الكاتب الصحفي عمرو الخياط
الكاتب الصحفي عمرو الخياط


عمرو الخياط يكتب: في مواجــهة الاضطــرابات الجــوية

عمرو الخياط

الجمعة، 13 مارس 2020 - 09:41 م

تنبأت الدولة مبكرا بالاضطرابات الجوية القادمة فسارعت باتخاذ إجراءاتها الوقائية والاحترازية، لم يكن الهدف هو تحقيق المستحيل بمنعها بل إدارة الممكن بتحجيم الخطر وترويض آثار هذه الظاهرة الطبيعية التي لا يمكن لأي دولة منعها.

كانت الاستراتيجية المصرية واضحة ترتكز على تقليل احتمالات التعرض للخطر فتواجدت بكامل جهازها الإدارى فى المسافة التى حالت بين وصول الضرر إلى المواطن المستهدف، وحسمت الدولة أمرها لتعلن التعطيل الرسمى للعمل بينما تواجد فى الشوارع المعنيون بأمر المواجهة فى المرافق الحيوية من الشرطة والإسعاف والإطفاء وفرق الإنقاذ والمياه والصرف الصحى.

وبينما منح المواطن المصري فرصة التواجد فى منزله كإجازة مدفوعة الأجر كان رئيس الوزراء يقود خلية عمل لتقليل آثار التقلبات الجوية على المواطن المصري.

لم تكن الإجازة الممنوحة إجراء  سلبيا بقدر ما كانت خطوة إيجابية أبرزت قدرة الدولة على حسم أمورها لحماية مواطنيها، كما أبرزت ما يفرضه القدر على بعض الفئات من تقديم التضحية كخدمة عامة لفئات المواطنين الذين حصلوا على إجازتهم المدفوعة بينما نفس الموظف المتساوى معه فى درجة المواطنة نزل لخدمته فى ظروف وأجواء عمل لا يقدر مقابلها بثمن.

مواجهة الأزمة ظهرت الدولة بكامل مسئوليها ومسئوليتها فحاصرتها حصارا نفسيا مبكرا ومنعت أسباب الغضب التى كانت ستتراكم من جراء الكارثة المرورية التي كانت ستتحقق لو أن الدولة أخطأت فى تقدير استباقيتها.

برز فى مقدمة المشهد رجال وزارة الداخلية الذين وثقت كاميرات المواطنين مواقفهم فى التعامل مع الأزمة لتقديم خدمة استثنائية للمواطن فى ظرف استثنائي بالغ التعقيد، أظهر العمق الإنساني لهذه الوظيفة التى طالما ووجهت بحملات الجلد الإعلامي والحقوقي.

وإلى جوار الأداء الأمني لاحتواء الآثار البالغة ظهرت فى الشارع الفرق المكلفة من مختلف المحافظات لمواجهة سيول المياه المتدفقة، وفِى الوقت الذي كانت الدولة قد سمحت بإجازة احترازية لجهازها الإداري فإن خلية عمل إدارية انتشرت فى ربوع الدولة ليس لها وظيفة إلا إنقاذ المواطن الذي اضطرته الظروف إلى النزول للشارع ليجد أيادي الدولة قد سبقته إليها.

وبينما كانت الدولة تقف على أرضية توحد مؤسسى فى مواجهة الاضطرابات الجوية كان التنظيم الإخوانى وحواريوه وأتباعه وأنصاره يتربصون لمواجهة الدولة المصرية للهجوم عليها بزعم فشلها فى إدارة حياة المصريين.

يكن التنظيم وخدامه معنيين بصالح المصريين بقدر عنايتهم بتعرضه للألم من أجل المتاجرة بهذا الألم لإهدار الصورة الذهنية فى وجدان المصري.

وفِى الوقت الذى كانت تمر فيه ساعات اليوم لتحكم الدولة سيطرتها على الأزمة ساعة بعد ساعة، كانت الروح المعنوية الشيطانية لخلايا الإخوان الإلكترونية تخور قواها بعدما فقدت ما تقتات عليه من آلام ومتاعب المصريين.

تفسير عموم المشهد تجد لغة حوار وتواصل رفيعة قد أحدثت انسجاما ظاهرا ما بين الدولة ومواطنها الذى وضع ثقته الكاملة فيها فحرصت على أن تكون محلا كاملا لهذه الثقة.

وعلى مدار اللحظة كان الإعلام المصرى على قدر الحدث إخباريا ناقلا لكل التفاصيل ومتواصلا مع المواطن لينقل صوته إلى المسئولين من أجل وضعهم أمام مسئوليات جديدة، لتظهر هنا حالة مؤسسية جديدة يمارسها إعلام مسئول ينقل إلى عاتق مؤسسات الدولة واجبات جديدة عليها أن تواجهها بشكل فورى.

خلق المصريون من تفاصيل المحنة منحة جديدة جسدت توحدا قوميا حول فكرة الدولة المسئولة التى تصر على أن تكون عند حُسن ظن مواطنها.

وكلما كانت الأمطار تتدفق كانت ممارسة الدولة لمسئولياتها تتدفق أيضا حول المواطن الذى وضع ثقته الكاملة فى مؤسساته الرسمية.

أعماق الأزمة ظهرت دولة ٣٠ يونيو من جديد لتقول إن التوحد حول الوطن هو هدف استراتيجى لا ينبغى الانحراف عنه أبدا.
 

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة