رفعت رشاد
رفعت رشاد


يوميات الأخبار

صحافة سوهاج

رفعت رشاد

الأربعاء، 11 مارس 2020 - 06:52 م

 

بعد أن نُشِرَ للسيد ولى أول خبرين قمنا فى محاضرة ليلية بالجامعة بتقديم المشروبات لزملاء الدفعة الذين أسعدهم وأعجبهم الأمر وباتوا ينظرون إلينا باعتبارنا رواداً فى اقتحام العمل الصحفى الحقيقى.

 نعيش فى المؤسسات الصحفية القومية هذه الأيام أجواء انتخابات الجمعيات العمومية ومجالس الإدارات فى ظل قانون تنظيم الصحافة الجديد. قد توجد ملاحظات عديدة على مدى ديمقراطية هذه الانتخابات، لكنى أراها أهم طريقة لتجديد النخبة المشاركة فى إدارة المؤسسات من خلال إعمال إرادة العاملين أنفسهم فى هذه المؤسسات، فإذا كان المالك أو الدولة أو الهيئة الوطنية للصحافة الموكلة من الدولة بإدارة هذه المؤسسات تعين غالبية القيادات من رؤساء مجالس إدارات المؤسسات ورؤساء التحرير وغيرهم، فإن العاملين ينتخبون ممثليهم داخل نخبة قيادات المؤسسات بإرادتهم، لذلك أرى الانتخابات فعلا مهما لإعمال إرادة أصحاب المصلحة الأوائل وهم العاملون بالمؤسسات القومية.


وقد لفت انتباهى فى الانتخابات التى جرت فى عدد من المؤسسات حتى الآن وجود فائزين على مقاعد الصحفيين فى مجالس الإدارة من بين خريجى قسم الصحافة بسوهاج بنسبة ملحوظة، فى الأهرام فاز إسماعيل العوامى، وفى أخبار اليوم فاز جمال حسين وأنا، وفى المعارف فاز أحمد النوومى، وفى عضوية الجمعيات العمومية فاز هانى موسى بدار الهلال. أنعشت هذه الأحداث ذاكرتى عن مسيرة طويلة منذ التحقت للدراسة بقسم الصحافة فى جامعة سوهاج. بداية الثمانينات كانت الخطوة الأولى فى رحلة استمرت ما يقرب من أربعين عاما فى عالم الصحافة. كان العمل صحفيا حلما يسيطر عليً. وجهت كل جهدى لتحقيق هذا الحلم. كان قسم الصحافة بجامعة سوهاج الأول فى أقسام الصحافة فى المحافظات. كان إنشاء القسم حلما أيضا لدى مجموعة من الأساتذة المتخصصين وصار وسيلة لتحقيق أحلام شباب كثيرين تمنوا أن يكونوا من حملة الأقلام.


صوت سوهاج


أتذكر فى أيامى الأولى أن علمت بوجود جريدة محلية «صوت سوهاج» تصدر عن المجلس المحلى للمحافظة. الراعى لإصدار الجريدة الدكتور أحمد عبد العال الدردير وكان رئيسا للمجلس المحلى. صارت صوت سوهاج بوتقة تنصهر فيها طاقات وإبداعات طلاب قسم الصحافة بالجامعة. كان الزملاء من الدفعات التى تسبقنا يشرفون على الصفحات بالجريدة. خلال إحدى المحاضرات همس زميل اسمه السيد الشريف، بأن هناك مقابلة فى جريدة صوت سوهاج لنا معاً للعمل بالجريدة. فرحتى بدعوة السيد كانت كبيرة وبالفعل عملت بالجريدة. عملى بالجريدة كسر حواجز الرهبة من التعامل باحتراف وقوة مع المصادر الصحفية. بعد أن نُشِرَ للسيد ولى أول خبرين قمنا فى محاضرة ليلية بالجامعة بتقديم المشروبات لزملاء الدفعة الذين أسعدهم وأعجبهم الأمر وباتوا ينظرون إلينا باعتبارنا روادا فى اقتحام العمل الصحفى الحقيقى. للأسف لم يعمل السيد الشريف فى مجال الصحافة رغم أنه كان واعدا ومن المؤكد أنه كان سيحقق خطوات كبيرة فى هذا المجال. كانت جريدة صوت سوهاج قناتنا التى ساعدتنا على اكتساب خبرة الممارسة المهنية الحقيقية قبل أن نتخرج ونذهب للعمل فى الصحف الكبيرة. ساعدتنا على اختصار زمن طويل فى التعلم والتعرف على فنيات مهنة الصحافة. كان لدى القائمين على إصدارها ورعايتها رؤية ثاقبة لأهمية دورها بالنسبة للمحافظة وللقسم وطلابه.


كانت الجريدة تطبع فى مؤسسة الأهرام العريقة ويرأس تحريرها الأستاذ محمود فايد المخرج الفنى المتميز. خلال طباعة الجريدة كنا كطلاب نتسابق للمشاركة فى عملية تجهيزها وطباعتها وكان الأستاذ فايد راعيا لنا يعلمنا أسرار المهنة وفى مكتبه التقينا بزملاء كبار سبقونا للعمل بالصحافة فصرنا نعتبر أنفسنا صحفيين حقيقيين ونفاخر بخبرتنا أمام زملائنا فى قسم الصحافة بعد عودتنا من القاهرة.


تميز خريجى صحافة سوهاج


زملاء آخرون لم ينخرطوا فى عالم الصحافة واتجهوا إلى عوالم مهنية أخرى فحققوا فيها نجاحا. أحدهم عبد الناصر عبد القوى اتجه للعمل بالتدريس وصار الآن صاحب سنتر كبير افتتحه فى عمارته التى يملكها فى منطقة فيصل بالجيزة، وآخرون عملوا بمجال المقاولات فصاروا من أصحاب الملايين. لقد نجح خريجو قسم الصحافة بسوهاج فى مجالات مختلفة للعمل أهمها بالطبع ما حلموا بتحقيقه فى مهنتنا الجميلة الصحافة فصار منهم رؤساء التحرير وكبار الكتاب والشعراء. النجاح فى الحياة لا يقتصر على مهنة دون أخرى، لكن يحقق النجاح من يملك العزيمة والإرادة والرؤية لتخطيط مساره فى الحياة.


صابر حارص


من أوائل الذين أعتز بهم من خريجى قسم الصحافة بسوهاج الدكتور صابر حارص. كان الدكتور صابر طالبا مجتهدا متفوقا لذلك كانت الجامعة تميزه فى المعاملة والإقامة. لما جاءته فرصة التعيين كمعيد سلك طريق البحث العلمى والتدريس بالجامعة وهو دائم التواصل مع زملائه وتلاميذه.


مؤخرا قابلته فوجدته متأثرا بمشكلة أسرة أصيب أطفالها بمرض نادر. رزقت الأسرة بثلاثة توائم بلغ عمرهم السابعة لكنهم حتى الآن لا يتكلمون. ولد محمد ومحمود وأحمد بحالة جيدة فى إحدى مدن محافظة سوهاج. بعد فرحة كبيرة لعائلتهم اكتشفت العائلة أن الأبناء لا ينطقون. عجز الأطباء عن معرفة السبب. هم يمارسون تفاصيل حياتهم الأخرى بشكل طبيعى، يأكلون، يشربون، ينامون بشكل طبيعى بل هم يسمعون ويلهون كما الأطفال لكنهم لا ينطقون. يسيطر الألم والحزن على الأسرة التى أنفقت كل مليم لديها فى محاولة علاجهم. جولات البحث عن علاج فى المراكز المتخصصة أظهرت الحاجة الماسة للعلاج الدوائى والسلوكى فى نفس الوقت فى مراكز ذات إمكانيات عالية. وهذه المراكز لا توجد إلا فى دول أوروبا أو الخليج العربى.


ترك لى الدكتور صابر بيانات الأسرة وصور الملائكة الصغار الذين تحولت فرحة الأهل بهم إلى حزن كبير على مصيرهم. أدعو كل قادر على توصيل مأساة التوائم الثلاثة لكل من يستطيع مساعدتهم.


أحمد مصطفى


ارتباطا بأجواء الانتخابات والمؤسسات القومية، فاز على مقعد العمال بمؤسسة أخبار اليوم منذ أيام زميلى الشاب أحمد مصطفى معوض. وقد سعدت بفوزه بعدما حقق الفوز من قبل فى ثلاث دورات تبلغ 15 عاما. فى الدورة الأولى التى فاز فيها أحمد مصطفى كان عمره 29 عاما ولم يكن حقق الفوز فى أى انتخابات من قبل، ومنذ ذلك الوقت يشغل أحمد مصطفى مقعدا من اثنين مخصصين للعمال بأخبار اليوم. قصة أحمد مصطفى تستحق أن نتوقف عندها ونستخرج منها عظات، فهو عامل بسيط ابن عامل بسيط لكن كان لديه حلم أن يكون عضو مجلس الإدارة بمؤسسته، لم يحلم بغير ذلك، لهذا نجد أحمد راضيا عن كل تفاصيل حياته سعيدا بين زملائه العمال الذين يحبونه ويضعونه فى المركز الأول بين الفائزين فى كل الدورات التى فاز فيها. يعيش أحمد حياة زملائه بكل تفاصيلها حتى فى اختياره ملابسه، فهو واعٍ لمكانه ودوره، لا يترك زملاءه فى المسرات أو المضرات. يعطى أحمد مصطفى المثل لمن يخدم زملاءه وفى نفس الوقت لا يهمل التخطيط المنهجى للانتخابات التى ربما يعتقد البعض أنها عفوية أو يستخدم فيها الإجبار أو الترغيب بالوعود أو العطايا، يعمل أحمد مصطفى كمن يخوض الانتخابات كل يوم لذلك لا يلهث عندما يحل موعد الانتخابات. قصة أحمد مصطفى رمزية تصلح لتكون نموذجا لشباب آخرين لديهم طموح أو حلم يسعون لتحقيقه. لقد زاملت أحمد مصطفى فى مجلس إدارة أخبار اليوم لمدة 15 عاما، وكان من أهم سماته احترام الأكبر سنا منه وبذل الجهد للتعلم فكانت خبرته تصقل يوما بعد يوم. وكلما جرت انتخابات كان الزملاء العمال المرشحون يتنافسون على مقعد واحد، بينما يكون أحمد مصطفى قد شغل المقعد الأول قبل أن تجرى الانتخابات.


آمال عثمان


أقدر كثيرا أصحاب الإرادة القوية الذين لا تلين عزيمتهم أمام صعاب الحياة. من هؤلاء المناضلين ضد تصاريف الزمن وتقلبات الظروف آمال عثمان رئيسة تحرير مجلة أخبار النجوم سابقا. التحقت آمال بقطار الصحافة بعد أن أمضت فترة تعمل مسئول الإعلام فى هيئة الآثار لكنها أصرت على تحقيق حلمها وسعت لتعويض ما فاتها من سنين فضاعفت جهدها وزادت من سرعة خطواتها فى ماراثون المهنة لتستقر فى سن شابة على مقعد رئيسة تحرير المجلة الشابة الواعدة أخبار النجوم. بعد أحداث 25 يناير 2011 خرجت آمال من منصبها. لم أكن أعرفها عن قرب خلال وجودها كرئيسة للتحرير وكنت فى فترة مواكبة رئيسا لتحرير مجلة آخر ساعة، لكن زادت علاقتنا قربا بعد أن تركنا رئاسة التحرير بسبب مشاكل حدثت للزملاء الذين تركوا مواقعهم وكنت كعضو بمجلس الإدارة مسئولا عن التخفيف عن الآثار السلبية التى تعرضوا لها. خلال هذه الفترة زادت علاقتنا قوة فصارحتنى بأنها لم تكن ترتاح لشخصى، لأن أولاد الحلال كانوا يعطونها صورة سلبية عنى، فقلت لها إننى كنت أكن لها نفس الشعور، ومنذ ذلك الوقت صارت آمال صديقة لى خاصة بعدما لمست مدى قوة إرادتها وعزيمتها الصلبة التى دفعتها لعدم الارتكان للماضى والعيش كرئيسة تحرير سابقة. درست آمال ماجيستير ودكتوراه إدارة المؤسسات الإعلامية وبادرت بالعمل فى مجال التدريس لكنها لم تترك الصحافة أو النقد الفنى فهى كاتبة بأخبار اليوم وتشارك فى الفعاليات الفنية والمهرجانات السينمائية. ومؤخرا أصدرت آمال كتابا عن كاتبنا الجميل إحسان عبد القدوس، تقول آمال: عشقت روايات إحسان كبنات جيلى تذوقنا فيها طعم الرومانسية وأعجبنى فيه شخصية المقاتل العنيد فى حياته ومسيرته المهنية. الكتاب مرجع للمعجبين بالكاتب الكبير ومتعة للقارئين.


علاء عبد الهادى


تتسم شخصية صديقى الكاتب الصحفى علاء عبد الهادى بالهدوء، صوته وملامحه تؤكدان هدوءه. فى نفس الوقت داخل شخصيته بركان طاقة يتحرك فى كل الاتجاهات، فى العمل كصحفى، فى كتابة المقالات، فى تأليف الكتب.. إلخ. أصدر علاء رفيق رحلة مهنة البحث عن المتاعب العديد من الكتب أهدانى آخرها وهو «تأشيرة سفر»، كتب فيه عن بعض رحلاته للخارج وذكرياته وصحبته خلال تلك الزيارات. يتنقل بنا علاء من خلال كتابه إلى عوالم يشركنا معه فى العيش فيها ويشركنا فى مشاعره التى تنبض بين السطور فلا نملك إلا أن نصاحبه استمتاعا حتى آخر حرف يختتم به مؤلفه الجديد.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة