الرسم بالبكتيريا.. فن الصدفة يحول عالم أحياء لفنان 
الرسم بالبكتيريا.. فن الصدفة يحول عالم أحياء لفنان 


حكايات| الرسم بالبكتيريا.. فن الصدفة يحول عالم أحياء لفنان مشهور

منةالله يوسف

الإثنين، 16 مارس 2020 - 06:32 م

في أحد أيام عام 1928، عاد عالم اسكتلندي من السفر بعد قضاء إجازة مع عائلته، وعندما وصل إلى المنزل دخل مختبره ليطمئن على أبحاثه وتجاربه لكن مكافأة كانت في انتظاره.

 

وقف العالم ألكسندر فلمنج في أحد زوايا المختبر يلملم أذيال الخيبة؛ إذ لاحظ انتشار ملوث فطري على إحدى تجاربه في «طبق الآجار»، وهو عبارة عن علبة زجاجية صغيرة يستعملها علماء الأحياء لاستنبات الخلايا والبكتيريا والفطريات.

 

 

لم يتجاهل عالم الأحياء هذا التلوث ولم يصنفه «إزعاج مختبر شائع» مثلما يفعل زملاؤه؛ بل دفعه فضوله إلى الاقتراب من ذاك القالب الذي تجمعت حوله البكتيريا الملوثة والعُفن ليتفحصها، فعثر على بكتيريا تذوب حول الفطريات في المزرعة التي أعدها في مختبره فأطلق عليها اسم «البنسيلين» أي العقار المستخلص من العفونة، ومن أهم مميزاتها أنها تشبه الألوان ويتغير لونها تلقائيًا وتتأثر بالهواء والضوء.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| أقبح امرأة في العالم.. ملاك الرحمة «ماري أن بيفان»


 
ويبدو أن «فلمنج» قد عاد في الوقت المناسب، حيث مهدت الصدفة والمراقبة الدقيقة الطريق له لاكتشاف «فن الرسم بالبكتيريا». 


رغم أن العلوم والفنون لا يلتقيان في الغالب، فكل منهما يشق طريقه بعيدًا عن الآخر ولكن استطاع عالم النباتات والأحياء «فلمنج» أن يصبح همزة الوصل بين تلك العالمين ليخرج منهما كل ما يسُر العين بلوحات عالمية تم رسمها بواسطة البكتيريا. 

 

إبداع هذا العالم وذكاؤه البصري جعلا منه باحثاً دقيقاً يترقب وينتظر التلوث البكتيري بفارغ الصبر ليرسم به لوحات فنية، كما كان ألكسندر شغوفًا بالرسم منذ نعومة أظافره، فظل طوال حياته المهنية يستمتع بدمج تقنيات الرسام ومهارته في علم الأحياء في تطوير «فن الآجار» في مختبره.

 

اقرأ للمحررة أيضًا| وجدوه يبكي بحرقة.. انتفاضة أهل المرج لإنقاذ حصان من الاكتئاب

 

وبدلاً من استخدام الألوان المائية على القماش، كان «فلمنج» يرسم بالميكروبات الملونة على «أطباق بتري» لتنمو الميكروبات من حبر مخفي غير مرئي إلى الأغشية الحيوية التي تعبر عن الأصباغ الحيوية بعد بضعة أيام، مما يخلق روائع ميكروبية ولوحات فنية رائعة.

 

 

قضى العالم الاسكتلندي معظم أوقاته بين جدران مختبره رافعًا شعار «يجد المرء أحيانًا ما لا يبحث عنه أبدًا»، فأطلق العنان لخياله وبدأ يرسم العديد من اللوحات على رأسها راقصة الباليه المطلية، والمنازل بأشكالها والجنود والأمهات اللاتي يطعمن أطفالهن، والأشكال العصبية القتالية وغيرها من المشاهد باستخدام البكتيريا، وأنتج هذه اللوحات عن طريق زراعة الميكروبات بأصباغ طبيعية مختلفة في الأماكن التي أراد فيها ألوانًا مختلفة. 

 

وبطريقة سحرية للرسم أخذ عالم الأحياء يملأ «طبق بتري مع آجار»، وهو مادة تشبه الجيلاتين، ثم يستخدم أداة مختبر تسمى حلقة لتلقيح أقسام الطبق بأنواع مختلفة، ورغم صعوبة تلك اللوحات الفنية، كان ألكسندر يبحث عن الميكروبات ذات الصبغات المختلفة حتى يضفي لمسات فنية وجمالية للرسومات. 

 

 

اقرأ للمحررة أيضًا| «البدينات لن يدخلن الجنة».. مصير مفجع لآخر ساخر من النساء 

 


بعدها، بدأ العلماء والباحثون يحاكون تجربة ألكسندر ليعبروا عن قمة التناغم بين الفنون التشكيلية والعلوم الحيوية، ويعتمدون على البكتيريا كأدوات فنية بدلًا من استخدام الفرشاة والألوان ويوظفون البكتريا والفطريات لإنتاج لوحات ذات لمسات خاصة. 

 

أصبح فن الرسم بالبكتيريا مصدرًا للشغف للعديد من طلاب وعلماء الأحياء، باستخدام الفطريات والبكتيريا في إنتاج لوحات ذات طابع فني خاص، كما فتحت المسابقات العالمية ذراعيها لاستقبال لوحات البكتيريا مقابل مبالغ مالية للفائزين، ليثبوا للعالم بأجمعه أن الرسوم والعلوم وجهان لعملة واحدة.

الكلمات الدالة

 

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة