صورة موضوعية
صورة موضوعية


قصص وعبر| جريمة لا تغتفر

علاء عبدالعظيم

الخميس، 12 مارس 2020 - 07:00 م

أحبها لدرجة العشق حتى نسي اسمه، يقضي الليل ويموت قهرا على غيابها، ويتوعد بنسيانها، وحين تجتمع عينه بعينها ينسى كل شئ، ويلقي بنفسه في بحر العشق، ولم يكن يعلم بأنه نهرا من الدماء، وحفر قبرها أسفل ماكينة الخياطة.


توطدت العلاقة بين الترزي وعشيقته، وشريكته أيضا في العمل، حتى أصبح قلبه عقيما بدونها لا ينجب حبا لأحد غيرها، وتغير كل شيء في الأكوان، وتوقفت الأرض عن دورانها، وانكسرت عقارب الأزمان، وأصبح النهر مالحا، والبحر عذبا، ينتظر لقاءها بلهفة، وأثناء اللقاء يبدو وكأنه يوم ولادته، يقضي معها أسعد أيام حياته، بعدما حفرت ونقشت اسمها في عقله وروحه.

 

كانت كل ثانية تمر تقترب أكثر من نقطة النهاية، بعدما تردد على سمعه عن علاقتها بأحد الأشخاص، وكأن شيئا مجهولا يجثم على صدره، ويضغط على قلبه ليعصره، تنذرف دموعه تطفئ لهيب أحزانه، وتخفف من آلامه من هول الصدمة، يجول بخاطره نغمات صوتها تتراقص بين ذرات ألمه وحزنه، وأصبح عشقه لها معصية وذنب لا يقدر أن يخفيه.


وفي آخر لقاء بينهما، اتهمها بالخيانة، ونشبت بينهما مشادة كلامية، نهرته فيها، وطعنته في كرامته، وشعر بأنها أحرقت كل الجسور، وفي لمح البصر انقض عليها كالأسد المجروح، معتقدا خيانتها وإهدار كرامته بأنه جريمة لا تغتفر بعد كل هذا الحب، وسدد لها عدة طعنات بالبطن والصدر، انفجرت على إثرها الدماء، وسقطت على الأرض تئن أنينا خافتا لا يتجاوز صدرها.


اشتد خوفه، وشعر بالحمى تجتاحه، تتضاعف دقات قلبه، وتملكته رجفة تمزق أحشاؤه، وظل بجوار جثتها يطمئن نفسه ويشجعها، تدق الأفكار السوداء رأسه للهرب من جريمته، وهداه شيطانه إلى حيلة معتقدا بأنها ستخفي جريمته، فقام بشطر جسدها نصفين، ووضعها داخل أكياس سوداء، وحفر قبرها أسفل ماكينة الخياطة التي يعمل عليها، وقام بصب كمية من الأسمنت عليها لإخفاء ومنع الرائحة.


وبعد مرور يومين تقدمت أم الفتاة ببلاغ يفيد عن تغيب ابنتها التي خرجت ولم تعد إلى المنزل، وعلى الفور تم تشكيل فريق بحث مكثف وعمل تحريات أفادت بأن الفتاة مطلقة، وترتبط بعلاقة غير شرعية بالترزي، وأنها كانت تتردد على المحل الخاص به لوجود شراكة بينهما مقابل أرباح لها.

 

وبالاستعلام عن النطاق الجغرافي لهاتف الفتاة المحمول يوم اختفاءها تبين دخولها محل الترزي ولم تخرج منه، وباستدعائه، ومحاصرته بالأسئلة وتضييق الخناق عليه انهار واعترف بجريمته قائلا: "أنا قتلتها، وقطعتها، ودفنتها أسفل ماكينة الخياطة، بعدما نشبت بيننا مشادة كلامية، ومطالبتها لي بالنقود بصفة دائمة، وعايرتني بفضح أمر علاقتنا، وعدم استمرارها معي، بعد أن أحببتها لدرجة العشق.


وبتقنين الإجراءات تم استخراج جثة الفتاة، وعرضها على الطب الشرعي، وقررت نيابة حوادث شمال الجيزة إحالة الترزي العاشق إلى محكمة جنايات العجوزة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة