غادة أنور درويش
غادة أنور درويش


كل يوم

هل فقدنا النخوة؟

بوابة أخبار اليوم

الأحد، 08 مارس 2020 - 05:28 م

أصبحنا نفيق من فترة لأخرى وتزامناً مع كل عيد أو مناسبة عامة على حادثٍ من حوادث التحرش.. ثم نشاهد المجتمع وهو ينقسم ما بين مهاجم ومؤيد.. مهاجم للمرأة التى عليها اللوم كل اللوم على أى شيء تفعله أو أى ملبس ترتديه حتى لو كان الحبَرة واليشمك (فكفى بالمرأة إثماً أن تخرج من بيتها).
ومؤيد للرجل صاحب كل الأعذار والمبررات.. فكيف للرجل أن يسيطر على ذلك الوحش الكاسر الذى بداخله أمام تلك المفاتن التى تستفز رجولته وغرائزه؟
ونسينا أن المرأة هى الضحية وهى المجنى عليه وقررنا أن نحولها إلى جانٍ بلا رحمة أو تمييز فأصبحنا فى مجتمع يقلب الحقائق ويبرر الخطأ للرجال وينهال بالسوط على المرأة ظالمة أو مظلومة.
أين ذهب العقل الذى ميّز الله به الإنسان وكرّمه وفضله عن سائر المخلوقات؟
أين ذهبت تعاليم أدياننا التى أنزلها الله ليهذب بها المجتمعات ويخرجها من ظلمات التخلف والجاهلية لأنوار الوعى والعلم والإيمان؟ أين ذهبت أعرافنا التى كانت تحث على الشهامة والنخوة والرجولة؟ أإلى هذا الحد أصبحت أعراضنا مستباحة؟
أكاد أجزم أن لكل متحرش ولكل مؤيد له زوجة أو أخت أو أم تعرضت للتحرش ولكنها تخشى البوح بذلك خوفاً من العقوبة التى فرضت عليها منذ نعومة أظافرها.
ألم تكن كل فتاة فى زمن ليس ببعيد تتمتع بالحماية من كل رجل فى مجتمعها الصغير ولا يجرؤ أى من كان أن يتعرض لها وإلا فالويل له من رجالات الحى؟
ألم يكن فى الأجيال السابقة لكل شاب يتجرأ أن يتحرش بفتاة بالقول أو بالفعل أن يسير حليق الشعر بين أقرانه ليكون عبرة لمن تسوّل له نفسه أن يكرر تلك الفعلة الشنعاء؟ فمن أمن العقاب أساء الأدب.
فقد عدت بذاكرتى للوراء فتذكرت حين كنت فى المرحلة الإعدادية وتعرضت للمضايقة من طالب بالمدرسة المجاورة فما كان من طلاب تلك المدرسة إلا أن التفوا حوله وأنزلوا عليه شديد العقاب إيماناً منهم أن كل زميلة فى المدرسة المجاورة هى فى نفس مكانة الجارة والأخت.. أين نحن من ذلك الآن؟
لقد أصبحنا للأسف فى مجتمع يعانى الخلل بفعل فاعل.. نعم بفعل فاعل أراد متعمداً بث المفاهيم الخاطئة والمختلة بيننا.. أصبح مجتمعنا يناصر الظالم ويعاقب المظلوم.. يبرر الخطأ ويهدم القيم.. فقد أوشكنا على العودة للجاهلية الأولى ولم يعد ينقصنا سوى وأد البنات توّ ولادتهن لكى تكتمل الصورة البشعة..
فنحن نعيش فترة من التردى والانحدار الأخلاقى ونحتاج لصرخة مدوية تنسف الخلل الذى تغلغل بداخلنا وتعيد لنا التوازن المجتمعى الذى افتقدناه وتعيد لنا الثقة فى أنفسنا وفيمن حولنا.. نحتاج تلك الصرخة رأفة بنا وبأبنائنا وبالأجيال القادمة.. نحتاجها لكى نثبت للعالم أجمع أن الخير مازال فينا وأننا مازلنا فى رباط إلى يوم الدين.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة