عبدالقادر شهيب
عبدالقادر شهيب


شىء من الأمل

ماذا لو ظهرت كورونا عام ٢٠١١ ؟!

‬عبدالقادر شهيب

الإثنين، 16 مارس 2020 - 06:50 م

كثيرة وغزيرة أخبار كورونا هذه الأيام تأتينا من كل مكان بعد ان انتشر بشدة وبشكل متسارع الفيروس خارج الصين وجعل الدول والحكومات تتسابق فى اتخاذ إجراءات عزل واسعة جماعية للناس ووقف الأنشطة الكبيرة والصغيرة، الأمر الذى بدأت آثاره تظهر بشدة على الاقتصاد العالمى، تجارة واستثمارا وسياحة ونقلا وأسواقا مالية، ودفع ذلك إلى الدخول فى سباق لاكتشاف علاج ومصل لهذا الفيروس الذى صار وباء عالميا بعد أن سيطرت الصين مصدر ظهوره الأول،عليه، بل والدخول فى سباق آخر لاستحواذ هذا العلاج والمصل واحتكاره للتربح منه !
لكن رغم ان كل اخبار كورونا مثيرة، سواء التى تكشف حالة الهلع والفزع العالمى من هذا الفيروس، او التى تتباهى بشفاء مسنين منه مع أن الفيروس أخطر عليهم.. رغم ذلك دعونا نتوقف قليلا عن متابعة هذه الأخبار المثيرة ونعمل الخيال بعض الوقت فى الأمر كله.. ولا أقصد بذلك أن نتخيل أمورا غير حقيقية ونروجها كما يفعل البعض الآن على غرار ما روجه البعض مؤخرا ويتهم فيه الصين بأنها اخترعت الفيروس ونشرته من أجل السيطرة على شركات التكنولوجيا الأكبر فى العالم !.. وإنما نتخيل ظهور هذا الفيروس فى وقت آخر غير وقتنا الحالى، وتحديدا فى سنة أخرى غير عامنا هذا (٢٠٢٠)، الذى بدأ البعض يشعر بثقله مبكرا !
تعالوا نتخيل لو أن فيروس كورونا ظهر فى يناير ٢٠١١ بدلا من يناير ٢٠٢٠.. هل كانت الأحداث التى شهدتها منطقتنا والتى اطلق عليها الأمريكان وصف الربيع العربى قد حدثت كما عشناها، وأفضت إلى حدوث تغييرات سياسية واسعة فى العديد من بلدان منطقتنا، مازالت شعوبنا متاثرة بها ؟!.. أم أن هذا الفيروس الوباء الذى بسببه تعيش العديد من الشعوب فى حالة عزل كاملة بموافقتها واختيارها ورضاها خوفا من هذا الوباء العالمى الجديد كان سيغير مسار هذه الأحداث ؟!
انظروا حولكم واسألوا انفسكم أين هى الحركات الاحتجاجية القوية التى شهدتها عدة بلاد عربية قبل ظهور الفيروس مثل لبنان والعراق والجزائر ؟!.. وأيضاً أين هى الحركة الاحتجاجية الفرنسية المعروفة باحتجاجات اصحاب القمصان الصفر ؟!.. لقد تراجعت كل هذه الحركات الاحتجاجية الشعبية حتى انحسرت وتوقفت.. لم نعد نسمع فى لبنان من يردد شعار ( كلن يعنى كلن ) الشهير.. ولم نعد ايضا نشاهد الإصرار على الاعتصام والتظاهر فى العراق فى مواجهة قوى الأمن والجماعات المسلحة.. ولم تعد المظاهرات الأسبوعية عادة جزائرية كما تعودنا عليها خلال عدة أشهر مضت.. وافتقدت ايضا مظاهرات أصحاب القمصان الصفر زخمها، وجرت الانتخابات البلدية فى فرنسا فى يوم الاحتجاجات الأسبوعى.. بل ان بعض قادة القمصان الصفر فى فرنسا مؤخرا،خرجوا يطالبون بوقف هده الاحتجاجات ليس فقط لأن اخبار الفيروس طغت على اخبار الاحتجاجات، وإنما خوفا من ان تنشر الاحتجاجات الفيروس بين المشاركين فيها !
لقد قبل الناس طوعا أو حتى مكرهين ان يفرض عليهم العزل الجماعى وأن يلزموا منازلهم لا يغادرونها إلا للضرورة، بل وألا يجتمع اكثر من خمسة منهم معا خوفا من الإصابة بهذا الفيروس الذى لأنه مستجد كما اعتدنا على وصفه انتشر بين الناس انتشار النار فى الهشيم مستغلا عدم وجود علاج له.. ولو ظهر هذا الفيروس لحدث ذلك العزل الجماعى فى كل البلاد العربية التى شهدت انتفاضات واحتجاجات شعبية تطالب بالتغيير السياسى.. أى لتغيرت تماما النتائج التى أفضت إليها هذه الاحتجاجات ولما حدثت هذه التغييرات.. أو لكان حال هذه البلاد الان مختلفا عن حالها الان.. هذا بالطبع احتمال لا يمكن استبعاده ولا يمكن بالطبع تأكيده.. لكن ما يمكننا أن نستنتجه على أرض الواقع وليس فى فضاء الخيال أن كل حدث سياسى فى اى مكان بالكرة الارضية هو نتيجة مجموعة من الظروف المختلفة تضافرت لتصنع هذا الحدث، ويمكن أن يكون من بين هذه الظروف مجرد فيروس مستجد لم يكشف العلماء كل أسراره بعد رغم انه صار وباء عالميا طبقا لما أعلنته منظمة الصحة العالمية !

الكلمات الدالة

 
 
 
 
 
 
 
 
 

مشاركة