج العربى، وعلى حجم نمو الاقتصاد العالمى ككل.

وأضافت أن تفشى الفيروس دفع العديد من الشركات العالمية العاملة داخل الصين إلى تعليق أنشطتها فى هذا البلد مما سوف يؤثر سلبا على أداء تلك الشركات العالمية وبالتالى تباطؤ فى النمو وانخفاض العملات الأجنبية المحولة إلى البلاد، كما أنه يعنى توقفا فى عجلة الإنتاج، والتأثير السلبى على حركة وتدفق التجارة العالمية.

يضاف إلى ذلك تأثر البورصات الآسيوية بالتراجع فى بورصة بكين، وقالت إن هذه الآثار السلبية ستنتقل إلى العديد من البورصات العالمية المرتبطة بتلك البورصات الآسيوية وهو ما أكدته وكالة بلومبرج العالمية التى توقعت دخول الاقتصاد العالمى فى حالة ركود حيث من المتوقع أن ينخفض معدل نمو الاقتصاد العالمى إلى 2٫8٪ بدلاً من 3٫1٪ وهو أقل معدل نمو منذ عام 2009، كما سوف يتراجع معدل النمو الصينى إلى 4٪ بدلاً من 5٫2٪ وهو أقل معدل نمو للصين منذ 1990.

وقالت إنه مع الأزمات تأتى الفرص، فأمام المصنعين والمصدريين المصريين فرصة للاقتناص خاصة مع تخفيف ضغط المنافسة مع المنتجات القادمة من الصين.

أوضحت أن المصنعين يمكنهم العمل على زيادة الانتاج لسد الفجوة فى السوق المحلى أو على مستوى التصدير والنفاذ لأسواق  جديدة.

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة