د. أحمد عفيفى
د. أحمد عفيفى


شجون جامعية

التحول إلى التميز

أحمد عفيفي

الأربعاء، 11 مارس 2020 - 06:42 م

منذ تسعينيات القرن الماضى، استطاعت جامعاتنا المصرية أن تحتضن «مراكز» لها خصوصيتها الرائعة وهويتها المتميزة وشخصيتها الاعتبارية ذات الصلة المباشرة بالخدمة المجتمعية وصاحبة للخبرة التطبيقية والاستشارات الضرورية علمياً وأكاديمياً، هى الوحدات ذات الطابع الخاص. وكان لجامعة القاهرة، قصب السبق فى انتهاج سياسة إنشاء وإقامة تلك «المراكز» التى أصبحت وبحق مصدراً مهماً وبوابة رئيسية لزيادة الموارد الذاتية التى تغذى ما يسمى «بالصناديق الخاصة».
وبعيداً عن تقييم هذه التجربة الرائدة التى استمرت على مدار سنوات فإن «مركز الحد من المخاطر البيئية»، «مركز دراسات علوم الفضاء» و»مركز التقييم العقارى والبناء» بجامعة القاهرة تقف على رأس هذه القائمة الحافلة بالتخصصات شديدة الالتصاق بمشاكل المجتمع.
تحتل هذه «المراكز» مقدمة مقاعد قطار التقدم والنمو «كبيوت خبرة» حقيقية جادة بما تضمه من أحدث الأجهزة العلمية والمعدات والآلات المعملية إلى جانب النخبة المختارة من أصحاب العقول والفكر الذين يستخدمون مستحدثات العصر ومستجدات التكنولوجيا. إن معاينة المشهد تفضى إلى تملك هذه «المراكز» مقومات البنية التحتية والقواسم الأكاديمية المشتركة التى تؤهلها لأن يكون كل منها «مركز تميز» بسبيله أن يتحول لاحقاً إلى «نواة» لمؤسسة أكاديمية جامعية حقيقية ترتبط الدراسة فيها ارتباطاً عضوياً بحاجة المجتمع وشئونه وخدمة البيئة وأوجاعها.
وعندما ننظر للمستقبل بعين الخيال، فإن الإمكانيات التى تفخر بها هذه «المراكز» والأسلوب الاحترافى المتبع فى إدارتها ولائحتها الخاصة واستقلاليتها المالية ومردودها الثرى على اقتصاديات التنمية البشرية وإعداد وتأهيل وتدريب الأطر والكوادر تعد بالفعل عناصر «تميز» مطلوبة وبإلحاح لدفع عجلة التنمية إلى الأمام إذا ما تطورت رسالتها وتجاوزت رؤيتها المدى القصير، وعبرت إلى المدى البعيد لتصير معاهد أكاديمية لها سمعتها اللامعة وصيتها الذائع فى تخصصها المباشر والتخصصات المعاونة، على غرار ما تم حديثاً بجامعة القاهرة من إنشاء «مركز التميز العلمى فى العلوم الزراعية» بشراكة مع «جامعة كورنيل» الأمريكية.
إنها معاهد «الأمل» ومؤسسات «الحلم» التى تستطيع أن تجد لها مكاناً تحت شمس التنافسية العالمية التى يشتعل لهيبها يوماً بعد يوم بسلاح «التميز» الذى تمتلكه. فهى لن تقدم للمجتمع أصحاب شهادات ورقية ليس لهم دور فاعل أو داعم للتنمية - على اتساع متطلباتها - ولكن سيتخرج فيها من لهم خبرات تطبيقية وقدرات خلاقة وطاقات مبدعة تغير ملامح الأمة التى تعانى احتقاناً دائماً وآلاماً متكررة فى منظومة التعليم التقليدى. وعندئذ سنمتلك نظاماً تعليمياً فذا وفريداً يثقف الشعب ويعطيه الحجة للأفضلية ويقرر لنا الحلول الفورية للمشاكل الطارئة والأساليب الصحيحة لإدارة الأزمات الفجائية حتى نستعيد مكانتنا اللائقة وقيمتنا التاريخية العظيمة.
> أستاذ بعلوم القاهرة

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة