محمد السعدني
محمد السعدني


فى الفكر والسياسة

أزمة سد النهضة: رؤية الأحزاب والخبراء

محمد السعدني

الخميس، 05 مارس 2020 - 06:48 م

لعل الرسالة الخالدة لأقدم دولة عرفها التاريخ، قامت بالأساس للحفاظ على حدود مصر وجغرافيتها، وتنظيم تدفقات النهر الخالد وتصريف أعمال الرى وتنظيم الزراعة والعمران والحضارة حول ضفافة، ما دفع هيرودوت المؤرخ الإغريقى اليونانى ليطلق من مقدونيا القديمة مقولته الشهيرة «مصر هبة النيل».  وإذا كانت إثيوبيا ترى فى مياه النيل هدفاً للتنمية، فلا ينبغى أن تتعامى عن أنه بالنسبة لمصر قضية حياة أو موت.
والتعنت الإثيوبى والتسويف والمماطلة والضرب بالقانون الدولى والمعاهدات الدولية بشأن استخدامات الأنهار فى غير أغراض الملاحة وتجاوز الحقوق التاريخة المصرية والسودانية فى مياه النيل كدول مصب، كلها أعمال صبغت التصرفات الإثيوبية على مدار المفاوضات التى استمرت لأكثر من سبع سنوات، وصولاً لتنصلها من التوقيع على ماتوصلت إليه جلسات المفاوضات الأخيرة فى واشنطون وإصرارها على العودة إلى المربع صفر، ولم يعد مقبولاً أن يستخدم النظام الحاكم فى إثيوبيا الإضرار الجسيم بالمصالح المصرية فى ورقة الانتخابات الداخلية، ولقد مارست مصر سياسة ضبط النفس والصبر الطويل وتقديم حسن النوايا،  ما يمهد لمصر أمام العالم أن تضع كل الخيارات على الطاولة. من هنا جاء تأكيد وزارتى الخارجية والموارد المائية والرى المصريتين، رفضهما التام لما ورد فى البيان الإثيوبى من إشارة إلى اعتزام إثيوبيا المضى فى ملء خزان سد النهضة، على التوازى مع الأعمال الإنشائية للسد، وهو ما ينطوى على مخالفة صريحة للقانون والأعراف الدولية وكذلك لاتفاق إعلان المبادئ المبرم فى ٢٣ مارس ٢٠١٥ والذى نص فى المادة الخامسة على ضرورة الاتفاق على قواعد ملء وتشغيل السد قبل البدء فى الملء، وهو الاتفاق الذى وقعته إثيوبيا ويفرض عليها الالتزام باجراءات محددة لتأكيد عدم الإضرار بدول المصب.
وفى اجتماع عقده ممثلو عدد من الأحزاب بحضور الخبراء ونواب برلمانيون وأساتذة الجامعات والقانونيون وقيادات عمالية دولية وإعلاميين وباحثين، قدم الحاضرون رؤيتهم لمبادرات لازمة ومحاور حركة عاجلة، تلخصت فى نقاط محددة: أولها أن هذا الاجتماع لا يتوجه بالنقاش لمسار المفاوضات السابقة وماذا كان يتوجب عمله، بقدر إعلان استعدادنا للمشاركة الإيجابية والشعبية مع الحكومة فى تحديد ومساندة اختيار المسارات المستقبلية انطلاقا من دورنا الوطنى. ثانيها دعوة كل الأحزاب السياسية موالاة ومعارضة وكل القوى الوطنية والشعبية للمشاركة فى تجييش كل القدرات والتحركات محلياً ودولياً على كل المسارات القانونية والبرلمانية ومخاطبة المنظمات الدولية، الإتحاد الأفريقى ومجلس الأمن والسفراء الأجانب داخل مصر، وسفاراتنا فى الخارج لتحذير المجتمع الدولى من كافة المخاطر المحتملة نتيجة تعنت إثيوبيا ومخالفتها للقانون الدولى، والتوجه للاتحاد الأوروبى للتدخل المباشر بقوة بناء على مخرجات واشنطن، ليكون شريكا ومساندا لمصر فى قضيتها العادلة من حيث حقها التاريخى فى مياه النيل شريان الحياة للمصريين وبما يحفظ الاستقرار فى المنطقة والعالم، فأى قلاقل أوعدم استقرار فى مصر سيؤدى إلى طوفان من الهجرة غير الشرعية لأوروبا، ومصر كان لها دور كبير حتى الآن فى إيقاف الهجرة غير الشرعية وحفظ الاستقرار فى المنطقة خصوصاً أنها تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين، وأن تمهد الإدارة المصرية لدور أكبر للمجتمع المدنى وقوى مصر الناعمة بأداء دورها المؤثر داخل وخارج مصر كورقة ضغط.
وفى هذا ما يؤكد إصطفاف كل القوى المصرية والوطنية أمام ما يفرض على الوطن من تحديات.

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة