أسامة السعيد
أسامة السعيد


خارج النص

«استعدوا لوداع أحبائكم»

أسامة السعيد

الإثنين، 16 مارس 2020 - 06:55 م

 

لا صوت فى العالم الآن يعلو على صوت وباء «كورونا»، الجميع خائفون، الدول غنيها وفقيرها فى حالة هلع.. لم تنجح تقنيات الدول المتقدمة فى وقف تسلل العدو الخفى إليها، ولم تفلح تضرعات الدول الفقيرة كى يترفق بها الفيروس القاتل. أزمة هائلة تدعو إلى تأمل الكثير من جوانبها ومعانيها، وربما سيقدر لمن يبقون على قيد الحياة بعد انتهاء ذلك الكابوس أن يتحدثوا ويكتبوا عن عالم ما قبل كورونا، وذلك العالم الذى سيبقى بعد انتهاء الوباء. وفى تلك اللحظة القاسية ليس أمامنا فى مصر سوى طريقين، طريق السلامة وآخر للندامة، تجربة الصين أو مآساة إيطاليا، فى الأولى أخذ شعبها الأزمة على محمل الجد، تحمل بشجاعة والتزام الإجراءات الصارمة التى قررتها حكومتهم، عانوا كثيرا لكنهم فى النهاية استطاعوا محاصرة الخطر والسيطرة على الوباء.
أما جيراننا الإيطاليون على الضفة الأخرى من المتوسط، فقد أخذوا الأمر باستخفاف، تركوا عاداتهم الاجتماعية وسلوكياتهم اليومية تقودهم إلى حافة الهاوية، وبعدما كان عدد الحالات المكتشفة يوميا يُعد على الأصابع صار فى أيام معدودة بالآلاف، واضطرت حكومتهم إلى إغلاق البلاد بالكامل، وتحويل الدولة كلها إلى حجر صحى مغلق.
ولا أخفيكم سرا أن ردود الفعل المستخفة بالأزمة لدى قطاعات واسعة منا، وتلك البلادة لدى البعض فى التعامل مع التحذيرات، وهذا التهاون الخطير فى اتخاذ إجراءات الوقاية يصيبنى بخوف عميق من أن يختار شعبنا السيناريو الإيطالي، صحيح أن الهلع غير مطلوب، لكن أيضا الاستهتار آخر ما نحتاجه اليوم.
«استعدوا لوداع أحبائكم».. كلمة قاسية حاول رئيس الوزراء البريطانى بوريس جونسون أن يرفع بها درجة الحذر بين أبناء شعبه، وأراها جرسا حقيقيا لا بد أن يدوى دائما فى أسماعنا وعقولنا، فتهاوننا لن يقتلنا وحدنا، لكنه قد يصيب أحب الناس إلينا، أمهاتنا وآبائنا، أزواجنا وأبنائنا.
تذكر عبارة «استعدوا لوداع أحبائكم» كلما شعرت بتراخٍ فى تطبيق إجراءت الحماية، صحيح أنه لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا، لكننا أيضا مطالبون بالأخذ بالأسباب، وأن نعقلها ونتوكل.

الكلمات الدالة

مشاركه الخبر :

 
 
 
 
 
 
 
 
 

 
 
 

 
 
 

مشاركة