د. محمود عطية
د. محمود عطية


من باب العتب

نساء المهرجانات

د.محمود عطية

الخميس، 05 مارس 2020 - 06:43 م

قوة أى دولة وعصرنتها تتبدى فى بنيتها التحتية.. والطبقة الدنيا من الشعوب هى البنية التحتية لأى دولة تريد إقامة مجتمع حديث وعصرى.. ودعائم وقوة الطبقة الدنيا التحتية تكمن فى مجموع الأفكار والمفاهيم التى تسود بينها وتحركها.. ويتبدى جانب عظيم من أفكارها ومفاهيمها فيما تغنيه، وأغانى المهرجانات هى نتاج صافٍ لتلك البنية التحتية الشعبية.


 وحين نستمع إليها رغما عنا زاعقة عبر التكاتك والميكروباصات ومحلات العصير والأحياء الشعبية وأفراحها وفى بعض أفراح الطبقة العليا.. لا نملك سوى أن نذهل ونتساءل من أى جب عميق رجعت وانبثقت تلك الأغانى بكلماتها؟!.. كيف عادت بعد عصور التقدم والتمدن وسنوات النهضة؟! وهى أغان تحمل أفكارا تجهد رقى وتحديث المجتمع وتجنح به وتشده بكل غباء نحو القاع والشذوذ واللا معنى..!


ونندهش كيف تفوقت أغانى المهرجانات على الفتاوى النسائية لبعض السلفيين من جواز مفاخذة الصغيرة ومضاجعة الوداع وإرضاع الكبير وما شابه ذلك.. فنساء أغانى المهرجانات مباحة للجميع فالأخ يتعدى على أخته بكل أريحية والأب على ابنته والزوج يروج لزوجته والحبيبة يتم التحرش بها دون خجل ويفاخرون بعرض ملابسها الداخلية وبأنها ساقطة.. ويجرى الغناء على أن المرأة لا تستأهل غير الحديث عنها باحتقار وازدراء ومتعة وفرجة للجميع..!


ألا يبدو ما يتغنى به فى المهرجانات يخرج من نطاق حرية الإبداع كما يدعى البعض إلى حرية هدم جدار الأخلاقيات وإلقاء الفن الغنائى فى مجرور الجنس الشاذ ووصم جبين المجتمع بأخلاقيات عشوائية تطفح بجميع الأمراض النفسية والعقلية.. سبحان الله من أين استمد مغنو المهرجانات نظرتهم للمرأة ووصفها بكل هذه الأوصاف المفرطة فى الرذيلة والقبح والدونية.. وكيف تجرءوا على مواجهة المجتمع بكل تلك الأوصاف التى يعاقب عليها القانون والضمير الإنسانى الذى تم بناؤه عبر آلاف السنين وصنع الحضارة الراقية التى لم يتورعوا عن محاولة جعل أخلاقياتنا «ع المحارة»..!


الشعور المفجع بخيبة الأمل والحسرة أصابنى حين استمعت للعديد من أغانى المهرجانات وما تحمله من أوصاف للمرأة وحكايات تهز الضمير وتقتل فينا الحياة وتودع الشرف وترحب بالرذيلة فى أبشع صورها ويرقص عليها البعض بموسيقى تجعلك كأنك ضارب عدة أنواع من المخدرات.


فى الوقت الذى تصمت فيه المراكز البحثية عن دراسة ما يحدث فى البنية التحتية للشعب.. ولا يتساءل مثقفو الأمة ما الظرف الاجتماعى والنفسى والاقتصادى الذى أوصل القاع وغلابة الأرض لهذا النوع من التردى وهم دائما ما كانوا يوصفون بأنهم الطبقة المحافظة على التدين ولو شكلانىا ولم يكن يجرؤ أحدهم على التحدث فى زنى المحارم فما بالك بالمفاخرة به والتغنى به..!


هل تأثر مغنو المهرجانات بالأفكار السلفية ورؤيتها للنساء وبأنها ألعوبة الشيطان ومكمن الغواية وهى التى مهدت الطريق للنار ومخرجة آدم من الجنة.. من الممكن ذلك.. لكنهم تفوقوا على أشد السلفيين تشددا لنظرتهم للمرأة الأم والأخت والابنة والزوجة.. الأم التى أوصى بها رسولنا الكريم  وبجَّلها فى العديد من أحاديثه.. هل نسينا أم هناك أسباب بيننا تسمح بذلك؟!.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة