صورة أرشيفية
صورة أرشيفية


قصص وعبر| حكاية «شنب أم أحمد»

علاء عبدالعظيم

الأربعاء، 04 مارس 2020 - 08:19 م

الشنب ظل لعقود طويلة من الزمن عنوانا للرجولة والهيبة، وكان الرجل يحلف بشنبه ويلتزم بعهده مهما كلفه الأمر، ولم تكن تعلم أم أحمد ربة المنزل بأن حبها الشديد لزوجها ورفيق عمرها، الذي اعتادت أن تسير بجانبه تفتخر بشنبه، ونظرات النساء له وإعجابهن، وسعادتها البالغة وهى تصف شنب زوجها مع جيرانها، قائلة "يقف عليه الصقر"، وملامحه التي تنم عن الرجولة والخشونة، واثقا من نفسه، وجادًا في الحياة.

السطور التالية تروي واقعة حقيقية حدثت بأحد الأحياء الشعبية الشهيرة، وتظهر أن أحيانا يكون الواقع أغرب من الخيال.

انتفضت أم أحمد من فوق مقعدها، تتعاظم الدهشة على وجهها عندما وقعت عيناها على زوجها الذي يخفي وجهه بيديه ينظر إليها نظرات حزن، بعدما قام بحلق شنبه، تتملكه حالة من الحزن كما لو كان فقد رجولته، متوجها إلى غرفة نومه دون أن ينطق بكلمة واحدة، هرولت وراءه مسرعة تربت بيدها على كتفه، تحاول استرضاءه ومعرفة ما به، بعدما أخبرها بأنه سيعتكف في المنزل ولن يبرح مكانه لحين أن ينبت ويكبر شاربه مرة أخرى، حيث أصيب بمرض جلدي "ثعلبة" شوهت ملامحه فلم يجد حلا إلا أن يقوم بحلاقته، وسيطرت عليه حالة نفسية سيئة، حاولت أن تصطحبه للذهاب إلى أحد الأطباء لكنه رفض بشدة خشية نظرات الأصدقاء له وترقية البعض منهم، حيث اختلفت ملامحه تماما، وباءت كل محاولاتها معه بالفشل.

تملكتها حالة من الحزن لما يمر به زوجها وانفراده بنفسه داخل غرفة نومه، ورفضه مقابلة أي شخص، وكأنه يهرب من جريمة ارتكبها، جلست تدق رأسها الأفكار لإيجاد حل تسعد به زوجها، وما أن اختمرت الفكرة في ذهنها انتظرت حتى غط في نوم عميق، وبخطوات وئيدة كالسلحفاة، تسللت خلسة إلى غرفة نومه وأمسكت بهاتفها المحمول والتقطت له عدة صور، وتوجهت إلى أحد الأطباء تعرض عليه إصابة زوجها، ابتسم الطبيب وأخبرها بأنها حالة عارضة وسوف يقدم لها العلاج المناسب.

سارت أم أحمد تتملكها سعادة بالغة معتقدة بأنها سوف تخرج زوجها من حالته النفسية، يجول بخاطرها ملامحه التي اعتادت أن تراه حيث الشنب الكثيف، وعيناه السوداوين، وخطواته أثناء سيره بجوارها التي تحمل الثقة بالنفس والاعتزاز بشنبه الذي فقده، لكن حدث ما لم يحمد عقباه عندما قدمت له الدواء، بعد أن روت له فعلتها وتصويره وهو نائم، فما كان منه إلا أن اشتاط غيظا وحنقا، وقام بنهرها وسبها، ونشبت بينهما مشادة كلامية كادت أن تصل بالاعتداء عليها بالضرب، واتهمها بالخيانة، وتجمع الجيران على بكائها ونحيبها، وتوجه البعض منهم إلى الطبيب الذي أكد عن مدى حبها لزوجها وقلقها عليه بسبب سوء حالته النفسية، غير أنها قامت بدفع الفيزيتا نظير استشارته، وإصرارها أن يصف لها أفضل العلاجات التي تنبت الشنب في أسرع وقت لعلاج زوجها، وسرعة خروجه من عزلته.

تدخل الأهل والأقارب في محاولة لتهدئة الأمور بعد أن أثبتوا حسن نيتها وحبها له بعد عشرة عمر دامت أكثر من ٣٠ عاما، ونجحوا في إثناء الزوج عن قراره بتطليقها، بينما وقفت أم أحمد بعين مغرورقة بالدموع ونظرات عتاب وبلسان حال تقول"كده دي آخرة حبي ليك وعشرتي، تشك فيا" حتى أفاقت على زغاريد جاراتها، وتم التصالح بينهما على وعد بعدم إقدامها على فعل شيء دون مشورته أو موافقته.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة