أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

عتاب للأشقاء

د. أسامة السعيد

الإثنين، 09 مارس 2020 - 07:17 م

لا أحتاج إلى الحديث عن عمق العلاقات التاريخية والإنسانية التى تربط بين أشقاء وادى النيل فى مصر والسودان، بل أظننى هنا لا أتحدث عن شعبين، بل عن شعب واحد فى دولتين، وربما لولا تدخلات قوى الاستعمار لبقينا دولة واحدة. ولعل أواصر الصلة العميقة، والمحبة الصافية، لا تحول بين عتاب يجيش فى صدور ملايين المصريين، ويبدو لازما للحفاظ على نقاء العلاقة مع السودان الشقيق، فعلى مدى عقود ماضية دخلت العلاقة بين البلدين - على الأقل على المستوى الرسمي- منحنيات متعرجة، تراوحت بين التوتر والود، ووصلت ذروتها فى مواقف صادمة من جانب نظام البشير بإيواء عناصر إرهابية على أراضيه، وبث نوازع الشقاق مع مصر، على عكس ما تمتلئ به قلوب الأشقاء السودانيين من محبة وتقدير لأرض الكنانة التى ارتبطوا بها وجدانيا وثقافيا قبل أن يترجموا ذلك فى مصاهرات عائلية، حتى باتت لدينا عائلات كبيرة تضرب بجذورها فى أرض وادى النيل جنوبا وشمالا.. ومن محاولة لاغتيال الرئيس الراحل حسنى مبارك فى أديس أبابا عام ١٩٩٥ بتدبير وتدريب على الأراضى السودانية، إلى توفير الملاذ الآمن لعناصر جماعة «الإخوان» وتهريب العديد منهم إلى دول أخرى، وصولا إلى منح جزيرة «سواكن» لإردوغان ليقيم عليها قاعدة عسكرية فى البحر الأحمر، كانت كلها طعنات فى ظهر العلاقة بين الخرطوم والقاهرة.
ومع تغير النظام، ورغم أن مصر أبت التدخل فى الشأن الداخلى السوداني، لكن الموقف فُهم خطأ، وتجلى ذلك فى التحية الحارة لإثيوبيا فى مقابل الاستقبال الفاتر لذكر اسم مصر يوم توقيع الوثيقة الدستورية بين المجلس العسكرى الانتقالى وقوى الحرية والتغيير.
كل ذلك يمكن تجاوزه باعتباره صفحة مطوية من صفحات التاريخ، لكن أن ينحاز السودان للموقف الإثيوبى المشبوه فى سد النهضة، ونجد من المواقف الرسمية وغير الرسمية ما يدعم التهديد الإثيوبى لحياة المصريين، فأعتقد أن الأمر أخطر من أن نصمت عليه، أو نتعامل معه باعتباره أزمة طارئة، فهذه طعنة لن تنسى، ومقامرة بإرث من المحبة والأخوة عمرها آلاف السنين، وإذا كانت خلافات الحكومات يطويها الزمن، ويمحوها تبدل الأحوال، فإن جراح الشعوب لا تندمل بسهولة، ولا تُنسى سريعا.

 

 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة